2021/02/18
معدن نادر أغلى من الذهب يجعل السيارات عرضة للسرقة!!!

إن أجهزة الحد من معدلات انبعاث الغازات الدفيئة الموجودة في السيارات تصنع من معادن ثمينة مثل البلاديوم، وهو معدن نادر أغلى من الذهب، ولعل ذلك ما يجعل هذه السيارات عرضة للسرقة.

بدأ الأمر عندما اكتشف مايكل كيفاني، وهو أستاذ اقتصاد في سان خوسيه بولاية كاليفورنيا، أن المحول الحفاز المسؤول عن الحد من الانبعاثات الملوثة للبيئة المصنوع من معادن ثمينة ونادرة، قد سُرق من سيارته، وبعد يومين، حدث نفس الأمر لسيارة شقيقته، وهو ما جعلهما يعتقدان أن الأمر ليس مجرد مصادفة.

وفي تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" (New York Times) الأميركية، قالت الكاتبة هيروكو تابوتشي إن القوانين المفروضة على انبعاثات السيارات في جميع أنحاء العالم ولا سيما في الصين، أدت إلى ارتفاع الطلب على المعادن الثمينة المستخدمة في تصنيع المحولات الحفازة؛ وهو ما يفسر ارتفاع سعر بعضها مثل البلاديوم والروديوم.

قبل 5 أعوام لم يكن سعر البلاديوم يتجاوز 500 دولار للأوقية، لكنه تضاعف العام الماضي 5 مرات ليسجل مستوى قياسيا عند عتبة 2875 دولارا للأوقية، ويتراوح الآن سعره ما بين ألفي دولار و2500 دولار للأوقية، أي أنه أغلى من الذهب.

وارتفعت أسعار الروديوم بنسبة تجاوزت 3000% من حوالي 640 دولارا للأوقية قبل 5 أعوام إلى 21 ألفا و900 دولار للأوقية هذا العام، أي أنه أغلى بـ 12 مرة من الذهب.

يرى المحللون أن ارتفاع الأسعار قد يسرع التحول إلى السيارات الكهربائية، خاصة أن المحولات الحفازة جعلت من تكلفة السيارات التي تعمل بالبنزين أعلى بكثير مما كانت عليه قبل عام واحد فقط.

وأشارت الكاتبة إلى أن أسعار هذه المعادن تحرك السوق السوداء للمحولات الحفازة المسروقة، التي يمكن نزعها من محرك السيارة في غضون دقائق، وبذلك يمكن للص كسب مئات الدولارات من خلال بيعها لجامعي الخردة، الذين يبيعونها بدورهم لمراكز إعادة التدوير التي تستخرج المعادن الثمينة منها.

أجهزة الحد من معدلات انبعاث الغازات الدفيئة الموجودة في السيارات تصنع من معادن ثمينة مثل البلاديوم (شترستوك)

ارتفاع حالات السرقة

وعلى الصعيد الوطني، أبلغت الشرطة عن ارتفاع عدد حالات السرقة من هذا النوع، ففي سانت لويس، تضاعفت حالات سرقة المحولات الحفازة أكثر من 8 مرات، من 50 حالة في 2019 إلى 420 حالة في العام الماضي، وتسارع النسق مع نهاية العام حتى أوائل 2021، وفي ليكسينغتون بكارولاينا الجنوبية، سُجلت 144 سرقة محول حفاز بين يوليو/تموز وديسمبر/ كانون الأول، أي أنها تضاعفت 3 مرات مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

قد يبدو المحول الحفاز، الموجود بين محرك السيارة وكاتم الصوت، هدفا غير مرجح لموجة جرائم وطنية، وتتمثل وظيفة هذا المكون الموجود في جميع السيارات والشاحنات التي تعمل بالبنزين التي تباع في الولايات المتحدة منذ 1975 -والذي يشبه من الداخل قرص عسل مغطى بطبقات من معادن ثمينة مثل البلاديوم والروديوم والبلاتين- في الحد من الغازات السامة المنبعثة من السيارة.

