تختلف طقوس الأعراس في اليمن من محافظة لأخرى ، ويأتي اختلافها نتيجة للمساحة التي تفصل بين مناطق البلاد، بالإضافة تأثرالقبائل اليمنية بالبيئة التي يعيشون فيها، فلكل منطقة في اليمن عاداتها وتقاليدها وطقوسها التي تتوارثها عن الأجداد منذ مئات السنين،والتي تميزها عن المنطقة الأخرى، .
وفي هذه المادة سنسلط الضوء على طقوس الزواج في محافظة ذمار.
يعتبر الزواج في ذمار مناسبة سعيدة، ليس للعريسين فقط بل لكل الاسرة وأيضا الجيران، ففي العرس تقام الولائم والافراح، لعدة أيام،بحضور الأهل والجيران.
للعرس في محافظة ذمار ذمار نكهة أخرى، إذ تبدأ مراسيم الزواج بانتهاء العروس من شراء مستلزماتها الخاصة بالعرس أو ما يسمونها(الكسوة) ، حيث تمنع العروس بعد ذلك من القيام بأي عمل منزلي، لتأخذ قسطا من الراحة للاعتناء بنفسها وجمالها، تقول سلوى مصطفى.
وتقوم الاحتفالات اليومية في منزل والد العروس بحضور نساء الحي والصديقات والاهل من العصر وأحيانا إلى الليل بحجة توديعها قبل مغادرتها الى منزل زوجها.
وتضيف سلوى “العادات التي نتميز بها في ذمار أن أسرة العروس تظل الشهر، مما يبعث السعادة في نفس العروس التي تشعر أنها مميزة وأن الجميع يتسابق ليكون بقربها طوال الشهر” وأكدت سلوى أنه من المعيب غياب المقربات للعروس في ذلك الشهر حتى أن مجيئهن أو غيابهن يحدد بينهن وبين العروس استمرار علاقة الصداقة من انقطاعها.
“( الذبايل ) هي أول أيام تبتدأ بها مراسيم الزواج في ذمار“
أما عن أول أيام الزواج والتي تسمى محليا بالذبايل فتقول هويدا سليم “إنها أيام مقدسة في نفوس العائلات، ولا بد أن يفتتح العرس بها“.
وتشير هويدا إلى أنه من خلالها يبدأ اشهار العرس فتتناقل النساء في المجالس أخبار موعد العرس الأمر الذي يضاعف أعداد الضيفات في أيام القحوطة السكتة والنقش وختامها الحفلة.
وأردفت هويدا حديثها “أما عن تحديد مسميات لكل يوم من أيام الذبايل فيختلف من يوم لآخرباختلاف لبس العروس الذي أحيانا توافق الضيفات لباسهن اتحادا مع العروس فهناك يوم المغربي الذي تتميز به العروس بالتراث المغربي وهناك يوم العدني وفيه تتحد الضيفات والعروس في لباس الدروع العدنية، وهناك اللبس الصنعاني وهو أكثر من تراث تختار العروس منه ماشاءت وهناك الهندي وغيرها من الأيام المختلفة التي تحيي معالم السرور والفرحة في نفس العروس وضيفاتها .
أما عن الضيافة في أيام الذبايل فأشارت هويدا في حديثها أنها تتفاوت من عائلة لأخرى فهناك من يقدمون الكعك بأنواعه وحليب الشاي، وهناك من يكتفون بالقهوة أو العصير، وهناك من يعتبرون أمر الضيافة مكلفا خصوصا أنه قرابة شهر فيستقبلون الضيوف بالابتسامة والماء فقط.
“يوم القحوطة السكتة – يوم النقش – يوم الحفلة – أكبر ثلاثة أيام في العرس الذماري“
أما عن الثلاثة الأيام الأخيرة يوم القحوطة السكتة ويوم النقش ويوم الحفلة فهذه هي الأكثر تكلفة وجهدا للعروس وضيفاتها ففي يوم القحوطة تذهب العروس وصديقاتها ومن ترغب –فالدعوة مفتوحة– صباحا إلى حمام خارجي .
