حذر مسؤولون غربيون من أن روسيا قد تستخدم أسلحة "خارقة" تعمل على تبخير الأجساد وسحق الأعضاء الداخلية إذا تعثر هجومها على أوكرانيا.
فالغرب يخشى من أن يلجأ فلاديمير بوتين إلى الأسلحة الحرارية عالية القوة - التي يطلق عليها اسم "أب جميع القنابل"، مع ما يبديه الأوكرانيون من مقاومة لمحاولاته للسيطرة على كييف. وهناك أيضًا مخاوف من أن تلجأ الوحدات التي تتأخر عن موعدها في الخطة المرسومة إلى القصف العشوائي.
وأكدت مصادر دبلوماسية وإعلامية استخدام روسيا قنبلة فراغية يوم أمس الاثنين في هجومها على أوكرانيا.
ما هي القنابل الفراغية؟
تستخدم القنابل الفراغية الأكسجين الموجود في الهواء المحيط لتوليد انفجار شديد الحرارة، وعادة ما تنتج عنها موجة انفجارية بمدة أطول بكثير مقارنة بالمتفجرات التقليدية.
وتُستخدم القنابل الفراغية عادة لتدمير الملاجئ تحت الأرض. وهي تختلف عن القنابل التقليدية لكونها تنفجر على مرحلتين: فالانفجار الأول يخلق سحابة من المواد المتفجرة، ثم يتم تفجير هذه المواد في المرحلة الثانية تفجيرا قويا للغاية.
وسميت القنبلة الفراغية الحرارية الضغطية بهذا الاسم لاحتوائها على ذخيرة من الوقود الصلب الذي يحترق بسرعة فائقة متحولا إلى غاز أو رذاذ ملتهب ينفجر صاعدا إلى الأعلى مسببا تخلخلا هائلا في الضغط بموقع الانفجار.
ويطلق عليها أيضا القنبلة الفراغية لما تولده من ضغط سلبى "تفريغ أكسجين" في موقع الانفجار يدوم لبعض أجزاء من الثانية، وتسبب تفريغا بالبداية يعقبه هجوم للضغط الجوي من جميع الجهات لتعويض الضغط السلبي الناجم عن الانفجار مما يؤدي إلى تدمير مضاعف بالمنطقة المحيطة بالهدف.
وعلى عكس القنابل التقليدية، التي تؤدي، بسبب تعاظم الضغط الانفجاري الإيجابي في منطقة الهدف، إلى تدمير السطوح والمواقع المواجهة للقنبلة فقط من دون تأثير يذكر على الجزء الخلفي من الهدف، تعمل القنبلة الفراغية على تدمير الهدف من جميع الجهات وليس فقط من الجهة المقابلة للقنبلة.
ويؤدي انفجار القنبلة الفراغية إلى توليد حرارة عالية وضغط إيجابي سريع من استهلاك الأكسجين داخل المنطقة المحصورة كالكهف أو النفق.
وإذا نجا الأحياء داخل هذه المواقع من انهيار النفق ومحتوياته فإنهم سيلاقون الهلاك بسبب فرق الضغطين المتولدين، أو مخنوقين بسبب استهلاك الأكسجين، وربما بسبب هذه العوامل مجتمعة.
ما هو حجمها؟
هناك أحجام مختلفة من القنابل الفراغية، حيث تتنوع من القذائف الصاروخية المصممة للاشتباك عن قرب، إلى القنابل الكبيرة التي يمكن إلقاؤها من الطائرات.
حاوية وقود
تتكون القنبلة النموذجية من حاوية وقود وشحنتين متفجرتين منفصلتين. يفتح أول انفجار شحنة الحاوية لتفريق الوقود في سحابة تختلط بالأكسجين في الهواء.
المناطق المفتوحة
طبيعة انفجارها تعني أن هذه القنابل فعالة في المناطق المفتوحة، وكذلك الأماكن الضيقة، مثل المخابئ والكهوف والمناطق الحضرية، الأهداف تحت الأرضية كالمخابئ والمخازن والأنفاق التي لا تصل إليها القنابل العادية.
ويجري إلقاء القنبلة الفراغية عند مداخل الأنفاق أو مخارجها فتؤدي إلى انفجارات ثانوية داخل النفق بسبب عاملَيْ التفريغ والتعويض السريعين في ضغط الهواء.
ما سبق يؤدي إلى تدمير البنية الهيكلية للنفق وما يحتويه من مخازن أو غرف قيادة، مهما كان شكل النفق أو عدد طبقاته، وما يمكن أن يشمله من الأجهزة والمعدات والأحياء.
وعلى عكس القنابل التقليدية، تعمل القنبلة الفراغية على تدمير الهدف من جميع الجهات وليس فقط من الجهة المقابلة للقنبلة، فهي لا يتم استخدامها في الضربات الدقيقة ولكن يمكن نشرها لتطهير مساحات من الأرض.
