وضع رئيس مجلس القيادة الرئاسي فخامة الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي النقاط على الحروف بما يخص المستجدات الراهنة والمرحلة المقبلة ، وجدد فخامته التأكيد على العهد الذي قطعه واخوانه اعضاء المجلس لأبناء الشعب اليمني بالسير على قاعدة الشراكة والتوافق الوطني نحو تحقيق الاهداف المشتركة للمرحلة الانتقالية.
وقال فخامة رئيس مجلس القيادة في كلمة مسجلة الى الاجتماع العام لهيئة التشاور والمصالحة: "ان القسم الدستوري، والعهد الذي قطعناه مع اخواني اعضاء مجلس القيادة الرئاسي لأبناء شعبنا شمالا وجنوبا بالسير على قاعدة الشراكة والتوافق الوطني، ما يزال ثابتا ولن نحيد عنه مهما كانت التحديات".
واضاف "ها نحن اليوم نتحدث اليكم لنؤكد ثقتنا المتزايدة بقوة تحالفنا الاستراتيجي، والتفافه حول اهدافه المشتركة للمرحلة الانتقالية".
وأعرب فخامة الرئيس رشاد العليمي عن الامتنان لرئاسة واعضاء هيئة التشاور والمصالحة على دعمهم واسنادهم ووقوفهم الى جانب مجلس القيادة الرئاسي منذ تشكيلهما معا قبل نحو 330 يوما بموجب اعلان نقل السلطة في السابع من ابريل العام الماضي.
وقال" اننا في مجلس القيادة الرئاسي ممتنون لرئاسة واعضاء هيئة التشاور نساء ورجالا، بمن فيهم الكوكبة الفريدة من الخبرات، والقادة الذين كانوا الى جانبنا على طول الطريق دعما، واسنادا للمجلس، وحرصا على بقائه متفاعلا، ومتحدا حول الاهداف المشتركة، وتحقيق التوافق المنشود في إدارة الدولة لاستحقاقات ما تبقى من المرحلة الانتقالية".
وعبر رئيس مجلس القيادة عن امله بان تمثل اجتماعات هيئة التشاور والمصالحة نقلة مهمة في مسار التحالف الوطني العريض ضد المشروع الامامي الايراني التدميري.
وقال" اننا نأمل ان تمثل اجتماعات الهيئة الموسعة، رسالة اضافية قوية بالنسبة لمستقبل أكثر تماسكا واطمئنانا، بوضع اللبنات، والاطر المرجعية لحماية توافقنا الوطني، وارادة شعبنا، وضمان المشاركة المجتمعية الواسعة دون اقصاء او تهميش".
اضاف" لقد كنا واثقون منذ البداية، بأن بعض التباينات في مرجعياتنا، وتجاربنا هي ما ستجعلنا متميزين، وأكثر قدرة على الاستجابة للواقع المعقد، والمتغيرات الطارئة". واستطرد قائلا "بعون الله سنمضي مؤمنين بمبادئ الحق في الحرية والاختلاف، والمشاركة، كأسس دستورية اصيلة، بينما يفتقد الى نعمتها اولئك السلاليون، المرتهنون للمشروع الايراني التوسعي في بلادنا".
واكد الرئيس رشاد العليمي على انه في المبادئ النظرية لأنظمة المصالحة، يأتي الانصاف، وتخليد الذكرى كقيم مثلى لتكريم " مدننا، ورجالنا ونسائنا الذين كانوا سباقين الى ميادين المقاومة منذ الطلقة الاولى لمقارعة الغزو الفارسي، بالسلاح، والمال، والكلمة".
وفي هذا السياق وجه رئيس مجلس القيادة الرئاسي التحية للشهداء، والجرحى، والقادة الاحياء الذين يتصدرون الصفوف ذودا عن" وطننا، وهويتنا، وارثنا الحضاري العريق".
وقال "لقد اضطر اولئك الرجال، والنساء للقتال، من اجل استعادة السلام، ولولا تضحياتهم، وشجاعتهم، لما كنا ننعم اليوم بالحرية، وشرف تمثيل بلدنا وشعبنا بين الأمم الحية حول العالم".
