سجل الرئيس عبدربه منصور هادي، ظهوراً رسمياً هو الأول منذ نقله السلطة إلى مجلس رئاسي بضغط من التحالف بقيادة السعودية والإمارات، فاجأ به جميع الخصوم وأثار جدلاً واسعاً بشأن مصيرهم السياسي.
وظهر الرئيس هادي بإجراء رسمي من مقر إقامته في العاصمة السعودية الرياض تمثل في برقية بعثها إلى اليمنيين كافة في الداخل والخارج، عزاهم فيها بوفاة الشيخ صادق بن عبدالله بن حسين الأحمر، الذي رحل عن عمر ناهز 66 عاماً متأثراً بمضاعفات مرض السرطان الذي كان يعاني منه وأسعف على اثره من العاصمة صنعاء إلى الأردن لتلقي العلاج.
وقال الرئيس هادي في تغريدة على منصة التدوين المصغر "تويتر": "بخالص العزاء وعظيم المواساة تلقينا نبأ وفاة الشيخ صادق بن عبدالله الأحمر، أحد رموز اليمن القبلية والمجتمعية.
مضيفاً: "بهذا المصاب، نعزي إخوة الفقيد وأقاربه وكافة محبيه، سائلين المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته ويلهم أهله وذويه الصبر والسلوان. إنا لله وإنا إليه ر اجعون".
يأتي هذا بعد أن نشرت وسائل إعلام أمريكية عن دبلوماسيين وأعضاء مجلس الكونجرس أن السلطات السعودية فرضت عزلة مطبقة على الرئيس هادي وأفراد أسرته ومنعت عنهم الزيارات والاتصالات ووسائل التواصل بدعوى دعم انجاح مجلس القيادة الرئاسي ومهامه المحددة بقرار الرئيس هادي، نقل السلطة إليه.
ورأى مراقبون أن البرقية تدشن استعادة الرئيس هادي نشاطه السياسي والاجتماعي بعد 9 أشهر على قراره نقل السلطة إلى مجلس قيادة رئاسي مهمته "التشاور مع حركة أنصار الله (الحوثيين) والعمل على انهاء الحرب وإحلال السلام في اليمن والتوصل إلى تسوية سياسية شاملة لإحلال السلام في اليمن، ومعالجة تداعيات الحرب الاقتصادية والانسانية"، خصوصاً بعد فشل المجلس حتى الآن في انجاز هذه المهمة.
وضغطت السعودية والامارات على الرئيس هادي ونائبه الفريق الركن علي محسن الأحمر، وارغمته في السابع من ابريل الفائت بذريعة مخرجات "المشاورات اليمنية في الرياض"، على إصدار قرار تضمن إعلان دستوريا يعطل الدستور والمرجعيات الثلاث وينقل السلطة لمجلس قيادة رئاسي، ويُعين أحد رموز النظام السابق للرئيس علي صالح عفاش، رئيسا له وسبعة أعضاء في المجلس، معظمهم من قادة الفصائل العسكرية المحلية، المتمردة على الشرعية، والممولة والموالية للرياض وابوظبي.
قضى القرار الاخير للرئيس هادي، بتعيين عضو اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام، اللواء الدكتور رشاد محمد العليمي رئيسا لمجلس القيادة الرئاسي، وتعيين 7 اعضاء في المجلس لكل منهم صفة نائب رئيس، بينهم قادة الفصائل العسكرية المتمردة على الشرعية وقوات الجيش الوطني الحكومية (عيدروس قاسم الزُبيدي، طارق محمد صالح عفاش، عبدالرحمن أبو زرعة) بجانب كل من: سلطان بن علي العرادة، وعبدالله العليمي باوزير، وفرج سالمين البحسني، وعثمان حسين مجلي.
ورأى مراقبون سياسيون للشأن اليمني، محليون وغربيون، أن "نقل السلطة من هادي ونائبه لا يستند إلى مسوغ دستوري شرعي، ويعتبر اسقاطا للشرعية اليمنية ومرجعياتها الثلاث، وانهاء للتحالف العسكري لدعمها بقيادة السعودية والامارات، ودفعا لقوى موالية لكل من الرياض وابوظبي للتفاوض مع الحوثيين وتقاسم حكم اليمن معهم سلما أو خوض قواتها مجتمعة معركة حسم معهم".
مشيرين إلى أن "التحالف، بهذا التوجه الجديد، تخلى عن اليمن وامنه واستقراره، واستعدى الارادة الشعبية اليمنية الغالبة، لحماية دوله ومنشآتها النفطية من الهجمات الجوية الحوثية، وانقلب على الشرعية ومكوناتها السياسية وفي مقدمها تجمع الاصلاح وتضحيات كوادره الكبيرة في مختلف جبهات المعارك مع الحوثيين طوال سبع سنوات وتنكر لها في نهاية المطاف". حد قولهم.
ولفتوا إلى أن "من شأن هذه التغيرات الكبيرة أن تسفر عن واقع جديد يتصدر فيه النظام السابق للرئيس علي صالح بقيادة طارق عفاش المشهد، بعد افتتاحه فروعا للمكتب السياسي لقواته في محافظات شبوة ومارب وتعز، ضمن توجه التحالف لإعادة نظام الرئيس السابق إلى الواجهة وتسليمه الزمام ودعمه سياسيا وعسكريا واقتصاديا" والبداية باعلان تقديم ثلاثة مليارات دولار.
منوهين بأن "التنافر القائم والطموحات المتضادة بين قوى فصائل التشكيلات العسكرية الموالية للرياض وابوظبي والممثلة بعضوية مجلس القيادة الرئاسي، ينذر بنشوب خلافات قد تتطور لاشتباكات وحرب اهلية ستكون عواقبها اخطر اضعافا من الحرب التي شهدتها البلاد خلال السنوات السبع الماضية". لافتين إلى "وقائع اصطدام عدة بين القوات التابعة لهذه الفصائل".
يشار إلى أن توجهات التحالف بقيادة السعودية والامارات حسب مراقبين للشأن اليمني "تسير منذ بداية العام الفائت باتجاه اسقاط سلطة الشرعية والجيش الوطني في المحافظات المحررة، وتقسيم اليمن الى دولتين او اقليمين اتحاديين مبدئيا، شمالي يحكمه نظام الرئيس الأسبق علي صالح عفاش بقيادة جناحه في المؤتمر الشعبي، واخر جنوبي يحكمه المجلس الانتقالي الجنوبي".