تجذب القطط اهتمام العديد من الناس والباحثين، إلا أن هناك حربا مستمرة بين مالكي القطط ودعاة الحفاظ على البيئة، إثر رصد أبحاث عديدة دورا للقطط في القضاء على الحياة البرية.
إذ أشار أحد التقارير والذي نشر في دورية "نيتشر" (Nature) أن القطط تقضي على حياة 1.3 مليار طائر و6.3 مليارات حيوان صغير من الثدييات على الأقل في الولايات المتحدة كل عام، مما يدفعنا للتساؤل: هل القط كائن مفترس أو أليف؟
تهديد الحياة البرية
فكلما زاد عدد مالكي القطط، أثار ذلك حفيظة حماة البيئة، فلا يستطيع أحد أن ينكر أن القطط تقضي على الحيوانات البرية حتى ولو لم يعترف الخبراء بأهمية هذه المشكلة.
ويكمن جوهر المشكلة في كون القطط ثاني أكثر الحيوانات الأليفة شيوعا والتي تحظى بـ373 مليون مربٍ على مستوى العالم. ولكي نمنع القطط من غريزتها الفطرية نحو الصيد، فعلينا إقناع مالكيها أولا بحجم المشكلة حتى يتسنى لهم مراقبة مفترِساتهم الصغيرة.
يرى واين لينكلاتر -الأستاذ في جامعة ولاية كاليفورنيا بساكرامنتو (California State University, Sacramento)- في التقرير الصحفي الذي نشرته مجلة "نيو ساينتست" (New Scientist) في 28 أكتوبر/تشرين أول الماضي أن الحل "يكمن في الأشخاص المهتمين بالقطط أنفسهم".
لذا يقوم لينكلاتر وعدد من علماء الاجتماع الآخرين بدراسة مالكي القطط أنفسهم لمعرفة الأشياء التي تحفزهم على تغيير سلوكهم وسلوك قططهم.
القطط تحظى باهتمام أكثر من ربع مليار مربٍ حول العالم (بيكسابي)
تدابير مختلفة
تظهر الهوة جلية بين مالكي القطط ودعاة الحفاظ على البيئة عند سؤالهم عن آرائهم حول تدابير الحد من الصيد الذي تمارسه القطط، وهو بالضبط ما قام به كلا من لينكلاتر بالتعاون مع إديث ماكدونالد من وزارة الحفاظ على البيئة في نيوزيلندا.
ففي البداية، طلب الباحثان من دعاة الحفاظ على البيئة تصنيف 9 تدابير يمكن اتخاذها للحد من هذه المشكلة. وجاء إبقاء القطط داخل المنزل طيلة أيام الأسبوع على رأس القائمة التي أوصى بها دعاة الحفاظ على البيئة. تلا ذلك بعض التدابير الأخرى مثل وضع سياج محيط بالحدائق وخصي الحيوان وانتهاء بوضع رقائق صغيرة مميزة للحيوان.
من ثم طلب الباحثون الشيء نفسه من الأطباء البيطريين ومالكي القطط، وذلك بسؤالهم عن التدابير التي ترتكز على رفاهية الحيوان والتي تحقق درجة من القبول لديهم. قام الباحثون بعد ذلك بترتيب توصيات الفريق الأخير بشكل معكوس عما أوصى به دعاة الحفاظ على البيئة.
تغيير السلوك
بالنسبة لعلماء الاجتماع فإنهم يعلمون أن تغيير السلوك يبدأ بفهم الناس جيدا ومعرفة الأشياء التي يحبونها ويهتمون بها، إذ يظهر العديد من الأدلة أن الناس على استعداد لتغيير أفكارهم إذا أحبوا فكرة جديدة وآمنوا بجدواها واعتقدوا بأهمية تبنيها.
وبوضع هذه الأسس في الاعتبار إضافة إلى توصيات الفريقين، قرر لينكلاتر وماكدونالد تطبيق إستراتيجية تعرف باسم "تحديد أولويات السلوك"، وذلك لتحديد التدابير التي ستكون مقبولة لدى مالكي القطط وحماة البيئة على حد سواء.
ولاحظ الباحثون أن إبقاء القطط في المنازل ليلا هو الحل الأكثر مواءمة للطرفين. إلا أن الباحثين اكتشفوا بعد ذلك أن 14% فقط من مالكي القطط الذين أبقوا قططهم حبيسة المنزل ليلا قد فعلوا ذلك رغبة منهم في حماية الحياة البرية.
إذ أرجع مالكو القطط الآخرون السبب في إبقائهم القطط ليلا في المنزل إلى رغبتهم في توفير حياة آمنة ومريحة لحيواناتهم الأليفة. كما أن بعض مالكي القطط رأى في ذلك احتراما لأقاربهم ولآراء الأطباء البيطريين فقط.
وتحدث الباحثون إلى مالكي القطط مرة أخرى بعد 6 أسابيع. ووجدوا أن المجموعة الضابطة قد تركت قططها تخرج ليلا بنسبة 10% أكثر من ذي قبل. بينما حافظت المجموعة التي تلقت إرشادات طبيب بيطري على نسبة خروج القطط ليلا كما هي. كما قلت نسبة خروج القطط ليلا في المنازل التي بها طفلة صغيرة.
وتشير ماكدونالد إلى أنه "من الصعب تغيير سلوك البشر. لكن هذا لا يقلل من مالكي القطط، فهم بالطبع يحبون حيواناتهم الأليفة كحبهم للطبيعة. لكن لو وُضِعُوا في محل اختبار، فحتما سيختارون قططهم". إلا أن ماكدونالد سعيدة بهذه النتائج التي لم تنشر بعد، وذلك لتبني الدولة -ممثلة في العديد من مجالس المدن في نيوزيلندا- إستراتيجية وطنية للإشراف على القطط.