بدأ الأمر بعاجل على قناة المسيرة التابعة لهم.. "طيران العدوان يلقي في بني سعد والطويلة (المحويت) بصناديق مليئة بالكمّامات والفاين (المناديل) والسلطة المحلية تحذر المواطنين" وأتبعوه بعواجل أخرى "العدو ألقى أيضاً بصناديق مليئة بالكمامات ومواد أخرى بمنطقة نقم...وزارة الصحة: تستنكر قيام تحالف العدوان بإنزال كمامات ومواد أخرى في محافظتي الحديدة والمحويت..تصف الخطوة بالغريبة وتحمل تحالف العدوان مسؤولية نشر وباء كورونا في اليمن سواء عبر هذه الخطوات المشبوهة أو غيرها".
لم تكتف جماعة الحوثي ببث هذه الأخبار العاجلة على وسائل إعلامها؛ أمرت أيضاً شركات الاتصالات ببث تلك الأخبار على هواتف المشتركين، وتناول قادتها الموضوع بشكل مختلف على حساباتهم في التواصل الاجتماعي، مع اختلاف في المناطق والتسميات.
قبل أن نتساءل؛ ما علاقة وزارة الصحة هنا بتأكيد إنزال التحالف صناديق هنا أو هناك، ولم ربط هذه الأخبار بالحديث عن انتشار وباء كورونا؛ من المهم الإشارة إلى أن مصدر في الأمم المتحدة بصنعاء قال لـ"المصدر أونلاين" إنه لم يتم إبلاغهم بإسقاط كمامات أو مواد أخرى مشيراً إلى أنهم سمعوا بذلك عبر وسائل الإعلام.
وفي السياق لم يؤكد سكان في هذه المناطق التي قال الحوثيون إن الصناديق أنزلت فيها رؤيتهم لأي صناديق "نزلت من الجو"، كما أن الحوثيين لم ينشروا أي صور لإنزال الصناديق والكمامات من قبل الطيران، أو حتى صور للصناديق وهي على الأرض، وهي حالة شاذة بالنسبة للجماعة التي توثق كل شاردة وواردة في مناطق سيطرتها، فكيف بحادثة كإسقاط كمامات ملوثة بكورونا حسب زعمهم؟
لاحقاً بثت وسائل إعلام الحوثي، الخبر التالي "النائب العام يوجه بالتحقيق في إنزال طيران العدوان كمامات بغرض الإضرار بالشعب اليمني".
وفي تفاصيل الخبر أن النائب العام في سلطة الحوثي وجه بالتحقيق في واقعة إنزال طيران التحالف كمامات ومواد أخرى في بعض أحياء أمانة العاصمة ومحافظتي الحديدة والمحويت، يشتبه فيها والغاية منها للإضرار بالشعب اليمني، وشدد على الجهات المختصة التعامل مع تلك المواد التي قد تشكل تهديداً على سلامة المواطنين واتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية المجتمع من خطرها، مشيرا إلى أن إلقاء طيران العدوان لهذه المواد يشير إلى فعل إجرامي يستهدف الشعب اليمني كون اليمن ما يزال خالياً من فيروس كورونا.
وفي ذات السياق نشرت إدانات باسم وزارة المياه والبيئة لإسقاط ما قالوا انها "كمامات ملوثة بكورونا قرب الموارد المائية في المحويت" وإدانة الصحة وحكومة صنعاء استهداف الطيران لمركز حجر صحي في الصليف، كان يضم أكثر من ثمانين شخص من الطاقم الطبي وحالات مشتبهة بكورونا كانت فيه وغادرته اثناء القصف".
كان عبدالملك الحوثي علق في خطاب له على انتشار فيروس كورونا عالمياً، محملاً أمريكا المسؤولية عن نشر الأوبئة والأمراض والكوارث وقال إن أي وصول لفيروس كورونا إلى اليمن سيكون بفعل وإشراف أمريكي عبر أدواته السعودية والامارات وسيتم التصدي له على أنه عمل عدائي.
وحتى (كتابة هذا التقرير) تجاهل التحالف العربي الذي تقوده السعودية هذه الادعاءات الحوثية، بينما اكتفى السفير السعودي في اليمن محمد ال جابر بإعادة تغريدات تسخر من هذه المزاعم.
وكذب وزير الإعلام معمر الإرياني تلك المزاعم، نافياً صحة "تلك الادعاءات" وقال ان هدفها إثارة البلبلة والمتاجرة الرخيصة بحياة المواطنين.
ودعا الارياني الأمم المتحدة إلى الضغط على مليشيا الحوثي إلى التوقف عن التوظيف السياسي لملف مواجهة فيروس كورونا والسماح بتدفق المساعدات والإمدادات الطبية للمواطنين.
وحذر وزير الإعلام من وصفهم بـ"مرتزقة طهران" من اتخاذ حياة اليمنيين مادة للابتزاز والمتاجرة السياسية، ونشر الذعر بينهم خدمة لأغراض سياسية قذرة، مشيدا بما تقدمه المملكة العربية السعودية لليمن من إمدادات طبية عن طريق منظمات الأمم المتحدة أو عبر القنوات الرسمية الحكومية.
وأكد الوزير الارياني أن مليشيا الحوثي الانقلابية تستغل ملف مواجهة فيروس كورونا (كوفيد 19) مادة للابتزاز والمتاجرة السياسية لأغراض خاصة بها.
هذا السيناريو الحوثي وتسلسل الادعاءات بهذا الشكل أثار سخرية وتشكيك الكثير من اليمنيين على وسائل التواصل الاجتماعي، وبغض النظر عما إذا كان التحالف قد أسقط صناديق كمامات أم لا فإن الكثيرين رأوا في المزاعم الحوثية بـ"إنزال صناديق ملوثة بفيروس كورونا"، خطة الحوثيين واضحة ومفضوحة لتحميل التحالف مسئولية أي إصابات تظهر مستقبلاً أو أن ثمة إصابات حالية بالفعل يجري التكتم عليها كما يشاع بشكل واسع في صنعاء، وهم يبحثون عن طريقة معينة للإعلان عن ذلك لتحميل التحالف مسئولية انتشاره.