كما وجه التحية الى كل المحافظات، "وأبناء شعبنا المقاوم والرافض لذلك المشروع الدخيل على بلادنا، ومنطقتنا". اضاف" هي تحية خاصة الى العاصمة المؤقتة عدن، مشعل الحرية والتنوير، وكل المحافظات الجنوبية التي دفنت مشروع الامامة في المهد، كما دفن على اسوار مارب، وجبال تعز وغيرها من المحافظات التي منحت الدولة الشرعية سياجا، والمقاومة ملاذا وقاعدة لبناء الصفوف والانطلاق نحو النصر المؤزر"
كما حيا الرئيس رشاد العليمي" حضرموت العظيمة، وهي تستعد لأحياء ذكرى تحرير المكلا من تنظيم القاعدة، في ملحمة تاريخية افضت مبكرا الى تعزيز جبهة المقاومة للمشروع الايراني ومليشياته المتخادمة مع التنظيمات الارهابية".
واعتبر بأن هذا الخطاب يمثل مناسبة ايضا للإقرار، والانصاف، والاعتزاز بدور القوى الوطنية الحاملة للقضية الجنوبية، التي توحدت تحت لوائها كتائب المقاومة الباسلة، لدحر المليشيات الغازية، وردع اطماعها، ومغامراتها الطائشة.
ووجه كل التحايا الى الشعب الصابر، وراء قضبان المليشيات الارهابية، وفي مخيمات النزوح، وبلدان الشتات، والى المثقفين والصحفيين، والنشطاء الذين يتصدون على جبهة الوعي لخطاب التضليل، والموت، والخراب.
وقال "يستحق هؤلاء الابطال، والمدن التكريم، والانصاف، وتخليد الذكرى، وليس هناك أفضل من ان تستلهم قوانا السياسية ارثهم، وصمودهم بمزيد من الاصطفاف وحشد كافة الامكانيات والطاقات لاستعادة مؤسسات الدولة، وتحصين جبهتنا الداخلية ضد ادوات المشروع الايراني الذي يتربص بنا جميعا دون استثناء".
واوضح بان اعتداءات المليشيات، وحصارها الحاقد على مارب، وتعز، والضالع، ولحج، وغيرها من المحافظات، "تعنينا جميعا، وسنتداعى لها بردع جماعي حازم، في حال استمرار تعنتها، واستنفاد كافة المساعي لدفعها نحو خيار السلام العادل والمستدام القائم على الأسس، والمرجعيات المتفق عليها محليا، وإقليميا، ودوليا". وتطرق فخامة رئيس مجلس القيادة الرئاسي مؤشرات التعافي التي تبعث على الأمل، في خضم الكثير من التحديات المتشابكة، التي تواجه مجلس القيادة الرئاسي والحكومة.
وقال "لعل اجتماعاتكم الموسعة في العاصمة المؤقتة عدن، تؤكد عزمنا جميعا، على تحسين الظروف، وتهيئة الاوضاع المناسبة للعمل من الداخل، واعادة بناء مؤسساتنا الوطنية، وفقا لإعلان نقل السلطة، واتفاق، ومشاورات الرياض، وعلى أساس مبادئ الحكم الرشيد، والعدالة، والتسامح، وتكافؤ الفرص".
واوضح انه "خلال الفترة المقبلة، ستزداد اجتماعاتنا التشاورية على هذا النحو البناء بين مستويات الحكم المختلفة، في هذه المدينة الوفية، وكافة المحافظات المحررة".
وقال "سنجتمع في نهاية المطاف بعون الله على ارض صنعاء، نصرة لأهلنا المقهورين هناك تحت نير المليشيات، ووفاء بوعد السلام، وانهاء الانقلاب، واعادة الاعتبار للهوية الوطنية، وترسيخ انتماء بلدنا وشعبنا الى حاضنته العربية".
وعرض الرئيس رشاد العليمي لجهود مجلس القيادة الرئاسي والحكومة على مدى الاحد عشر شهرا الماضية، قائلا ان المجلس والحكومة ركزا على ترتيب الاوضاع الأمنية، والعسكرية، وتعزيز سلطة القضاء، وتحسين قدرات الاجهزة المالية والمصرفية في استيعاب التعهدات، والودائع المقدمة من الاشقاء والأصدقاء وفي المقدمة تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة.
اضاف" يمكنكم ان تروا كيف قادت هذه الجهود الى تراجع اعمال العنف في المحافظات المحررة، والحضور المتنامي للأجهزة العدلية، واستيعاب أفضل للمشروعات الخدمية التي ستتسارع وتيرتها خلال العام الجاري، وخصوصا في رحاب العاصمة المؤقتة عدن".
