علي ناصر وعلي عبدالله صالح

شاهد بالصورة : الرئيس علي ناصر يكشف ماذا دس في جيبه الملك فهد لحظة وداعه في مطار جدة وماذا ظنها الرئيس صالح ..!

قبل سنة 1 | الأخبار | اخبار الوطن

إعداد / د. الخضر عبدالله :

يكمل الرئيس علي ناصر حديثه حول السياسة الخارجية مع المملكة العربية السعودية وقال مسترسلا :” في مطار جدة حدث لي موقف طريف، ففي اللحظات الأخيرة، وعند سلم الطائرة، تقدم مني الأمير فهد بن عبد العزيز مودعاً، وكان ولياً للعهد حينذاك، ودسّ في جيبي سُبحة على سبيل الذكرى، ولم أُولِ المسألة أية أهمية، واعتبرتها حركة تلقائية وبادرة حسن نية لولا أن الكاميرات كانت مسلطة عليّ، وسجلت هذه اللقطة التي رآها الرئيس علي عبد الله صالح عبر شاشات التلفزيون، وعندما عدت إلى عدن اتصل بي هاتفياً وبادرني بالسؤال:

 

كم المبلغ الذي حوله لك الأمير فهد في الشيك الذي وضعه في جيبك؟!

 

 

ابتسمت ورددت عليه: دعنا نقتسم ما عندنا وما عندك!

ويواصل الرئيس ناصر حديثه ويقول :” بعد زيارتي للسعودية، ثارت تكهنات عديدة عن مساعدات سعودية ضخمة تلقتها اليمن الديمقراطية، وربما أشاع ذلك عَمْداً بعض الدوائر المتخصصة في الدعاية ضدنا. المهم أن هذه الإشاعات انتشرت في اليمن الديمقراطية محدثة بعض البلبلة. ورداً على هذه الإشاعات تحدثت إلى صحيفة «14 تشرين الأول/أكتوبر» اليومية لوضع الرأي العام المحلي والخارجي في صورة الوضع الحقيقي، وقلت:

 

«استهدفت زيارتنا للمملكة العربية السعودية تأكيد خطنا الثابت والمبدئي في سياستنا الخارجية إزاء دول المنطقة القائمة على أساس التعايش السلمي بين الأنظمة الاجتماعية المختلفة والاحترام المتبادل للسيادة الوطنية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، والعمل من أجل التعاون المثمر تجاه صيانة الأمن والاستقرار وتحقيق الازدهار لشعوب المنطقة.وهي الأسس نفسها التي تم الاتفاق عليها في بيان النقاط الست الذي وقعت عليه بلادنا والسعودية في عام 1976م بصدد إقامة العلاقات الطبيعية..سعينا في زيارتنا للسعودية لأن يتجاوب معنا الأخوة المسؤولون في السعودية في مساعينا الرامية إلى وضع أسس الاحترام المتبادل في العلاقات الثنائية، والعمل من أجل التصدي للمخططات والمؤامرات الإمبريالية التي تستهدف خلق أجواء التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة». وأذكر أن الصحيفة سألتني يومذاك عن مدى صحة أن السعودية قدمت مبلغ مئتي مليون دولار معونة لليمن الديمقراطية، ورددت على سؤال الصحيفة:

علي ناصر نحن صرحاء

واستدرك  الرئيس ناصر في حديثه   وقال «لا صحة لذلك على الإطلاق، ولم يكن ذلك هدف زيارتنا، نحن لم نبحث معهم مثل هذا الموضوع، لأن السعودية لم تنفذ حتى الآن ما سبق أن اتفق عليه بشأن تمويل بعض المشاريع منها مشروع الكهرباء للعاصمة عدن، لذلك كان من الطبيعي جداً ألا نبحث مع الأخوة في السعودية مثل هذا الموضوع لأن هناك مشاريع وعدت بها المملكة ووافقت على تنفيذها عام 1977م ولم تنفذها حتى الآن». وأضفت: «نحن صرحاء وواضحون في تعاملنا مع الآخرين، ولا نتحرك في الظلام، ولن نتحرك في الظلام مستقبلاً، فكل ما توصلنا إليه وما هدفنا إليه من زيارتنا السعودية ودولة الإمارات والكويت أعلناه لشعبنا وعمّمناه على أعضاء حزبنا وقلنا إننا في زيارتنا للسعودية أردنا أن نقيم علاقات متكافئة تسهم في توفير الأمن والاستقرار لشعوب المنطقة».

