حذر إعلامي مستقل بارز من مخطط يعده التحالف بقيادة السعودية والإمارات للتسوية السياسية في اليمن، يتضمن تمكين جناح محدد في المؤتمر الشعبي العام من مؤسسات الدولة تمهيداً لتسليمه زمام الأمور، على حساب الأطراف الرئيسية في المشهد السياسي وعلى وجه الخصوص التجمع اليمني للإصلاح.
جاء ذلك على لسان رئيس تحرير صحيفة "إيلاف" محمد الخامري، الذي أكد تعمد التحالف لاستبعاد التجمع اليمني للإصلاح من أي تسوية سياسية، بهدف اعادة دورات الصراع السياسي في اليمن.
وقال الصحفي الخامري المقيم في بلجيكا منذ اندلاع الحرب في اليمن، في منشور على صفحته الرسمية في موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، عنونه بـ "نصيحة جادة": "أي إصلاحي، سواءً كان قيادياً او من الكوادر والقواعد التنظيمية، او متعاطف معهم او محب لهم او جار لقياداتهم او تربطه أية علاقة بهم مهما كانت؛ عليه إعادة النظر في الاصطفاف المتشنج مع وضد، ومراجعة مواقفه السياسية المعلنة، والتخفيف من حدتها، وإعادة تحديد مدى الدعم والتطبيل للتحالف العربي، واذا استطاع مغادرة السعودية فلا يتأخر أبداً".
مضيفاً: "السعودية وبالتنسيق مع الامارات؛ وبعض القوى الإقليمية والدولية بدأت بتنفيذ استراتيجية خاصة لتمكين جناح محدد في المؤتمر الشعبي العام من مؤسسات الدولة تمهيداً لتسليمه زمام الأمور مستقبلاً بالتوافق مع الحوثيين، واستبعاد الاصلاحيين من أي تسوية قادمة، بل والعمل على تحجيمهم وتجريمهم ان اقتضى الأمر".
مردفاً: "مخطط التسوية السياسية؛ مُشوّه عن قصد وإصرار وتعمد لخلق ردات فعل شعبية طبيعية من قبل القوى المستبعدة من كل التيارات الحزبية والتوجهات الفكرية، وبالتالي اعادة دورات الصراع السياسي القابل للتحول إلى صراع مسلح بفعل ترسانة الأسلحة التي وزعت سراً وجهراً خلال الثمان السنوات العجاف".
وضغطت السعودية والامارات على الرئيس هادي ونائبه الفريق الركن علي محسن، عبر عقد مشاورات دعت إليها مختلف الاطراف اليمنية وامتنع الحوثيون على حضورها، لنقل السلطة إلى مجلس قيادة رئاسي وإصدار قرار تضمن إعلان دستوريا يعطل الدستور والمرجعيات الثلاث للشرعية.
قضى القرار بتعيين القيادي المؤتمري عضو اللجنة العامة للمؤتمر، اللواء رشاد محمد العليمي رئيسا لمجلس القيادة الرئاسي، وتعيين 7 اعضاء في المجلس لكل منهم صفة نائب رئيس، بينهم قادة الفصائل العسكرية المحلية الموالية لأبوظبي والرياض، والمتمردة على الشرعية والقوات الحكومية.
ضمت عضوية مجلس القيادة الرئاسي الذي فوضه الرئيس هادي في السابع من ابريل الجاري، كامل صلاحياته بضغط سعودي اماراتي: سلطان بن علي العرادة، وطارق محمد صالح عفاش، عبدالرحمن أبو زرعة، عبدالله العليمي، عثمان حسين مجلي، عيدروس الزبيدي، فرج سالمين البحسني.
ورأى مراقبون سياسيون للشأن اليمني، محليون وغربيون، أن "نقل السلطة من هادي ونائبه لا يستند إلى مسوغ دستوري شرعي، ويعتبر اسقاطا للشرعية اليمنية ومرجعياتها الثلاث، وانهاء للتحالف العسكري لدعمها بقيادة السعودية والامارات، ودفعا لقوى موالية لكل من الرياض وابوظبي للتفاوض مع الحوثيين وتقاسم حكم اليمن سلما أو خوض قواتها معركة حسم معهم".
مشيرين إلى أن "التحالف، بهذا التوجه الجديد، تخلى عن اليمن وامنه واستقراره، واستعدى الارادة الشعبية اليمنية الغالبة، لحماية دوله ومنشآتها النفطية من الهجمات الجوية الحوثية، وانقلب على الشرعية ومكوناتها السياسية وفي مقدمها تجمع الاصلاح وتضحياته الكبيرة في مختلف جبهات المعارك مع الحوثيين طوال سبع سنوات وتنكر لها في نهاية المطاف". حد قولهم.
ولفتوا إلى أن "من شأن هذه التغيرات الكبيرة أن تسفر عن واقع جديد يتصدر فيه النظام السابق للرئيس علي صالح بقيادة طارق عفاش المشهد، بعد افتتاحه فروعا للمكتب السياسي لقواته في محافظات شبوة ومارب وتعز، ضمن توجه التحالف لإعادة نظام الرئيس السابق إلى الواجهة وتسليمه الزمام ودعمه سياسيا وعسكريا واقتصاديا" والبداية باعلان تقديم ثلاثة مليارات دولار.
منوهين بأن "التنافر القائم والطموحات المتضادة بين قوى فصائل التشكيلات العسكرية الموالية للرياض وابوظبي والممثلة بعضوية مجلس القيادة الرئاسي، ينذر بنشوب خلافات قد تتطور لاشتباكات وحرب اهلية ستكون عواقبها اخطر اضعافا من الحرب التي شهدتها البلاد خلال السنوات السبع الماضية". لافتين إلى "وقائع اصطدام عدة بين القوات التابعة لهذه الفصائل".
يشار إلى أن توجهات التحالف بقيادة السعودية والامارات حسب مراقبين للشأن اليمني "ظلت تسير منذ بداية 2020م باتجاه اسقاط سلطة الشرعية اليمنية ممثلة في الرئيس هادي والحكومة والجيش الوطني في المحافظات المحررة، وتقسيم اليمن الى دولتين او اقليمين اتحاديين مبدئيا، شمالي يحكمه نظام الرئيس الأسبق علي صالح بقيادة نجله احمد علي ورئاسته لجناحه في المؤتمر الشعبي، وآخر جنوبي يحكمه المجلس الانتقالي الجنوبي برئاسة عيدروس الزُبيدي".