لن يطيح فيروس كورونا بالرئيس الصيني شي جين بينغ ولا بالحزب الشيوعي الحاكم المتّهم بإخفاء الوباء عن العالم في البداية، ثم ينفي أن تكون الصين مصدره بل يزعم أن أميركا هي موقع ولادة الفيروس فيما العالم أجمع يعرف أن هذه الفيروسات ولدت دائماً في الصين. لن يطال هذا الفيروس عزم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على مباركة شعبية للتعديلات الدستورية التي تضمن له البقاء في السلطة مع انها باتت قانوناً ولا حاجة للتصويت عليها.
الرئيس الأميركي دونالد ترمب لم يعد يفترض تلقائياً ان الولاية الثانية في جيبه. فهو يدرك ان انقضاض فيروس كورونا على الاقتصاد والأسواق والثقة قد يهدد فِرصَه لولاية ثانية ما لم يثبت جديّة واستمراريّة تحوّله من الثرثرة بغطرسة عبر تغريداته الى الرئيس المتجهّم المُثقَل الذي يتصرّف بحجم التحدّي متحصّناً بفريق مهني خارق يخاطب الأميركيين يومياً من البيت الأبيض. مستقبل القيادات الأوروبية يتأرجح على مصير هذه القارة في الأسبوعين المقبلين والذي سيساهم هذا الوباء بتقريره.
القيادات الخليجية العربية أسرعت الى إجراءات وقائية واستباقية وبعضها لبّى نداء الجمهورية الإسلامية الإيرانية للمساعدة أمام وحش كورونا الذي كشّر عن أنيابه في إيران وحوّلها الى قنبلة موقوتة.
مستقبل النظام في طهران يربض في ظل مسيرة فيروس كورونا ويضع القيادات السياسية والدينية والعسكرية أمام قرارات وجودية – فإذا تحلّت بالحكمة وأقرّت إصلاح منطق النظام لأنقذت البلاد من التشرذم، وإذا عاندت لساهمت في الانتحار. فسلعة الثقة بين الحكومات والناس أصبحت مقياس مستقبل القيادات وميزان التعافي من هذا الوباء الذي صفع العالم، ربما لإعادته الى الرشد في حالاتٍ ما، بعدما كان مُنهمكاً في العجرفة والتسلّط والجشع والفساد. فيروس كورونا أعاد الجميع الى طاولة رسم السياسات مُجدداً على ضوء اثار الزلزال الاقتصادي الناتج عنه كما في اطار مصير قيادات تؤثر في العالم، مثل مصير الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
قبل شهر، قاربت البورصة الأميركية معدّل 30 ألفاً وهي اليوم في فلك الـ20 ألفاً ومحت بذلك الابتهاج لدى دونالد ترمب الذي ربط انجازاته بارتفاع البورصة في "وول ستريت". قبل شهر، وأثناء "قمة ميلكن" في أبو ظبي، عندما طُرِح السؤال على النخبة العالمية في القمة حول ما إذا كان دونالد ترمب سيحصل على ولاية ثانية، رفعت الأكثرية الساحقة أياديها بثقة بأن ترمب سيبقى رئيساً لولايةٍ ثانية. تلك الثقة دخلت اليوم حلقة الشك، وباتت الآراء منقسمة.
هناك رأي داخل الولايات المتحدة يحسم بأن دونالد ترمب "احترق" Toast بسبب تعاليه في البداية على الوباء واستهتاره بتداعياته وتأخّره في تبني الإجراءات وبالتأكيد نتيجة الانهيار الاقتصادي الوارد، وارتفاع نسبة البطالة الى فوق 20 في المئة، وربما الدخول في ركود اقتصادي طويل بل البعض يتحدث عن عودة "الاكتئاب العظيم" Great Depression الذي طوّق العالم في الثلاثينات – إذا طال أمد تفشّي هذا الوباء وطال انتظار العلاج له.