حالها، رغم محادثة الفيديو بين الرئيسين الأميركي، جو بايدن والصيني، شي جين بينغ، التي تمت الجمعة، وهي الأولى بين الزعيمين منذ بدء العمليات العسكرية في أوكرانيا.
وحذر نائب وزير الخارجية الصيني، له يو تشنغ، في تصريحات لوكالة أسوشيتد برس من أن: "الناتو في حال توسعه أكثر، فإنه سيقترب من ضواحي موسكو حيث يمكن لصاروخ أن يضرب الكرملين في غضون 7 أو 8 دقائق".
وأضاف: "محاصرة دولة كبرى، لا سيما قوة نووية (روسيا) في زاوية، سيترتب عليه تداعيات مروعة للغاية، بحيث لا يمكن التفكير فيها".
وشدد على أن حلف الناتو كان يجب أن يتفكك و"يدرج في التاريخ جنبا إلى جنب مع حلف وارسو".
وتابع القول: "لكن بدلا من التفكك، واصل الناتو تعزيز قواته وتوسعه، وتدخل عسكريا في دول مثل يوغوسلافيا والعراق وسوريا وأفغانستان، يمكن للمرء أن يتوقع العواقب الناجمة عن السير على هذا الطريق".
ومع هذه التصريحات الحادة، يرى المراقبون أن الصين متمسكة برؤيتها المحملة واشنطن والناتو مسؤولية اندلاع الأزمة الأوكرانية، رغم الضغوط الغربية وخاصة الأميركية عليها، والتي وصلت حد التلويح بفرض عقوبات عليها في حال مضيها في محاباة موسكو ومساعدتها للتغلب على تبعات العقوبات الاقتصادية الغربية.
وتعليقا على ذلك، يقول علي يحيى، الخبير في العلاقات الدولية، في لقاء مع سكاي نيوز عربية: "لا شك أن مرتكزات الموقف الصيني مما يجري من أزمة دولية حادة، تتأثر بمعطيات عديدة، فهي من جهة ترتبط بحلف استراتيجي وتنسيق عال المستوى مع روسيا التي أجلت إطلاق عمليتها في أوكرانيا حتى انتهاء دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين، ومن جهة أخرى فالاقتصاد والنمو الصينيان يعتمدان بشكل أساس على استقرار إمدادات الطاقة واستقرار الأسواق العالمية".
إلا أن الصين التي تنظر بعين الريبة لتوسع حلف شمال الأطلسي ( الناتو ) خلال مراحله الثلاث باتجاه الحدود الروسية، كما يشرح يحيى، متابعا :"وعينها كذلك على تحالفات أوكوس بين الولايات المتحدة، بريطانيا، وأستراليا، وكواد بين الولايات المتحدة، اليابان، الهند، وأستراليا، ومحاولات تطويقها عسكريا، واستنزافها عبر حزمة من الملفات والقضايا، من التيبت إلى تايوان وهونغ كونغ، وشينغيانغ، وهواوي وغيرها، بالتوازي مع تصنيفها من قبل واشنطن كتهديد مركزي، ومن هنا يتطور موقفها تصاعديا مما يجري لدرجة وصفت فيها البعثة الصينية لدى الاتحاد الأوروبي، حلف الناتو بأنه من مخلفات الحرب الباردة، وقس على ذلك حجم اتساع الهوة بين الموقفين الصيني والأطلسي".
من جانبه، يقول طارق سارممي، الكاتب والباحث السياسي، في حوار مع سكاي نيوز عربية: "تصريحات بكين، ضد حلف الناتو تتصاعد بشكل لافت خلال الأيام القليلة الماضية، وضمنها تصريح نائب وزير خارجيتها هذا، وهي تكاد تكون الأشد ضد واشنطن والناتو منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية".
ويضيف الكاتب والباحث السياسي: "واضح تماما لأي مراقب أن بكين تميل لموسكو خلال هذه الأزمة رغم إعلانها حيادها فيها، لكنه كما يبدو من هذه التصريحات ليس حيادا سلبيا بلا موقف، حيث يبدو واضحا على ضوء هذه المواقف الصينية أن بكين أقرب لرواية موسكو ومتعاطفة مع رؤيتها، ومتفهمة لما تطرحه من مسببات أو ذرائع سمها ما شئت، لبدئها هذه الحرب".
وعن المتوقع في ظل تصاعد الشد والجذب بين واشنطن وبكين على وقع الأزمة الأوكرانية، يقول المتحدث: "الصين ستمضي غالبا في الوقوف ولو بشكل غير مباشر مع روسيا، كونها ترى في توسع حلف الناتو شرقا خطرا يهددها كذلك وليس فقط روسيا، وفي دعمها للموقف الروسي هي تستند إلى جملة اعتبارات مبدئية وبراغماتية، تتصل بكونهما قوتين كبيرتين متجاورتين وتمتلكان قواسم مشتركة وشبكة مصالح متبادلة لا تنتهي، وأنهما تاليا ليستا في وارد الامتثال لإملاءات واشنطن وحلف الناتو والسماح باقتحام مجالهما الحيوي من قبل حلف الناتو".
وقبل المحادثة المرئية بين بايدن وبينغ كان مستشار الأمن القومي الأميركي جيك ساليفان وكبير دبلوماسيي الحزب الشيوعي الصيني يانغ جيشي قد عقد ما وصفه البيت الأبيض بأنه اجتماع "جوهري" لمدة 7 ساعات في العاصمة الإيطالية، روما، بداية الأسبوع الحالي.