لى مدى سنوات خمس من الحرب التي شهدها اليمن، يعاني القطاع الصحي صعوبات وتعقيدات بالغة، على رأسها نقص شديد بالأدوية والمستلزمات الطبية، وغياب كثيرٍ من الأصناف الدوائية، أو حتى المواد الخام اللازمة لتصنيع أي بدائل لها داخل البلاد، فضلاً عن انسحاب الشركات العالمية للأدوية وإغلاق مكاتبها في اليمن مثل "جلاكسو" و"سانوفي"، وتوقفها عن تزويد وكلائها بالبلاد بأي أصناف من الأدوية التي تنتجها. وشهد اليمن تقييداً لحركة الملاحة الجوية والبحرية، وصعوبات في نقل البضائع والسلع إلى داخله أو حتى ما بين المدن، ناهيك بتنازع وتعدد السلطات في مناطق عدة في المحافظات اليمنية، واتباع كل سلطة منها سياسة جمركية وطبية تختلف عن الأخرى، ما أسهم في انعدام الأدوية من الصيدليات والمستشفيات بمختلف المناطق اليمنية، وهو ما يجعل الوضع أكثر خطورة في حال تفشي وباء كورونا.
تقول الصيدلانية سعاد أحمد، من صنعاء، "كثير من الأصناف الدوائية انعدم في اليمن"، مضيفة، "المعقمات والكحول والكمامات غير موجودة، والبدائل المحلية غير متاحة لكثرة الطلب عليها".
ويشكو الصيدلاني عبد الوهاب سلطان، انعدام الأدوية أيضاً، مؤكداً أن كثيراً من الأصناف "غير موجود في مخازن ومستودعات شركات الأدوية، وإن توفر بديل يكون بأسعار خيالية".
وقال عبد الوهاب، لـ"اندبندنت عربية، "كثير من الأصناف التي تستخدم كمضادات حيوية أو علاج الأمراض المزمنة والنوعية غير موجود، ما يهدد حياة المواطنين، ناهيك بالعجز عن توفير الكمامات، واحتكارها من قبل البعض"، موضحاً "ارتفع سعر الباكت منها من 400 ريال إلى 4500 ريال (ما يعادل 7.5 دولار)، بينما كان المعقم بـ1200 ريال (ما يعادل دولارين) ليصل حالياً إلى 11000 ريال، (ما يعادل 18.3 دولار)". وعن سبب توقف الشركات العالمية عن تزويد وكلائها في اليمن بالأدوية، قال أحد وكلاء إحدى الشركات، لـ"اندبندنت عربية"، "توجد صعوبات عدة، أهمها الشحن والنقل، وارتفاع تكاليف النقل ابتداءً من الجمارك، ومروراً بالضرائب، التي يضطر التاجر إلى دفعها مرتين، إحداهما في الموانئ والمنافذ الخاضعة للحكومة، وثانيهما في منافذ جماعة الحوثي، التي استحدثتها في مداخل المناطق الخاضعة لها، ما دفع عديداً من تجار الأدوية إلى ترك العمل في هذا المجال".
وتابع، "إضافة إلى ذلك، الدول التي كان يجرى الاستيراد منها منعت تصديرها، لأنها في حاجة إلى المستلزمات الطبية الآن"، موضحاً "الحجر الصحي في الدول المنتجة أدّى إلى عدم وجود أي مزود للمواد الخام والمواد الأولية، مثل العلب والبلاستيك لمصنعي المعقمات ومادة الإيثانول التي تدخل في تصنيع المعقمات، أما القفازات والكمامات فانعدمت، ولا يوجد مصنع يوردها لليمن بسبب احتياج الدول نفسها إليها"
وقال، في حديثه لـ"اندبندنت عربية" "لا يوجد فحص (كورونا) في تعز أو صنعاء. الوفيات لديها أعراض كورونا، وتسجّل على أنها وفاة بأمراض صدر. الوضع الصحي شبه منهار".
وأضاف، "أجهزة التنفس غير موجودة بكفاية، ناهيك بأن غرف العناية المركزة في محافظة تعز لا تتعدى 20 سريراً تقريباً"، لافتاً إلى أن "الصنف الدوائي الكلوروكين انعدم بين يوم وليلة، الأمر الذي يجعل الوضع صعباً للغاية".
من جانبه قال نائب وزير الصحة اليمني الدكتور عبد الله الدحان، لـ"اندبندنت عربية"، "الحكومة تعمل بالشراكة والتعاون مع الشركاء من الأشقاء والأصدقاء خلال السنوات الماضية لمنع النظام الصحي في البلاد من الانهيار رغم الظروف المادية والأمنية المعقدة"، لافتاً إلى أنه "بدأت تصل بواكير بعض الدعم من البعض".
وأعرب عن أمله أن يكون موقفهم الداعم بخصوص رفع قدراتنا في مواجهة هذا الخطر العالمي المتمثل بجائحة فيروس كورونا الجديد، "أكثر سخاءً وسرعة وديمومة، لنتمكّن من القيام بما يجب علينا القيام به تجاه أبناء شعبنا في كل مناطق اليمن من دون تمييز لأي اعتبار"