منذ انقضاء الهدنة الأممية في اليمن، مطلع أكتوبر الماضي، يعيش اليمنيون حالة اللا سلم واللا حرب، حيث اصطدمت خلالها الجهود الدولية بتعنُّت مليشيا الحوثي، وعلى ما يبدو أن الجهود العُمانية كانت هي الأقرب لدخول المليشيا في عملية السلام، إلا أنها تفشل بعد عدَّة جولات.
وفي الوقت الذي تعود فيه المواجهات العسكرية بين الجيش ومليشيا الحوثي في الجوف وتعز، يجري الحديث عن جولة جديدة للمبعوث الأمريكي إلى اليمن، تيم ليندر كينج، بالتنسيق مع الأمم المتحدة، والشركاء الإقليميين والدوليين، تشمل عواصم خليجية للدفع نحو عملية سلام شامل في اليمن.
- مشكلة السلام الأساسية
يقول الخبير العسكري، اللواء محسن خصروف: "إن السلام يعد هدفا إستراتيجيا لكل مواطن يمني عنده عقل وضمير وطني، وهذا أمر طبيعي، ولا يريد الحرب إلا المهووسون بها وناقصو العقول".
وأضاف: "هناك شرط أساسي لتحقيق السلام في اليمن؛ تؤمن به الحكومة الشرعية، ولا تؤمن به مليشيا الحوثي، وهو أن السلام يعني الدولة المدنية، ودولة النظام والقانون والمواطنة المتساوية، وأن الوصول إلى السلطة يكون عبر الانتخابات".
واعتبر اللواء خصروف أن "المشكلة الأساسية والجوهرية بالنسبة لمليشيا الحوثي، ومن يدعمها في إيران، بأنها على قناعة تامة بأن السلطة من حقها وحدها فقط، وأنها ممثل الله في الأرض، وأنه لا يجب منافستها في الحكم".
وأوضح أن "ملازم حسين بدر الدين الحوثي تقول إن الديمقراطية والتعددية والانتخابات والدستور والقوانين حرام، لأنها تعارض الفكر الإلهي للسلالة في الحكم، وهذه معضلة أساسية لا يجدي معها أي مسعى دولي أو محلي أو إقليمي لتحقيق السلام في اليمن".
وأشار إلى أن "الأمر يضع الحكومة والمجتمع الدولي والإقليمي أمام حقيقة واحدة، أن مليشيا الحوثي لن تنصاع للسلام إلا إذا كسرت عسكريا".
وتابع: "المجتمع الدولي يسعى أمام مصالحه، فأمريكا لديها مشروع في المنطقة، ولا نصدق بأن هناك صراعا بين أمريكا وإيران في المنطقة، فكل منهما له مصالح مع الآخر، ويتصادمان في هذا الاتجاه، وما عدا ذلك فهو ذر الرماد في عيوننا نحن العرب".
ويرى أن "إيران بالنسبة لأمريكا مشروع، فبدونها لن تستطيع ابتزاز دول الخليج، ولا أن تروض إسرائيل، ولا أن تقوم بشيء داخل المنطقة".
وقال: "إن أمريكا عندها مشروع، وإسرائيل عندها مشروع، وتركيا عندها مشروع، وإيران عندها مشروع، في المنطقة، ما عدا العرب ليس لديهم مشروع، وهم القوة الأعظم في العالم، لكنهم لا يفكرون حتى الآن بأن يكون هناك مشروع قومي عربي، تتفرع عنه مشاريع وطنية".
وأضاف: "الأوربيون يتعاملون مع القضية اليمنية وفقا لمصالحهم الخاصة، ولولا أنهم يتعاملون مع قضيتنا من منظور مصالحهم الخاصة لما توقفت معركة السيطرة على الحديدة، ولما عادت القوات من رأس نقيل بن غيلان ونقيل كتاف وغيرها إلى مأرب، ولما سقطت الجوف، وما انسحب الجيش من البيضاء، ولكنا قد أنجزنا أمرنا مبكرا".
- ملف للابتزاز الدولي
من جهته، يقول وكيل وزارة الإدارة المحلية، عبداللطيف الفجير: "لا يخفى على أحد اليوم ما يجري في الساحة اليمنية، بل إن الملف اليمني أصبح ملفا للابتزاز من قِبل الأطراف الدولية للأسف، وهذا يؤرِّقنا جميعا".
وأضاف: "نحن اليوم في الحكومة الشرعية نتعامل كدولة، ونتعاطى بإيجابية مع كل دعوات السلام التي يأتي بها المجتمع الدولي، حتى إننا وضعنا المجتمع الدولي في حرج أمام الملف اليمني، ومع ذلك لم نجد أي نتائج إيجابية حتى اليوم".
وتابع: "مليشيا الحوثي ما تزال تعبث في اليمن، وتتعنَّت وتراوغ في السلام لكسب الوقت، والمجتمع الدولي ما زال مستمرا بالضغط على الحكومة اليمنية والتحالف العربي، وهذا ما سمعناه من التحالف عندما قال إن هناك ضغوطا دولية، لذا فالحكومة والتحالف يتماشون مع توجهات المجتمع الدولي اليوم، لكننا أكثر ما نعوِّل عليه هو الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، وعلى القوات المتواجدة".
وأردف: "لا يمكن أن يتعاطى معنا العالم اليوم ونحن متفرقون، وما لم نكن نحن من نحمل همَّ قضيتنا، لذا علينا أن نتَّحد ونرص الصفوف حتى نؤكد للعالم بأننا نستطيع حسم قضيتنا، وحتى لا يستطيع أحد أن يبتزنا".