2020/06/12
إيران والحوثي... توسيع نطاق الشريحة الدافعة لـ "الخُمُس"

منذ البداية ارتكز المشروع الإيراني على ثلاثية الدين والمال والسلاح، وفي عهد الأسر المتتالية التي حكمت إيران كان مراجع الشيعة قد تمكنوا من إقامة دولة داخل الدولة بفضل الإمكانات الهائلة التي وفرتها لهم أموال الخمس.

إذ "المال هو المحرك والدافع الخفي الذي يجب دراسة تأثيره منفردا قبل غيره من الدوافع المحركة للأطماع الإيرانية".

فقد ذكرت بعض الدراسات أن حركة التشيع النشطة كانت مؤيدة من قبل المرجعيات الدينية من أجل توسيع نطاق الشريحة الدافعة للخمس".. وفقاً لما أورده الدكتور مصطفى اللباد في كتابه إيران وولاية الفقيه.

الخمس في نظرية "ولاية الفقيه" ضريبة مالية يدفعها الشيعة إلى جانب الزكاة، من أجل نشر التشيع واستخدامها عند عودة ما يسمونه ب"الإمام المنتظر" وينفق هذه الأموال المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، والذي يعد نائبا عن المهدي المنتظر، وطاعته واجبة.

في لبنان يعتمد حزب الله في سياساته على إمكاناته المالية الهائلة بالدرجة الأولى، والتي تتوفر له من الوكالة التي منحها خامنئي لحسن نصر الله ومحمد يزبك عضو شورى الحزب لجمع أموال الخمس نيابة عن الولي الفقيه.

وفي اليمن، ينتمي الحوثي لذات المشروع ويسير على خطى الخميني وحزب الله في كل شيء، وليس مستغربا ما يقوم به اليوم من جباية للأموال في مناطق سيطرته تحت مسمى "الخمس".

إذ أنه يؤمن بنظرية "ولاية الفقيه" التي من أهم مبادئها تصدير ثورة الخميني إلى المنطقة العربية، وتوسيع نطاق الشريحة الدافعة للخمس.

وتصدير الثورة يعني في أحد معانيه استيراد الولاء والمال للولي الفقيه "خامنئي" وأدواته في المنطقة من كافة العرب بدءا بالتجمعات الشيعية.

ومن ضمن معاني نظرية "ولاية الفقيه" الإقرار بخامنئي زعيما سياسيا واعتباره ولي أمر المسلمين، وإن كنت مواطنا في دولة غير إيران.

مؤخراً، ثمة من يعمل بأقصى طاقته لتسويق الحوثي بعيدا عن المشروع الإيراني، ويراهن على وجود أصوات إعلامية في الخليج يمكن لها تصديقه.

لكن الحوثي نفسه هو من يفشل رهاناتهم في كل مرة، هذه المرة فعل بجبايته لأموال "الخمس" وأكد مجددا بأنه ليس إلا "عكفي" تابع لإيران وأنه يعتنق عقيدة ولاية الفقيه الخمينية.

يتجاهل مثل هؤلاء مسألة الارتباط الثقافي والمنهجي بإيران، فلأن الحوثي يستلهم الثقافة والتجربة الخمينية فإنه يظل أسيرا لهذه الثقافة، ولو ضعفت الروابط التنظيمية.

اليوم يقوم الحوثي بإحداث تحولات سريعة وحادة جعلته خارج نطاق الاستيعاب حتى عند من يحاولون تسويقه كحالة يمنية خالصة.

فنحن أمام حالة تطابق كاملة بين مليشيا الحوثي والتجربة الخمينية وحزب الله اللبناني، حيث تشابه البدايات وتشابه التحولات وتشابه الأداء.

من توظيف عقيدة المذهب وتراث الطائفة إلى جباية الأموال والإثراء غير المشروع باسم الخمس، إلى استخدام الإسلام كحامل لمشروع إيران القومي ومشاريع أدواتها العنصرية.

يفوت البعض أن الحوثي يدين بالطاعة التامة لخامنئي الذي يملك صلاحيات قرار الحرب والسلم.

 يقول الدكتور مسعود إلهي في كتابه  "الإسلاميون في مجتمع تعددي.. حزب الله نموذجا" : حزب الله مستعد لأي مهمة يأمر بها الولي الفقيه في طهران، ويعتبر مخالفته مخالفة للإسلام".. ويمكننا التأكيد بأن الحوثي كذلك.

 إن كان ثمة حقيقة مهمة من مباشرة الحوثي جباية الأموال تحت مسمى "الخمس" فهي مستوى الارتباط الكامل للحوثي بإيران، وما يحققه الحوثي من تحول هائل وسريع في الأفكار والمواقف بما يتناسب مع نظرية ولاية الفقيه، إلى حد أن مستوى ارتباطه بطهران يتنامى باستمرار ولا يتراجع، ويصل إلى حد التطابق.

 

تم طباعة هذه الخبر من موقع يمني بوست https://yemenipost.net - رابط الخبر: https://yemenipost.net/news4984.html