 

موقف السعودية من أحداث 1986

وتابع الرئيس ناصر  حديثه وقال :” لكن السعوديين فيما بعد، وفي أثناء الأحداث التي شهدتها اليمن الديمقراطية في كانون الثاني/يناير 1986م، تصرّفوا بنوع من الاتزان مع تلك الأحداث، فأظهروا موقفهم مع الخط المعتدل الذي كنت أمثله والذي أعطى نتائجه في تطبيع العلاقات في المنطقة.

 

وفي أثناء الأحداث استقبل الملك فهد بن عبد العزيز وزير الزراعة محمد سليمان ناصر الذي نقل إليه رسالة مني لشرح التطورات، وقد أكد الملك استعداده لتقديم الدعم المادي لنا، وبعد الاتصال معي ومع الرئيس علي عبد الله صالح من الرياض أكدت له أهمية الدعم السياسي والمعنوي أولاً، ولكن الرئيس علي عبد الله صالح طلب عودة الوزير فوراً للتشاور في صنعاء، وعندما التقيناه طلب الرئيس علي عبد الله صالح أن نطلب من السعودية ريالات «ماريتريزا» الفضية وبعض الذهب والدنانير اليمنية الجنوبية التي توجد في المصارف ولدى الصيارفة في السعودية، ولكنني اعترضت على هذا الأسلوب في التعاون والعلاقة معهم، لأن هذه المساعدات التي أشرت إليها ستذهب إلى النظام في صنعاء، ونحن سنحصل على التهم بالتآمر مع المملكة في ما جرى في عدن.

 

انزعج الرئيس والوزير من موقفي هذا وعدّاه نوعاً من المزايدة، لأن السعوديين يملكون الثروة والمال، فلماذا لا نأخذ منهم ولا نعطيهم شيئاً؟ أجرى الرئيس اتصالات مباشرة مع المملكة لطلب المساعدة قبل وصولنا إلى صنعاء، وأرسلت إليه أكثر من 10 ملايين دولار لشراء السلاح ومئات السيارات اللاند كروزر لنقل المقاتلين من الشمال إلى الجنوب لدعمنا في هذه المعركة، لكن هذه المساعدات بقيت في المستودعات وهنغارات السيارات في صنعاء، وحصل على بعض المساعدات من بعض الدول العربية والأجنبية! وتعبيراً عن موقفهم هذا، تلقيت أكثر من دعوة سعودية وأنا في صنعاء لزيارة المملكة، لكنني لأسباب عديدة لم أستطع تلبية هذه الدعوات. كان عندي ما يسوّغ موقفي ذاك، ولعل من أهم هذه الأمور أن كثيراً من التهم وجهت إلى السعودية بأنها كانت وراء أحداث كانون الثاني/يناير 1986م، وذلك دون وجه حق هذه المرة.

 

وقال الرئيس ناصر متطرقا في حديثه :” كنت حريصاً على عدم تأكيد تحميلهم مسؤولية ما حدث، ومن هنا جاء اعتذاري عن عدم القيام بزيارة المملكة بعد تلك الأحداث، لكن السعوديين أساؤوا فهم موقفي ذاك وانتقلوا بكامل ثقلهم إلى جانب الطرف المنتصر الذي أصبح على رأس السلطة في عدن والذي كان يتهم السعودية والإمبريالية الأميركية بأنهما وراء تلك الأحداث، بل كان يتهمني بأنني ارتميت في أحضان القوى الرجعية والإمبريالية وأنني أتنقل بين الرياض وصنعاء، وأنا حتى كتابة هذه المذكرات لم أعرف الرياض ، لأن الزيارات التي قمت بها قبل أحداث عام 1986م كانت لجدة والطائف وكانت زيارات رسمية.

 

ودار دولاب الزمن، وجاءت حرب عام 1994م، وانتقل الطرف الذي كان يحكم في عدن بعد عام 1986م إلى السعودية وعُمان والإمارات وبعض دول المنطقة للإقامة فيها والحصول على الدعم الإنساني منها.