خلال عام من الآن كثرت تجارب الصواريخ فوق الصوتية، أو الأسرع من الصوت، وكان آخرها إعلان الولايات المتحدة، يوم 4 أبريل الجاري، نجاح تجربة صاروخ أسرع من الصوت.
فبحسب شبكة "cnn"، اختبرت الولايات المتحدة صاروخاً تفوق سرعته سرعة الصوت، في منتصف مارس الماضي، لكنها لم تعلنه حينها لتجنب تصعيد التوترات مع روسيا عقب عزو الأخيرة لأوكرانيا، في فبراير الماضي.
وقال مسؤول في البنتاغون إن الصاروخ فوق صوتي (HAWC)، أطلق من قاذفة "B-52" قبالة الساحل الغربي، في أول اختبار ناجح، بسرعة تفوق سرعة الصوت أكثر من 5 ماخ.
وقدم المسؤول تفاصيل ضئيلة عن تجربة الصاروخ، مشيراً إلى أن الصاروخ طار فوق 65 ألف قدم ولأكثر من 300 ميل في أقل من 5 دقائق.
ما الصواريخ فوق الصوتية؟ الصواريخ فوق الصوتية هي عبارة عن صاروخ يمكنه الانطلاق بسرعة "5 ماخ"، أي أسرع خمس مرات من سرعة الصوت على الأقل، وهو ما يعني أن بإمكانه اجتياز ميل في الثانية الواحدة.
يعتمد على الإطلاق في الطبقات العليا من الغلاف الجوي، ثم ينفصل منه الرأس الحربي فرط الصوتي بسرعات هائلة نحو مستويات أدنى إلى الأهداف المحددة، ويمكن لهذا النوع من الصواريخ حمل رؤوس نووية أو رأس حربي تقليدي ينطلق بسرعات هائلة لتدمير أهداف بدقة شديدة دون الحاجة لوقود دافع، بل باستخدام الطاقة الحركية فقط.
وبحسب بحث "الخليج أونلاين"، هناك نوعان من الصواريخ الأسرع من الصوت؛ الأول هو "الصاروخ الانزلاقي" أي يطلق في مسارٍ باليستي، أي إلى مسار لقوس المنحنى الذي تسلكه القذيفة بعد إطلاقها في الهواء، وفي هذه الحالة تكون قمة القوس عند نقطةٍ شديدة الارتفاع عن الأرض.
وحين تبدأ القذيفة هبوطها تعود مقدمة الصاروخ التي تحمل الرأس الحربي باتجاه الأرض في سرعةٍ تفوق سرعة الصوت، مع القدرة على تغيير مسارها أثناء الرحلة.
صواريخ ويطلق على مقدمة الصاروخ اسم المركبة الانزلاقية؛ لأنها لا تمتلك مصدراً خاصاً للطاقة، مثل خزانات وقود الطائرات النفاثة، بل تتحرك أو تنزلق مدفوعةً بقوى الديناميكا الهوائية مثل الرفع ومقاومة المائع.
وهناك نوعٌ معدَّل آخر يطلق عليه اسم مركبة إعادة الدخول سهل المناورة، وهو صاروخ يأخذ منعطفاً واحداً فقط قبل الوصول إلى هدفه.
أما النوع الثاني فهو "الصاروخ الجوال" الذي يطير في مسارٍ مسطح مدفوعاً بمصدرٍ للطاقة طوال الرحلة.
ومن أهم مزايا الصواريخ فوق الصوتية أنها يصعب تعقبها والتصدي لها؛ بسبب قدرتها على المناورة، وقد أطلقت الولايات المتحدة تحديداً عقوداً لثلاث شركات مقاولات دفاعية في العام 2021 من أجل تطوير صواريخ اعتراضية مضادة للصواريخ فرط الصوتية، وسط توقعات بالانتهاء منها منتصف العام 2025.
