تمكّنت قوات صنعاء من نقل المعركة من صحراء شرق محافظة الجوف إلى شمال مأرب. التقدّم الجديد، الذي أربك القوات التابعة لـ«التحالف»، جاء بعد عملية التفاف أدّت إلى إسقاط معسكر «اللبنات» الاستراتيجي، نهاية الشهر الماضي، والتقدّم بسرعة باتجاه المدينة، وصولاً إلى محيط معسكر «الماس» شرقيّها
صنعاء | تقترب قوات صنعاء يوماً بعد آخر من مشارف مدينة مأرب، شمالي شرقي صنعاء، أهم معاقل «التحالف» السعودي والميليشيات التابعة له. السبت الماضي، شنّ الجيش اليمني و«اللجان الشعبية» هجوماً على سلسلة جبال بئر المرازيق المحيطة بمعسكر «اللبنات» الذي يعدّ آخر معاقل قوات الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، في محافظة الجوف، ما بعد سقوط مركز المحافظة، مدينة الحزم، ومساحات واسعة من المحافظة، تحت سيطرة قوات صنعاء، منتصف الشهر قبل الماضي. وسقط بئر المرازيق، آخر سلسلة جبلية تحيط بمعسكر «اللبنات» الاستراتيجي، بعدما تمكّن الجيش و«اللجان» من السيطرة على سلسلة الندر وسلسلة الوبس في صحراء شرق حزم الجوف وعدد من المناطق المحيطة بالمعسكر، وسط استماتة من قوات هادي للدفاع عن المعسكر. فبعدما خاضت قوات صنعاء معارك عنيفة مع قوات هادي استخدمت فيها مختلف أنواع الأسلحة، سقط المعسكر بعتاده الكبير، الأحد الماضي، ولاذ من تبقّى من قوات هادي وميليشيات حزب «التجمع اليمني للإصلاح» («الإخوان المسلمون» في اليمن) بالفرار عبر طريق صحراوي إلى مأرب.
يعدّ سقوط «اللبنات» سقوطاً لأول وأهم الخطوط الدفاعية لقوات هادي عن مدينة مأرب. وعلى رغم تدخّل طيران «التحالف» لقصف المعسكر والمواقع المحيطة، فإن قوات صنعاء تقدّمت متجاوزة كثافة الغارات لتسيطر على مناطق الخسف والأبرش والأقشع وقرن منصور وعدوان والجدفر في محافظة الجوف، وسط تراجع لقوات هادي و«الإصلاح» ولمقاتلين سلفيين محسوبين على الرياض. كما تمكّنت قوات الجيش و«اللجان»، الثلاثاء، من التوغّل في مديرية رغوان، المديرية الثانية كبراً شرقي محافظة مأرب وتبعد 10 كلم شمالي المدينة، لتفتح بذلك مساراً جديداً للتقدّم نحو مأرب، بالتوازي مع مسارين آخرين: جبهة صرواح، ومدغل الجدعان، من الجهة الغربية للمدينة. وكانت وساطات قبلية قد تمكّنت مطلع الشهر الماضي، من توقيع اتفاق قبلي بين الجيش و«اللجان»، وقبيلتي آل مروان والشداودة في مديرية رغوان، على تجنيب مناطقهما القتال، مقابل انسحاب قوات هادي، وهو ما رفضته السلطات المحلية بضغط سعودي تضمّن ترهيباً وترغيباً. ومع اشتداد المواجهات بين قوات صنعاء وقوات هادي مسنودة بالميليشيات، فجر الأربعاء، استكمل الجيش و«اللجان» تأمين المرتفعات والمواقع الاستراتيجية في رغوان، والتقدم نحو منطقة الكنائس شرقي مأرب، ليصلا إلى مشارف معسكر «الماس»، أحد أبرز معسكرات قوات هادي والتحالف في مأرب، من ثلاثة اتجاهات، بعدما تمكّنا من قطع آخر خطوط الإمداد إلى المعسكر.
عمليات التقهقر المتلاحقة للميليشيات المدعومة من التحالف دعت قيادة وزارة الدفاع في حكومة هادي إلى طلب النجدة من الرياض وتحريك بعض القبائل الموالية لها. فدخلت المعركةَ في الساعات الماضية ميليشيات قبلية في محور صرواح العسكري غربي مأرب، تحت ذريعة الدفاع عن المدينة. في المقابل، وبالمثل، انخرط عدد من أبناء قبائل مأرب في القتال مع قوات صنعاء، في جبهات قانية الواقعة بين محافظتي مأرب والبيضاء وجبهة صرواح وجبهة رغوان شمالي مأرب. وتعليقاً على إعلان قوات هادي تقدّمها في جبهة صرواح، أكّدت مصادر قبلية في مأرب أن تقدّم قوات هادي جاء بإسناد طيران «التحالف» وانحصر في جانب من جبل هيلان الاستراتيجي. ومع اقتراب سقوط مأرب، التي تحيط بها قوات الجيش و«اللجان» من ثلاثة اتجاهات، جدّدت حركة «أنصار الله» دعوتها قبائل المدينة إلى تجنيبها العنف. مصادر مطلعة أكدت لـ«الأخبار» عرض «أنصار الله» مبادرة «حظيت برعاية قائد الثورة السيد عبد الملك الحوثي، قدّمها في لقاء جمعه بعدد من مشايخ مأرب وتم استحسانها». ويستدرك المصدر: «الرياض رفضت المبادرة بعدما عرضها عليها بعض مشايخ المحافظة. قطر حاولت إقناع قيادات حزب الإصلاح بالمبادرة ورفضت. كما أن قيادة أنصار الله عرضت المبادرة على المبعوث الدولي مارتن غريفيث». ويوضح المصدر أن المبادرة «لم تنص على منح حكومة صنعاء أي سلطة على مأرب، وأبقت سلطتها المحلية على وضعها الحالي، كما لم تضف أي مكاسب للحركة»، فيما تضمّنت البنود الآتية: وقف استخدام مأرب كمنطلق عسكري لبقية المحافظات، ضمان منع أي استهداف عسكري للمحافظة وإبقائها خارج الصراع، إعادة صرف مخصصات المحافظات من المشتقات النفطية والغاز كما كانت في السابق، تخصيص إيرادات صادرات النفط والغاز لصرف مرتبات الموظفين، إعادة تشغيل محطة الكهرباء لتستفيد منها مأرب وبقية المحافظات بشكل عادل، منع الاعتداء على أبناء مأرب من الذين لا يتوافقون مع السلطة الحاكمة، تأمين المسافرين عبر المحافظة وتسهيل سفرهم.
الخبر التالي: