بدأت العيوب التي رافقت التطبيق الهش لاتفاق الرياض في اليمن بالظهور سريعاً، بعد 6 أيام من تشكيل حكومة الشراكة، وذلك عقب تحذيرات أطلقها مستشار رئاسي من مساعي المجلس الانتقالي الجنوبي للاستحواذ على العاصمة المؤقتة عدن.
وألمح رئيس الوزراء الأسبق ومستشار الرئيس اليمني، أحمد عبيد بن دغر، إلى بوادر انسداد بين "الشرعية" والمجلس الانتقالي الجنوبي في ما يتعلق بماهية القوة التي ستتولى تأمين عدن عقب وصول الحكومة، حيث يصر وكلاء الإمارات، على التحكم بالقرار الأمني والعسكري فيها.
وحذّر بن دغر، في بيان صحافي نشره على حسابه الرسمي بموقع "تويتر"، من مساعي الانفصاليين للاستحواذ على عدن، وقال إن ذلك سيكون "سبباً للفوضى واستدعاء للقوة من خارج الشرعية والقانون".
وأضاف بن دغر: "لا ينبغي لأحد أن يفكر في الانفراد بالنفوذ في عدن وما جاورها من المحافظات، لأنها عاصمة اليمن، ومركز الشرعية، فإن أردناها منطلقًا للنصر على الحوثيين وإيران، فمن المنطقي أننا لن ننتصر بعاصمة ممزقة، تغرق في الصراع، واليمني فيها غريب".
السعوديه تشتثني 3.7 مليون مقيم ومطالبات أمميه بتفكيك نظام الكفاله كلياً
"معين عبدالملك" يزف بشرى سارة لكل اليمنيين
قرار صادم وغير متوقع لكل المغتربين اليمنيين في المملكه.. تفاصيل
وشدد بن دغر، على ضرورة اغتنام "الفرصة التاريخية التي يتيحها اتفاق الرياض وذلك لتعزيز روح الشراكة والإخاء، وإعادة البناء على قواعد من التسامح والصفح ونسيان الماضي، قبل ضياع المحرر من الأرض".
وفيما أشار إلى أن "الإقصاء وعدم الاعتراف بالآخر داء عضال أدمى حياة اليمنيين وتحكم في مصيرهم"، ذكّر المستشار الرئاسي بأن "المصالحة الوطنية، هي القيمة المعنوية والأخلاقية لاتفاق الرياض، وأن من لم يفهم الاتفاق باعتباره جسراً لمصالحة وطنية شاملة فقد جانبه الصواب".
وكانت مصادر حكومية قد أكدت في وقت سابق أن المجلس الانتقالي الجنوبي يرفض السماح لألوية الحماية الرئاسية المكلفة بحماية مقرات الدولة السيادية بما فيها قصر معاشيق، الدخول من أبين إلى عدن، واشترط بأن تتولى ما تسمى بقوات الحزام الأمني والدعم والإسناد، الملف الأمني والعسكري كاملاً في العاصمة المؤقتة.
ويكشف البيان الصادر من مستشار الرئاسي اليمني استمرار الهوة بين أطراف الحكومة الجديدة، والعيوب الفادحة التي اقترفتها السعودية في استعجال تطبيق الشق العسكري من أجل تحقيق نصر إعلامي بإعلان تشكيل الحكومة، رغم عدم انسحاب الانفصاليين من معسكرات أبين وكافة معسكرات عدن.
ويبدو أن السعودية قد استعانت بسفراء الدول الكبرى لإقناع وكلاء الإمارات بعدم عرقلة عودة الحكومة، حيث عقد كبير المفاوضين في المجلس الانتقالي، ناصر الخبجي، الأربعاء، لقاء مع نائب السفير الأميركي لدى اليمن، كريستوفر دويتش، وذلك غداة لقاء جمع رئيس المجلس عيدروس الزبيدي مع السفير الصيني.
وعلى الرغم من عدم أداء الحكومة لليمين الدستورية، رغم مرور 6 أيام على تشكيلها، بدأ المجلس الانتقالي بالقفز للمطالبة بمكاسب جديدة من اتفاق الرياض الذي وفرته لهم السعودية ومنحهم شرعية دولية، إذ طالب القيادي الانفصالي، بـ"ضرورة الإسراع في تنفيذ بقية بنود اتفاق الرياض، وفي مقدمتها المتعلقة بتنظيم آلية تحصيل الموارد النفطية والجمركية والضرائبية وإيداعها في البنك المركزي بالعاصمة المؤقتة عدن لتعزيز قدرات الدولة وتيسير الدورة المالية".
كما طالب الخبجي، وفقاً لبيان نشره الموقع الإلكتروني للمجلس الانتقالي، بضرورة تعيين محافظي المحافظات ومدراء أمنها وتنفيذ الترتيبات العسكرية والأمنية في بقية محافظات الجنوب، والتي نص عليها اتفاق الرياض.
ولم تتوقف مطالب الانفصاليين عند ذلك، حيث طالب كبير المفاوضين في المجلس الانتقالي بـ"تشكيل الوفد التفاوضي المشترك" في مشاورات السلام، وإعادة تشكيل الهيئات الاقتصادية المتمثلة في المجلس الأعلى للاقتصاد والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة.
وخلافاً لهذه المطالب، كان رئيس المجلس الانتقالي قد أبلغ السفير الصيني لدى اليمن، كانغ يونغ، أمس الثلاثاء، بضرورة استيفاء الترتيبات العسكرية والأمنية في شبوة ووادي حضرموت والمهرة، في إشارة إلى خروج القوات الموالية للشرعية من تلك المحافظات.
في السياق، قال رئيس الحكومة اليمنية، معين عبدالملك، مساء الأربعاء، إن الحكومة الجديدة هي شراكة لقوى موجودة على الأرض وموحدة على أهداف واضحة.
وذكر عبدالملك، في حوار أذاعه التلفزيون الحكومي الذي يبث من الرياض، أن حكومته "لا تمتلك حلولاً سحرية، لكنها حكومة وحدة وطنية ستعمل على توحيد الصف ومعالجة الانقسامات وتفعيل مؤسسات الدولة".
ولفت عبدالملك، إلى أن معركة استعادة الدولة مرت في مسارها لبعض التشظي والانقسامات التي أثرت بشكل كبير خلال العام والنصف الماضي خصوصاً بعد أحداث أغسطس الماضية"، في إشارة للتمرد المسلح الذي نفذه المجلس الانتقالي الجنوبي في عدن.
وأكد رئيس الحكومة اليمنية أن الهدف من اتفاق الرياض، هو توحيد القرار السياسي وأن تكون هناك وحدة للقرار الأمني والعسكري، لافتاً إلى أن "ما حدث في عدن سيحدث في سقطرى، ولا يمكن لأي شبر في البلد إلا أن يُحكَم بمؤسسات الدولة الشرعية".
واعتبر عبدالملك، غياب المرأة عن التشكيل الحكومي "خللاً كبيراً ستتم معالجته بالتشاور مع رئيس الجمهورية، لافتاً إلى أن الشرعية ضغطت على القوى السياسية لتأتي بمرشحين، وكانت القوى أحياناً تأتي بثلاثة مرشحين لكل وزارة دون أن تكون هناك امرأة واحدة".