تنافس دولي وكان كل من روسيا والصين والولايات المتحدة وكوريا الشمالية قد أجرت اختبارات على صواريخ أسرع من الصوت، بينما تعمل فرنسا وألمانيا وأستراليا والهند واليابان على تطوير تلك الصواريخ. وجاء الاختبار بعد إعلان روسيا، الشهر الماضي، أنها استخدمت صاروخها الأسرع من الصوت أثناء غزوها لأوكرانيا، بدعوى أنه استهدف مستودع ذخيرة في غرب أوكرانيا.
وقلل المسؤولون الأمريكيون من أهمية استخدام روسيا لصاروخ "Kinzhal" الأسرع من الصوت، وقال وزير الدفاع لويد أوستن: إنه "لا ينظر إلى الأمر على أنه نوع من تغيير قواعد اللعبة". وجاءت تجارب الصواريخ فوق الصوتية خلال الأشهر الماضية، في كوريا الشمالية والصين وروسيا، لتسلط الضوء على التحدّي الذي تمثله صناعة دفاعات فعالة ضد هذه الأسلحة المتقدمة.
وسبق أن ذكرت مجلة "بوليتيكو" الأمريكية أنَّ الجنرال ديفيد طومسون، نائب رئيس عمليات الفضاء الأمريكية، دقَّ ناقوس الخطر في نوفمبر الماضي قائلاً: إنَّ "الولايات المتحدة ليست متقدمة بقدر الروس، أو الصينيين، من حيث برامج الأسلحة الأسرع من الصوت".
كما سبق أن أعلنت روسيا، في أكتوبر الماضي، أنها اختبرت صاروخاً يخترق جدار الصوت، بينما كشف عن أن الصين أجرت بعدها بأيام قليلة تجربة على إطلاق صاروخ أسرع من الصوت يدور حول الأرض، قادر على حمل رأس نووي، وصفه رئيس الأركان الأمريكي مارك ميلي بأنه "سيكون من الصعب جداً التصدي له".
وذكرت مجلة "ناشنال إنترنست" الأمريكية أن روسيا لديها مجموعة من الصواريخ الأسرع من الصوت، في مقدمتها الصاروخ "تسيركون"، وهو صاروخ مضاد للسفن، ويمكن أن تصل سرعته إلى 8 أضعاف سرعة الصوت، أي نحو 9800 كم في الساعة، ويصل مدى الصاروخ إلى نحو 1500 كم، ومن المتوقع أن يدخل الخدمة في 2022.
صواريخ وقبيل غزوه لأوكرانيا، تفاخر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في فبراير الماضي، بصاروخ "تسيركون" الأسرع من الصوت قائلاً: "إذا كان زمن الرحلة من أوكرانيا إلى موسكو خمس دقائق في حال استخدام سلاح فرط صوتي فإنه يمكن أن نرد بالمثل الآن، بل بات لدينا الأفضلية الآن".
وتبلغ سرعة الصاروخ "تسيركون" 9 ماخ، وتقول موسكو إنَّ بإمكانه إصابة أهداف على مدى يصل إلى 1000 كم. أما الصين فقد ذكرت صحيفة "فايننشال تايمز" أنها أجرت تجارب أسلحة تفوق سرعة الصوت، في يوليو وأغسطس الماضيين.
وعقب التجربة الصينية قال المندوب الأمريكي الدائم في مؤتمر نزع الأسلحة في جنيف روبرت وود: إن "الولايات المتحدة قلقة جداً مما تفعله الصين في مجال الصواريخ فوق صوتية، والتي يمكن تعديل مسارها، ما يجعل رصدها واعتراضها صعباً".
وكانت الصين عرضت، في 2019، صاروخاً أطلقت عليه "دي إف-17" بمدى 2000 كيلومتر، ويشبه "طائرة شراعية"، وقادر على حمل رؤوس حربية نووية.
كما توقع مركز "راند" الأمريكي أن تركز دول العالم صاحبة الصناعات العسكرية، خلال العقد الجاري، على "استكشاف وسائل للدفاع عن نفسها في مواجهة هذا الجيل الجديد من الأسلحة، ولكن المشكلة ستكمن في التكلفة الباهظة، حيث إن الأمر سيتطلب مستشعرات تثبت في الفضاء يمكنها تتبع الأسلحة الأسرع من الصوت".