البنوتة الشقية .. زوزو السينما المصرية وسندريلا الشاشة العربية .. الفنانة سعاد حسني التي أمتعت جمهورها المصري والعربي على مدار 32 عاما ، كان الجانب الآخر من حياتها اشبه بالمظلم ، حيث عانت من عدم استقرار حياتها الشخصية والمرض الذي أنهك جسدها لتنتهي حياتها نهاية غامضة تظل لغز حتى الآن .
الجنسية الحقيقية للسندريلا
ملامحها السمراء ولهجتها المصرية السليمة لم تدع مجالا للشك انها تحمل جنسية غير المصرية ، الا ان الحقيقة غير ذلك ، فالسندريلا أميرة كردية من عشيرة بابان هاجر جدها من مدينة السليمانية في اقليم كردستان العراق إلى دمشق ، وسكن في الحي الكردي بدمشق القديمة الشهير بحي القيمرية ، نسبة الى موسك القيمري الكردي وإلى ناصر الدين القيمري بالعهد الأيوبي ، حارة البابا ، نسبة إلى العوائل الكردية التي سكنت بهذه الحارة ، وكلمة البابا نسبة لعشيرة بابان الكردية المهاجرة من مدينة السليمانية .
احد الصحفيين المشهورين قال إنه التقى السندريلا في مهرجان السينما الثاني بدمشق في سبعينات القرن الماضي ، وأجرى معها حوارا مطولا معها نشرته جريدة اليوم اللبنانية وأضاف : حين عرفتني كردي قالت لي بفخر واعتزاز أنا أيضا كردية من بيت البابا ، وكذلك أكد زوجها علي بدرخان الكردي الحسب والنسب ان سعاد كردية .
وفي لقاء إذاعي لها في إذاعة لندن قالت سعاد : انا اشکر الرئيس جمال عبد الناصر الذي كرمني بتجنيسي وتجنيس والدي الكردي حسني البابا ، نحن من سوريا ومن أصل كردي وافتخر بجنسيتي المصرية ، وافتخر ايضا بكرديتي وافتخر بزوجي الأمير المخرج على بدرخان ، الذي أشرف على علاجي ومساعدتي وانا في لندن رغم انفصالي عنه ، وهذا ان دل فإنما يدل على أخلاقية الانسان الكردي وشهامته .
تنتمي لعائلة فنية سورية تنتمي سعاد حسني إلى عائلة فنية شهيرة ، فعمها الفنان السوري أنور البابا المعروف ب « أبو كامل » ، وكان جدها لأبيها مطرباً في دمشق ، أما والدها محمد حسني البابا الذي سافر مع أبيه إلى القاهرة عام 1912 ، فقد كان من أشهر الخطاطين على المستوى العربي والإسلامي ، وقال عنه الفنان محمد حمام ، تلميذه في الخط ، إنه يستطيع أن يركب تركيبات فنية مدهشة في الخط العربي .
وقال : ربما يمكننا القول إن الخطاط حسني البابا كان له الفضل الأكبر في صنع وصياغة تكوينة فنية مدهشة ، يقال إن لسعاد حسني جملة شهيرة في برنامج « بابا شارو » : « أنا سعاد أخت القمر .. بين العباد حسني اشتهر » ، وهذه الجملة قد يكون لها معنيان : حسني أي جمالي من جهة ، وحسني هو الاسم الأول لوالدها الخطاط السوري محمد حسني البابا ، الذي اشتهر خلال الثلاثينات بفنه الجميل ومهاراته الفائقة في الخط العربي ، وهو المعروف بزيجاته العديدة ، فله من الأولاد 17 ولداً وبنتاً .. تزوج من اثنتين في مصر ، حيث أنجب من الأولى ستة أولاد منهم نجاة الصغيرة والملحن عز الدين حسني الذي سافر بالإنابة عن الأسرة لتسلم تقرير الطبيب الشرعي البريطاني عن حادثة وفاة السندريلا وأنجب من الزوجة الثانية ثلاث فتيات سعاد احداهن .
رحلة سعادة من دمشق للقاهرة بعد انفصال والدها عن والدتها ( الزوجة الثانية ) عاد إلى دمشق واصطحب معه أولاده ، وعاشت سعاد عدة سنوات في حي دمشقي قديم ، ثم عادت إلى القاهرة مع عدد من أخواتها من بينهم نجاة التي كانت الأسبق إلى الشهرة ، وهناك من يقول إن سعاد انتقلت للعيش مع زوج أمها منذ أن كان عمرها أربع سنوات بعد انفصال الأم عن أبيها ، وفي عام 1959 جاءت الفرصة لسعاد عندما اختارها المخرج بركات لبطولة فيلم « حسن ونعيمة » وكان عمرها ستة عشر عاماً .
كان لسعاد من أبيها ثمانية اخوة هم خديجة وسميرة ونجاة وعفاف وعز الدين ونبيل وفاروق وسامي ، وعندما تزوج من أمها السيدة جوهرة أصبحت لها شقيقتان هما كوثر وصباح وكانت سعاد الوسطى بينهما ، وبعد انفصال والديها تزوجت أمها من موجه بالتربية والتعليم هو عبد المنعم حافظ.
وأنجبت منه ثلاثة أولاد : جهير وجاسر وجلاء ، وثلاث بنات : جيهان وجانجاه وجيلي . وعلى الرغم من أن والدها كان في يوم من الأيام من اشهر الخطاطين إلا أنه مات فقيراً معدماً في شقته التي تقع في بناية إلى جانب سينما أوبرا في القاهرة عن عمر يناهز 75 سنة ، ويقال إنه كان مهملاً لمظهره في آخر أيامه حيث كان يقضي أياماً عدة بجلابية واحدة .
السندريلا بأشقائها لم تكن سعاد تتحمس للكلام عن والدها ، ربما لأنه تركها صغيرة وربما لأنها لم تكن تحمل ذكريات جميلة عنه ، لكن علاقتها ببقية أفراد الأسرة كانت جميلة جداً وطيبة .. كانت ابنة اختها سوسن الصاوي ( وهي ابنة أختها الكبيرة خديجة التي تكبرها بعشرين سنة ) مصممة أزياء ، وقد وجدت فيها الفنانة التي تقوم بتصميم معظم أزيائها للأفلام وتسريحاتها أيضاً ..
أما في ما يخص اختها نجاة فكانت العلاقة بينهما علاقة أخت كبيرة بالأصغر منها ، وقال البعض ممن كان يعرف هذا الأمر عن قرب « إن نجاة كانت تحب أختها وكانت العلاقة بينهما لطيفة » وفي المقابل كانت سعاد على علاقة جيدة مع أختها وكانت تحبها كثيراً .
بين سعاد وأخيها عز الدين حسني الملحن الكبير نحو 15 سنة ، لحن لنجاة عدة أغان منها « أنا ما زلت أهواك » و « على طرف جناحك يا حمام » ، لكنه لم يلحن إطلاقاً لسعاد ، إلا أنه لحن أغنيات لمحمد عبد المطلب وليلى مراد وسعاد محمد وهدى سلطان ، كما كان عازفاً في فرقة أم كلثوم على آلة الكمان .
كانت تحب أخاها جلاء كثيراً وقد عانت كثيراً عندما مات ، كما تأثرت بشدة بسبب وفاة أمها .