كورونا يسبب أسوأ أزمة اقتصادية منذ 100 عام

تسببت أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد في شلل الاقتصاد العالمي، وأصبح في حالة من الركود المدمر، إلا أن المخاوف تزداد من استمرار هذا الانكماش لفترة طويلة حتى بعد انتهاء كورونا، وفقاً لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.

 

وأكدت الصحيفة أنه من المحتمل أن تستمر الأزمة للعام المقبل، بل وما بعده، لأن الحكومات تشدد القيود على الأعمال التجارية لوقف انتشار الفيروس، فالوباء هو قبل كل شيء حالة طوارئ صحية عامة، وطالما أنه يشكل خطراً على حياة الناس، فلا يمكن أن تعود الأعمال التجارية والحياة إلى طبيعتها. 

 

وقد يهدد التوقف المفاجئ للنشاط التجاري في نفس الوقت بفرض انكماش اقتصادي عميق للغاية في أغلب دول العالم، وقد يستغرق التعافي منه سنوات، كما أن الخسائر التي لحقت بالشركات، والعديد منها مشبع بالديون، قد تؤدي إلى أزمة مالية ذات أبعاد كارثية.

 

وعكست أسواق الأسهم هذا الإنذار الاقتصادي، فقد انخفض مؤشر S&P 500 في الولايات المتحدة بنسبة 12.5 % في أسوأ شهر له منذ أكتوبر 2008، مما يعني أن المستثمرين يستعدون لظروف أسوأ في المستقبل. 

 

 

 

أم الأزمات المالية

 

 

من جانبه، قال كينيث روغوف، الباحث الاقتصادي في جامعة هارفارد الأميركية والمؤلف المشارك لتاريخ الأزمات المالية: "هذه المرة مختلفة، أشعر أن الأزمة المالية لعام 2008 كانت مجرد تجربة لما يحصل الآن".

 

وأضاف: "هذا أسوأ انكماش مسجل للاقتصاد العالمي لأكثر من 100 عام، كل شيء يعتمد على مدة استمراره، ولكن إذا استمر ذلك لفترة طويلة، فمن المؤكد أنها ستكون أم جميع الأزمات المالية".

 

تشارلز دوماس، كبير الاقتصاديين في "تي إس لومبارد"، شركة أبحاث الاستثمار في لندن، بدوره قال: "لقد أصيب الناس بصدمة حقيقية، سيكون التعافي بطيئًا، وستتغير أنماط الاقتصاد".

 

وأضاف أنه من المؤكد أن الولايات المتحدة، أكبر اقتصاد في العالم، في حالة ركود، وكذلك أوروبا، لذا ربما تكون هناك اقتصادات أكثر أهمية في المستقبل مثل كندا واليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة والبرازيل والمكسيك، كما من المتوقع أن تنمو الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، بنسبة 2% فقط هذا العام.

 

 

 

ملاذ آمن

 

 

ولسنوات، كانت العولمة جزءاً من ضمان تأمين الاقتصاد ضد الكوارث الجماعية، وهذا ما حدث في أزمة 2008، إلا أن حالة الطوارئ العالمية بسبب تفشي الفيروس لم تترك ملاذاً آمنا للاقتصاد العالمي، وفقاً لنيويورك تايمز.

 

فعندما ظهر الوباء، في البداية وسط الصين، كان يُنظر إليه على أنه تهديد كبير للاقتصاد الصيني فقط، حتى عندما أغلقت الصين حدودها، رأى مراقبون أنه في أسوأ الأحوال، ستعاني الشركات الدولية الكبيرة مثل "Apple و General Motors " من فقدان مبيعات المستهلكين الصينيين، بينما سيواجه المصنعون في أماكن أخرى صعوبة في تأمين قطع الغيار المصنوعة في المصانع الصينية. ولكن بعد ذلك انتشر الوباء في دول العالم فانهار الاقتصاد وأٌغلقت أغلب المصانع أبوابها.

 

وقال إينيس مكفي، العضو المنتدب لخدمات الماكرو والمستثمرين في "أكسفورد إيكونوميكس" في لندن: " إن الانهيار الاقتصادي في كل مكان، إنه أمر مثير للقلق بشكل لا يصدق".

 

وتقدر أكسفورد إيكونوميكس أن الاقتصاد العالمي سينكمش بشكل هامشي هذا العام، قبل أن يتحسن بحلول يونيو المقبل. 

 

 

 

الحزم الاقتصادية 

 

 

بدورها، قالت ماري أوينز تومسن، كبيرة الاقتصاديين العالميين في شركة "إندوسويز ويلث مانغمنت" في جنيف: "إنني متمسكة بفكرة أن هذه أزمة مؤقتة، تضغط على زر الإيقاف المؤقت، ثم تضغط على زر البدء مرة أخرى"، وأضافت أن الأمر يعتمد على حزم الإنقاذ التي تطلقها الحكومات.

 

ووفقا لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، سينخفض الاستثمار الأجنبي بنسبة 40 في المائة هذا العام.

 

من جانبه قال العالم الاقتصادي "IHS Markit" في مذكرة بحثية حديثة: "من المرجح أن يستغرق الركود من سنتين إلى ثلاث سنوات حتى تعود معظم الاقتصادات إلى مستويات إنتاجها قبل الوباء".