“ما إن تقترب العروس إلى باب الحمام حتى تقوم النساء بكسر بيضة وأكثر على باب الحمام ويرجعن ظهرا وتستقبلها نساء أخريات من باب المنزل بزفة برفقة (النشادة) وهي امرأة تطرب الآذان بأناشيدها وزفتها للعروس حتى تبكيها من الشجن “تقول نورية قاسم التي تعمل كنشادة في المحافظة منذ خمسة عشر عاما.
أما عن يوم النقش فتقول الكوافير ريهام في حديثها “تلبس العروس أغلى فستان اشترته بالإضافة إلى الذهب سواء كان ملكها أو ملك غيرها وتكون الكوافير هي المسؤولة عن ظهورها ، لأن هذا هو الظهور الأول لها الذي يكشف عن محاسنها وترى النسوة جمال النقش على يديها“.
وعللت ريهام ذلك “فخلال الشهر وأيام الذبايل تكون العروس مغطاة تماما لا يرى منها سوى كفيها فقط فيكون يوم النقش مميزا.
وأما عن يوم الحفلة فأردفت ريهام حديثها مبتسمة ” يجتمع الجميع في إحدى صالات الأعراس وتقوم المغنية بزفة العروس يوم الزفاف قبل أذان المغرب وتتسامر النساء مع بعضها حتى التاسعة وأحيانا العاشرة مساء ثم تكون هذه هي الساعة التي يقبل فيها موكب الرجال من أهل العروس والعريس لباب الصالة لإخراج العروس وأخذها إلى بيت العريس.
عرس جديد ..يبدأ بوصول العروس إلى بيت زوجها
تقول الحجة سعاد صالح (55 عاما) “في ذمار يستقبل أهل الزوج لمدة اسبوع الجيران وأهل الزوجة في جلسات أخرى تستعرض فيها العروس كسوتها من الفساتين حيث أنها تلبس كل يوم فستانا يصل ربما لثلاثين ألف ريال فأكثر، ويختلف ذلك حسب وضع الاسرة المادي .
وتضيف سعاد بنبرة تباهي “ويختم أهل الزوج هذه الجلسات بأخذ عروستهم إلى الكوافير في يوم السابع وترتدي الفستان الأبيض مرة أخرى وتأتي الضيفات إلى المنزل حتى الساعة التاسعة وبذلك يختتم العرس الذماري.
“الاحتفال بالعريس“
ومن جهة الاحتفال بالعريس يقول الحاج عادل علي أحد أبناء المحافظة “إن الطقوس الفرائحية الذمارية تتميز بالصخب والفكاهة، والمتعارف عليه أن العريس له يومين فقط يوم الحناء ويوم الزفاف، ففي اليوم الأول يذهب العريس وأصحابه لحمام خارجي، ويعودون إلى منزل العريس جميعهم ويصاحبهم بذلك نشاد أو مزمار ليحيي تلك الساعة أمام منزله لتناول وجبة الغداء تكريما لهم ومن ثم يذهبون لصالة العرس لمضغ القات وسماع الأغاني ويتسامرون فيها“.
وأشار الحاج عادل أن يوم الزفاف يختلف قليلا، ففيه يستضيف أبو العريس ضيوفه وأنسابه لتناول وجبة الغداء ويكون عدد الضيوف أكثربكثير من اليوم السابق ويذهبون للصالة للتسامر أيضا حتى يأتي موعد قدوم موكب العروس وأهلها، عندها يذهب رجال العريس إلى أمام المنزل لاستقبالهم والترحيب بهم.
وتختلف بعض طقوس الزواج من منطقة إلى أخرى في محافظة ذمار، كما أن الكثير من الأسر تتنازل عن ببعض الطقوس، بسبب الوضع المادي، أو أي ظروف أخرى، تجبرهم على تركها.