وبعد فضيحة انبعاثات سيارات فولكس فاغن، قامت شركة صناعة السيارات بشكل غير قانوني بتعديل ضوابط التلوث في سياراتها لتبدو أنظف مما هي عليه في الواقع، زاد الطلب على المحولات الحفازة ذات الأداء العالي المصنوعة من معادن ثمينة.

مادة الروديوم، على وجه الخصوص، تقلل مستويات أكسيد النيتروجين، وحسب ويلما سوارتس، من شركة "ميتالز فوكس" الاستشارية لأبحاث المعادن الثمينة التي يقع مقرها في لندن "لقد حققنا تقدما مهما في الحد من معدلات انبعاث أكسيد النيتروجين في جميع أنحاء العالم".

يستأثر قطاع السيارات بحوالي 80% من الطلب على البلاديوم والروديوم، وفي الوقت نفسه، أثر الوباء على أعمال التنقيب في جنوب أفريقيا -المُنتج الرئيسي للروديوم- مما أبقى العرض محدودا، وهو ما يفسر الارتفاع الكبير جدا في الطلب والأسعار.

وبالنسبة لشركات صناعة السيارات، أدى ازدهار المعادن إلى ارتفاع تكلفة إنتاج سيارات البنزين، ويقدر ماكس لايتون، محلل السلع الأساسية في "سيتي" في لندن، أن الارتفاع الذي شهدته أسعار هذه المعادن أضاف 18 مليار دولار إلى تكاليف إنتاج صناعة السيارات العالمية في عام 2019، مما أدى إلى استنزاف 15% من إجمالي التدفق النقدي، مع مزيد ارتفاع هذه التكاليف في عام 2020.

حالات سرقة المحولات الحفازة تضاعفت  أكثر من 8 مرات من 50 حالة في 2019 إلى 420 حالة في العام الماضي (شترستوك)

بعض الحلول

يرى لايتون أنه وفق الأسعار الحالية، من المنتظر أن تنفق الصناعة أكثر من 40 مليار دولار هذا العام على معادن المحولات الحفازة فقط، وقال إن التكاليف المتزايدة تضغط على شركات صناعة السيارات للتحول إلى السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات في أسرع وقت ممكن.

ولجأ البعض على غرار جيري توريف، مالك خدمة جيري (Jerry) للسيارات، بعد تعرضه لعدة سرقات إلى تفريغ إطارات السيارات الأكثر عرضة للخطر حتى لا ينزلق اللصوص من تحتها.

كما بدأت بعض الولايات في مطالبة ساحات الخردة ومراكز إعادة التدوير الأخرى بالتحقق من البائع قبل شراء المحولات الحفازة المستعملة منه، وتطلب ولاية كاليفورنيا -على سبيل المثال- من الشركات التقاط صورة أو مقطع فيديو للبائع، والاحتفاظ بهذه السجلات لمدة عامين، ولكن يقول المسؤولون إن اختلاف القوانين بين الولايات يجعل تعقب الجناة شبه مستحيل.

ذكرت الكاتبة أن الإنترنت تسهل عملية بيع هذه المحولات المسروقة، حيث يعرض أحد المواقع أسعارا تصل إلى 500 دولار لبعض نماذج السيارات الأجنبية القديمة التي تحتوي على معادن ثمينة أكثر من الطراز الحديث الموجود اليوم في السوق.

وتعتبر محولات تويوتا بريوس (Toyota Prius) الأعلى ثمنا، وهو ما جعل بعض مالكي هذه السيارات يطالبون بإضافة وسائل حماية ضد السرقة، ووصف إيد هيلويج، المتحدث باسم تويوتا، أن هذه السرقات تمثل تحديا على مستوى الصناعة وحث المالكين على إيقاف السيارات في مناطق مضاءة جيدا.

ومن جهتها، تنصح الشرطة بركن السيارات في أماكن آمنة أو في مناطق مضاءة جيدا، ويمكن أن يساعد رقم تعريف السيارة أو معرف لوحة الترخيص على المحول، على تعقب المحول في حال تعرض للسرقة.

المصدر : نيويورك تايمز

تم طباعة هذه الخبر من موقع يمني بوست https://yemenipost.net - رابط الخبر: https://yemenipost.net/news12589.html