بعد 6 سنوات من الحرب، وآلاف الصواريخ والقنابل، ومئات الآلاف من القتلى، وأسوأ أزمة إنسانية في العالم، انقسم اليمن إلى درجة أنه من غير المرجح أن يعود دولة واحدة.
ورد ذلك في مقال لغريغوري دي جونسين الباحث بمعهد السياسة الخارجية بمركز الشرق الأدنى للسياسات نشر على موقع مركز بروكينغز للسلام (BROOKINGS).
وأوضح فيه أن اليمن لن يعود إلى التقسيم بين الشمال والجنوب قبل عام 1990، وبدلا من يمن واحد أو اثنين، فالآن هناك دويلات صغيرة ومناطق يسيطر عليها عدد متزايد من الجماعات المسلحة، وكل منها لها أهداف ومسارات مختلفة.
الدويلات السبع
وعدد الكاتب مناطق السيطرة لكل واحدة من هذه القوى، حيث قال إن المرتفعات الشمالية يسيطر عليها الحوثيون، وعلى طول ساحل البحر الأحمر، يقود طارق صالح ابن شقيق الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح مقاتلين مدعومين من السعودية والإمارات متمركزين على الخطوط الأمامية للحوثيين في الحديدة.
وفي الداخل، في تعز، يسيطر الحوثيون على الجزء الشمالي من المحافظة، وتسيطر قوات حزب الإصلاح على مدينة تعز وجزء كبير من الريف جنوب المدينة، وفق الكاتب.
ويسيطر المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي على مدينة عدن الساحلية الجنوبية بعد طرد قوات الرئيس عبد ربه منصور هادي في أغسطس/آب 2019. ويدعم المجلس الانتقالي الجنوبي والوحدات العسكرية التابعة له الإمارات التي تعارض حزب الإصلاح “على أساس علاقاته بجماعة الإخوان المسلمين”.
وتنشط شمال عدن، جماعة أخرى مدعومة من الإمارات، هي كتائب العمالقة التي يقودها السلفيون في لحج. ويفضل العديد من هؤلاء المقاتلين الانفصال أيضا ولكنهم يرفضون قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي.
ويضيف الكاتب: وفي مأرب، موقع هجوم الحوثيين الحالي، يسيطر الإصلاح. أما حضرموت فهي مقسمة بين قوات النخبة الحضرمية المدعومة من الإمارات والتي تسيطر على الساحل، والوحدات التابعة للإصلاح في الداخل.
وفي محافظة المهرة، على الحدود الشرقية لليمن، تسيطر جماعات شبه عسكرية، مدعومة من السعودية بحسب الكاتب.
ويسيطر المجلس الانتقالي الجنوبي على جزيرة سقطرى. وتمسك وحدات هادي “مثلث القوة” اليمني، حقول النفط والغاز في مأرب وشبوة وحضرموت.
ويستمر الكاتب ليقول إن أيا من هذه الجماعات المسلحة المختلفة لا تتمتع بالقوة الكافية لفرض إرادتها على بقية البلاد. ومع ذلك، تمتلك كل هذه المجموعات تقريبا ما يكفي من الرجال والذخيرة للعمل لإفساد أي اتفاق سلام وطني يشعرون أنه لا يعالج مصالحهم بشكل كاف.
والأمر الأكثر إثارة للقلق، حسب رأي الكاتب، هو حقيقة أنه كلما استمر القتال، زاد احتمال ظهور المزيد من الجماعات المسلحة.
وإذا أخذنا ذلك في الاعتبار، حسب المقال، مع حقيقة أن اليمن لديه اقتصاد يتقلص باستمرار، فإن مجموعات أكثر فأكثر ستتقاتل في المستقبل على موارد أقل وأقل.
وأشار الكاتب إلى أن (أصحاب) جهود السلام المختلفة لا يبدو أنهم يدركون ذلك، كما أن القرار الذي اتخذه هادي بتقسيم البنك المركزي عام 2016، جعل لليمن اقتصادين منفصلين، إذ يتم تداول الريال بسعر في صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون، وسعر آخر في عدن.
ويختتم المقال بأن تفكك اليمن يضع عددا من التحديات أمام أميركا، إذ إنها لن تعترف بجميع أمراء الحرب والجماعات المسلحة المختلفة التي تسيطر على الأرض في البلاد، ولكن ولأسباب متنوعة، من مكافحة “الإرهاب” إلى المخاوف الإنسانية ومخاوف اللاجئين إلى ممرات الشحن في البحر الأحمر، سيتعين عليها التعامل مع العديد منها.