ولفهم طبيعة عمل هذه القنابل يقول بيتر لي من جامعة بورتسموث : "تخيل أنك أخذت نفسًا عميقًا ثم غطست في الماء. ثم تخيل خروج كل الأكسجين على الفور من جسمك. حاول أن تستنشق مرة أخرى. ولكن بدلًا من أن يملأ الماء البارد رئتيك، تبدأ الجزيئات السامة القابلة للاشتعال في قتلك من الداخل إلى الخارج".
ولا يفوق القنابل الفراغية الحرارية سوى القنابل النووية.
تطوير القنبلة
طورت القوات الروسية عددا من القنابل حرارية مثل TGB-7V بنصف قطر تدمير يبلغ 10 أمتار، والتي يمكن إطلاقها من قاذفة قنابل يدوية بحجم 43 ملم مصممة بشكل أساسي لإطلاق قنابل حرارية للقتال في الأماكن القريبة.
وتزن القنبلة 250 كيلوغرامًا، أما أضخم هذا النوع من القنابل فهو "أبو القنابل" الروسية والذي طورته روسيا، ردا على القنبلة الأميركية المعروفة بـ"أم القنابل".
44 طنا من مادة "تي إن تي"
ويبلغ وزن القنبلة غير النووية فائقة القوة سبعة آلاف ومئة كيلوغرام، وتحتوي على مادة شديدة التفجير ومسحوق الألمنيوم وأكسيد الإيثيلين.
وتكافئ القدرة التفجيرية للقنبلة نحو 44 طنا من مادة "تي إن تي" شديدة الانفجار.
ويتم إسقاط السلاح المدمر من طائرة، وتنفجر تلك القنبلة قبل وصولها الأرض، لتبدأ في الاشتعال، مستعينة بمزيج من الوقود والهواء، فتقوم بتدمير جميع الأهداف المراد تفجيرها لتحولها إلى مجرد أطلال وهياكل.
وتنتج القنبلة تأثيرًا مشابهًا لسلاح نووي تكتيكي صغير، وتحدث غالبية الأضرار بسبب الموجات الصدمية الأسرع من الصوت ودرجات الحرارة المرتفعة للغاية.
ووفقا لتقرير لشبكة "سي إن إن"، فقد أجرت روسيا أول اختبار للقنبلة عام 2007، عقب إلقائها في مكان لم يكشف عنه، لكن تبين أن المنطقة المستهدفة "أصبحت أرضا جرداء مثل سطح القمر، وهو ما جعلها أقوى قنبلة حرارية اخترعها الإنسان على الإطلاق ولذا لقبوها بأبو القنابل".
أم القنابل
تزن القنبلة الموجهة عن بعد 9.8 طن وتشكل أضخم سلاح غير نووي في الترسانة الأميركية وتحتوي على 8480 كيلوغراما من مادة إتش6 المتفجرة وتوازى قوتها التفجيرية 11 طنا من مادة الـ "تى أن تي".
يبلغ طول القنبلة 9 أمتار، وقطرها متر واحد، وهي أضخم قنبلة في التاريخ يتم توجيهها بالأقمار الصناعية وتلقى من الجو. وبحسب مجلة بوبيولار ميكانيكس الأميركية فإن وزن هذه القنبلة يوازي وزن طائرة إف-16 مقاتلة.
تلقى القنبلة الموجهة بنظام تحديد المواقع بالأقمار الصناعية من طائرة نقل من طراز سي-130، وتبطئ مظلة سرعة سقوطها وهو ما يجيز إلقاءها من ارتفاع أكبر ويمنح الطيار وقتا كافيا للوصول إلى مكان آمن.
صممت هذه القنبلة لتنفجر قبل ارتطامها بالأرض. ويضاعف غلاف من الألمنيوم الرقيق قوة عصفها وتوليد موجة صدم هائلة.
وبالمقارنة بين أوزان القنبلتين، تقول روسيا إن "أبو القنابل" أقوى بنحو أربعة أضعاف من "أم القنابل" الأميركية "جي بي يو-43/بي".
ويتجاوز المدى التفجيري للقنبلة نحو 300 متر، مقارنة بـ 150 لأم القنابل.
وعلى الرغم من أنها أصغر حجما من نظيرتها الأميركية، إلا أن قوتها التدميرية تبلغ نحو 44 طنا، مقابل 11 طنا لأم القنابل.
ويتم توجيه "أم القنابل" عن طريق تقنيات الجي بي إس وآي إن إس، لكن وزارة الدفاع الروسية لم تكشف عن طرق توجيه "أبو القنابل" حتى الآن.
إلا أن تقارير عدة أشارت إلى أن الجيش الروسي طورها ليكون توجيهها عن طريق الأقمار الصناعية.
وينظر إلى "أبو القنابل" على أنها أقوى الرؤوس الحربية غير النووية في العالم على الإطلاق.