في الأمس القريب من عام ٢٠٠٦م تبنت جمعية أبناء ردفان في عدن مبدأ التصالح والتسامح، ذلك المبدأ الإنساني والأخلاقي العظيم الذي دشن عهداً جديدا ًفي تاريخ شعبنا الأبي في الجنوب، ولم تكن تلك الخطوة بغريبة على ردفان وأبنائها، التي انطلقت منها الشرارة الأولى لثورة 14 اكتوبر 1963م المجيدة، التي جاءت تجسيداً لطموحات شعبنا في الحرية والاستقلال و العيش في أمن وأمان في ظل دولة النظام والقانون والمساواة ..
أصبح التصالح والتسامح هو أساس انطلاق الحراك الجنوبي السلمي ضد التسلط والجور الذي تعرض له شعبنا..
وأصبح الحراك الجنوبي السلمي الشعبي هو الحامل للقضية الجنوبية العادلة. وفشلت كل الرهانات للنيل منه أو القضاء عليه، بل كان القدوة لثورة شباب التغيير قبل أن يتم الالتفاف عليهما معاً في محاولة لإعادة عجلة الزمن الى الوراء ..
ولعل ما يدور الآن من حرب جائرة على اليمن هي من نتاج ذلك الالتفاف على إرادة الشعب اليمني في الشمال والجنوب وإبقائه في الحروب والفتن والتخلف..
إن الحروب لا تأتي بالتنمية والبناء أياً كانت أسبابها بل هي شكل من أشكال الدمار و الخراب والموت المتنقل و خاصة عندما تكون مرتبطة بقوى خارجية سواء كانت إقليمية أو دولية، فالمصالح متشابكة، إلا أنها في المقام الأول وفي نهاية الأمر وبدرجة أساسية لن تراعى مصالح بلدنا إذا لم نرعاها نحن.
إن الحرب تمزق النسيج الاجتماعي وتؤدي الى تفشي الفقر والبطالة وتخلق فئات منتفعة انتهازية لا يهمها بالمقام الأول غير الاستفادة المادية على حساب دماء شعبنا واستقلالية قراره الوطني، وانتشار الجهل والعمل على البقاء ولو على حساب فئات مجتمعية أخرى، وازدهار المناطقية التي تنمو وتنخر في تمزيق النسيج الاجتماعي. لكن ثمة بارقة أمل تبرق من بين هذه الأجواء الملبدة بغيوم دخان الحروب والتهديد بالمزيد منها في وقت أحوج ما يكون شعبنا الى وقف الحرب والى السلام .. في الفترة الأخيرة لدينا مَثلان رائعان لرفض مجتمعنا الجنوبي هذا السلوك، الأول: هو وثيقة العهد والشرف التي أُنجزت من قبل أبناء مدينة خوره، في محافظة شبوة التاريخ والحضارة، والتي نصت على نبذ التعصب القبلي وتسليم القاتل. ولابد لنا هنا من تقديم التحية والتقدير لأبناء خوره، وهذا السلوك يدل على نضج شعبنا وحضارته الممتدة منذ أكثر من ألفي عام في خورة ومرخة ( حضارة أوسان) وغيرها… والثاني: هو ما نجحت فيه الأطراف أخيراً ممثلة في أبناء الصبيحة، في محافظة لحج، بتفويت الفرصة على من يعملون على إذكاء المناطقية أو تفريخ الولاءات بدلاً من أن يكون الولاء أولاً وأخيراً للوطن.. هذان المَثلان يؤكدان على أن أبناء شعبنا قد تنبهوا لمن يصطاد في الماء العكر ويؤكدون رفضهم القاطع لمثل هكذا سلوك… ونشيد بالحوارات التي جرت وتجري في عدن لحقن دماء أبناء شعبنا، وأن عليهم الاحتكام للغة الحوار بدلاً عن السلاح الذي لا يستفيد منه إلا تجار الموت والحروب والجيوب.. ونتمنى أن يجري الاهتمام بحل مشاكل مدينة عدن، وفي مقدمتها الكهرباء، والمواطنون مقبلون على صيف وشهر رمضان وامتحانات الطلاب.. نامل أن صوت العقل والحكمة ومصلحة الوطن والشعب هو الذي ستكون له الغلبة في الأول والأخير وليس لصوت حرب جديدة، المنتصر فيها مهزوم ومازوم .. كل عام وانتم بخير..
لكم التحية يا شغبنا العظيم
الخبر التالي:
الصحفي الشرعبي.. معسكر طارق سقط بيد الحوثيين و"الاخوان" يقدمون مأرب فريسة سهلة للمليشيات