“ماذا بقي لنا؟!.. عذّبونا وخلّونا (أجبرونا) نعترف أننا نمارس الدعارة، وأننا بنات ليل، وخلّوا أهالينا يتبرؤوا مننا”، بهذه الجملة المقتضبة والغاضبة بدأت “فاطمة” تسرد قصّتها أثناء مقابلة لها ضمن النساء الناجيات من سجون جماعة الحوثي.
نحو 15 كلمة كانت بمثابة كتاب، يضم عنواناً وأربعة فصول وخاتمة، عن رحلة معاناتها القاسية في سجون الحوثيين بمدينة الحديدة، والتي تَتَشابَه مع وضع مئات اليمنيات المختطفات.وكانت منظمة سام الحقوقية اليمنية قد اقتبست السؤال الإجابة “ماذا بقي لنا” وجعلته عنواناً لتقريرها الذي أصدرته في يوليو/تموز 2019، وسلّط الضوء على وضع النساء المختطفات خلال الحرب.
مأساة فاطمة
فاطمة، ناشطة اجتماعية من الحديدة، ليس لها أي نشاط سياسي. تقول في شهادتها لـ”سام” إن مجنّدة تعمل لصالح الحوثيين استدرجتها إلى أمام مركز الهلال الأحمر بمديرية الميناء، بزعم أنها تمثل تجمعًا للنازحين بإحدى حواري المدينة لتكتشف لدى وصولها أنها وقعت في “كمين”.
وتضيف: وجدت نفسي أمام طقم مدجج بالسلاح وقلة الحياء وانعدام الكرامة، وخمسة مسلحين وامرأتين، أخذوني من الشارع بالقوة، بلا أي سبب ولا إيضاح، لم أكن أعلم إلى أين يأخذونني، كنت أسمع سخرية الجنود على الطقم.
وكان قسم شرطة الربصة المحطة الأولى لفاطمة، وفيه تقول: “صادروا تلفوني ودفاتري وأقلامي بعد أن صودرت كرامتي بأحد الشوارع وتعرضت للإهانة والشتيمة والتهديد بالضرب والتلويح بأشياء لا أستطيع الإفصاح عنها”.
وبعدها نقلوها إلى السجن المركزي، لتقضي فيه ثلاثة أيام بزنزانة انفرادية متر× مترين وأخضعوها للتحقيق مساء كل يوم، وأجبروها على توقيع أوراق مجهولة، قبل أن ينقلوها إلى عنبر السجن الذي قالت إنه كان يضم 17 سجينة مع أطفالهن لتقضي فيه 75 يوماً إضافيًا.
ووفقاً لفاطمة فإن أسرتها لم تعرف مكان اختطافها إلا بعد شهرين. وعن معاناتها تقول: كنت أعد الساعات والأيام ودموعي لا تتوقف.. 78 يوماً قضيتها لم أسمع صوت أحد من عائلتي، ولم أجد جواباً لماذا أنا هنا، ولم أكن أعلم مصيري، وكان تفكيري عند أمي وإخوتي، والمجتمع كيف سينظر إليّ.
وكانت الصدمة الأكبر تنتظر فاطمة أثناء خروجها من السجن، حينما عملت بوفاة شقيقها الذي لم يتحمل خبر اختطافها، فقد سبق وأن “أخفي قسراً لمدة 6 أشهر، ولم نعلم عنه شيئاً خلالها، ولقي أنواعاً من العذاب وحُقِن بإبرة مجهولة، وبعد خروجه لم يتعافى أبداً، ومن شدة خوفه عليَّ من التعذيب، أصيب بجلطة وتوفي على إثرها”.
طلبت فاطمة من المنظمة اليمنية إيصال صوتها وصوت “بقيّة النساء في سجون الحوثي اللاتي يتعرّضن للضرب والإهانة والشتم من قبل الذئاب البشرية”. واختتمت: كانوا يضربونا ويمنعون عنا الأكل ويجبرونا على تنظيف الحمامات والعنابر ونلاقي أصناف العذاب والمضايقات اللاأخلاقية”.