حتى هذه اللحظة، أعلنت إسرائيل عن إصابة 7,589 من مواطنيها بفيروس كورونا، في حين بلغ عدد الوفيات 42، وكانت الظاهرة اللافتة أن 24 من هؤلاء الموتى هم من الحاخامات، وهي نسبة لفتت أنظار وسائل الإعلام الإسرائيلية، لا سيما الصحافة التابعة للجماعات الدينية اليهودية، التي نشرت جملة تقارير ترجمتها "عربي21".
تركزت الوفيات الإسرائيلية في صفوف الحاخامات اليهود في مدينة بني براك، وتقع على ساحل البحر المتوسط ضمن مقاطعة تل أبيب، تأسست عام 1924 كمستعمرة ملاصقة لقرية الخيرية الفلسطينية المهجّرة بفعل حرب 1948، ويعتبر معظم سكانها من اليهود الحريديم المتعصبين، الذين يلتزمون بما يعتبرونه الشريعة اليهودية، ويرفضون الانصياع للتعليمات الصحية الصادرة عن الجهات الحكومية الإسرائيلية، الأمر الذي يفسر وقوع العدد الكبير من الإصابات والوفيات في صفوفهم.
وحسب إحصائيات وزارة الصحة الإسرائيلية، فإن نصف من دخلوا غرف الإنعاش بسبب كورونا من الحريديم، ومن بين كل 5 إسرائيليين في غرف الإنعاش في مستشفى بيلينسون هناك 3 من الحريديم، ورغم ذلك فمال زالوا يرفضون الالتزام بتعليمات وزارة الصحة، ما أثار مزيدا من الصدامات مع الشرطة عند احتجاجهم على إغلاق إحدى الكنس اليهودية في القدس.
آخر المخالفات التي ارتكبها هؤلاء اليهود المتدينون وحاخامتهم، ما أقدموا عليه أواخر آذار/ مارس حين دخل مجموعة من مستوطني جماعة "حسيدي بارسلاف" لمدينة نابلس شمال الضفة الغربية، ووصلوا بوابة قبر يوسف في المدينة، ورغم محاولة الجيش الإسرائيلي منعهم من الدخول خشية انتقال العدوى بالكورونا بينهم، إلا أنهم تسللوا للمكان، مع العلم أنهم يقتحمون هذه المنطقة بين حين وآخر، ويأتون بالعشرات من خلال حافلات عديدة، ما يساعد في نقل العدوى بسرعة.
وفي حادث آخر، تم تهريب ابن زعيم جماعة "غور" الحريدية من خلال سيارة إسعاف إلى مدينة بني براك؛ من أجل تجاوز الحواجز التي أقامها الجيش الإسرائيلي على بوابات المدينة، وكانت المفاجأة أن السبب في هذا التهريب هو المشاركة في ختان حفيده.
وبعد إعلان الشرطة الإسرائيلية أنها بصدد إخلاء أعداد كبيرة من مدينة بني براك إلى الفنادق ومراكز الحجر الصحي، أعلن رئيس بلدية المدينة لسكانها أنه "لن يأخذكم أحد بالقوة". أما قيادة الجبهة الداخلية في الجيش الإسرائيلي، فأعلنت أنها لن تستخدم القوة ضدهم، فقط ستتم الدعوة عبر وسائل الإعلام، لأنهم لا يستطيعون حرمان شخص له 9 أطفال من البقاء بعيدا عنهم.
ورفض المتدينون مغادرة المدينة لفنادق الحجر؛ لأنها لا تقدم الأكل الحلال المعروف باسم "كاشير"، ورغم العدد الكبير للجنود الإسرائيليين الذين أُدخلوا لمدينة بني براك لإخراج المصابين بكورونا، الذين يقترب عددهم من 15 ألفا، فقد اعترف الجيش أن عددا قليلا فقط وافق على الخروج للفنادق.
وفي ظل عدم قدرة السلطات الإسرائيلية على السيطرة على سكان مدينة بني براك وحي ميئا شعاريم، والفشل في تنفيذ إغلاقهما، وفي ظل الخطط "الناعمة" التي لم تجد نفعا مع الحريديم، تم وضع خطة من قبل وزير الحرب نفتالي بينت تقوم على إخراج 4500 من كبار السن؛ لعزلهم في فنادق تديرها قيادة الجبهة الداخلية، على أن تبلغ تكلفة هذه الخطة 75 مليون شيكل.
وحسب الإعلام العبري، فإن أولئك الحاخامات الكبار شكلوا قدوة سيئة للإسرائيليين، ما أسفر عن زيادة تفشي المرض. وعلى رأس هؤلاء وزير الصحة الحاخام يعكوب ليتسمان، الذي رفض بداية الأمر الالتزام بتعليمات الجهات الحكومية في إجراءات العزل الصحي والفحوصات الطبية، حتى أنه طلب من المختبرات التحليلية عدم فتح أبوابها في أيام السبت، وفي النهاية تم الإعلان عن إصابته وزوجته بالفيروس، الأمر الذي تسبب بدخول قادة إسرائيل إلى الحجر الصحي عقب اختلاطهم به.
أما الحاخام حاييم كافيونيسكي، فهو المرجع الأكبر لطائفة الحريديم، فلم يصدر فتوى حتى الآن تمنع الاختلاط أو التجمهر، على اعتبار أن الحريديم يعتبرون إسرائيل دولة كافرة، ويدعون على جيشها، ويأخذون فتواهم من مصدر واحد غير مقتنع حتى الآن بفيروس كورونا، ما حدا بالجيش الإسرائيلي إلى نشر 15 ألفا من قوات المظليين والقوات الخاصة وسييرت متكال ووحدة العمليات الخاصة، للسيطرة عليهم .