وعلى الصعيد الاقتصادي، والنقدي، اشار الرئيس رشاد العليمي الى ان السياسات المتخذة "حافظت على استقرار نسبي للعملة الوطنية، ومحاصرة عجز الموازنة العامة عند حدوده الآمنة، والتوقف عن تمويلها من مصادر تضخمية رغم التوسع في الانفاق على الالتزامات الحتمية وفي المقدمة انتظام دفع رواتب موظفي الخدمة المدنية، والقوات المسلحة والامن، والمتقاعدين للمرة الأولى منذ سنوات". كما اشار في هذا السياق الى انتظام دفع مستحقات الطلاب المبتعثين في الخارج، والهيئات الدبلوماسية، والتدخلات الطارئة لمواجهة احتياجات قطاع الكهرباء التي تصل الى أكثر من 100 مليون دولار شهريا.
واكد انه فوق ذلك "فإن الشراكة والثقة المتبادلة مع القطاع الخاص تتحسن بصورة غير مسبوقة".
وتحدث فخامة الرئيس عن جهود مجلس القيادة الرئاسي والحكومة لوضع العالم امام حقيقة ما يجري في اليمن، قائلا انه "منذ وقت مبكر أدركنا، ان إحداث التحولات في مسار المواجهة ضد المشروع الايراني وعملائه، يتطلب عكس الصورة المضللة عن القضية اليمنية العادلة، والطبيعة الارهابية للمليشيات الحوثية، فكان حراك رئاسي، وحكومي إقليمي، ودولي، وتعاط جاد مع الجهود الحميدة لتثبيت الهدنة الانسانية التي ضاقت منها المليشيات سريعا".
واكد انه بالرغم من ان الموقف الدولي لم يرق بعد الى مستوى الفعل، الا انه بات أكثر وضوحا، ويقينا بأن السلام لا يمكن ان يأتي من كهوف الخرافة والحق الإلهي في حكم البشر، والقمع المنفلت لحقوق الانسان. وقال "خلال ذلك الزخم السياسي، لم نتخل ابدا عن الثوابت، والاهداف المشتركة، وزدنا قناعة بأن المليشيات الحوثية لا يمكن ان تكون مشروعا جادا لسلام مستدام، لذلك حصلت على التصنيف الذي تستحقه من مجلس الدفاع الوطني، ومجلس جامعة الدول العربية، كمنظمة إرهابية".
واوضح الرئيس بانه وسط هذه المهام المتشعبة، يظل واخوانه أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، والحكومة على قناعة تامة وواقعية، بأن وجود اي سلطة إنما هو لخدمة مواطنيها الذين اعادوا ترتيب اولوياتهم في ظروف الحرب القاهرة، بدءا بالخبز، والماء، والدواء، والطاقة، وسبل العيش، والرعاية الصحية، ومدارس الاطفال الآمنة، وهي حقوق مكفولة لضمان ابسط متطلبات الكرامة الإنسانية، التي لا ينبغي الانشغال عنها بأي اولويات اخرى.
وقال مهما حاولت المليشيات الارهابية خنق مواردنا، وتجويع شعبنا فلن يثنينا ذلك عن ابتكار الحلول، والتكيف مع المتغيرات لإبقاء مصالح الناس، واحلامهم متقدة الى الأبد.
واشار الى ان الهجمات الإرهابية الحوثية على المنشآت النفطية، كانت اختبارا حقيقيا على هذا الصعيد، مع توقف صادرات القطاع النفطي التي تمثل 65 بالمائة من اجمالي الإيرادات العامة، ما وضع المجلس والحكومة امام خيارات صعبة.
أضاف "كان علينا، اما الاستجابة الطارئة لاحتواء التداعيات المدمرة، او الرضوخ، والاستسلام للكارثة التي تريد بها المليشيات اغراق البلاد في ازمة جوع شاملة، بما في ذلك توقف رواتب الموظفين، والخدمات الأساسية، والتدخلات الإنسانية المنقذة للحياة".
ولفت الى انه من بين خيارات ضيقة، شجع مجلس القيادة الرئاسي الحكومة على إصلاحات شاملة في المالية العامة، تشمل إجراءات تقشفية، وتضمن مكافحة الفساد، وتوكد الحاجة الماسة للدعم من الاشقاء والأصدقاء لسد الفجوة في بند المرتبات، والنفقات الضرورية، بدلا عن اللجوء الى الخيار الاسهل عبر الإصدار النقدي الذي من شأنه ان يهوي بالعملة الوطنية، والأوضاع المعيشية الى مستويات متدنية.
وحيا فخامة الرئيس في كلمته كفاح النساء في مختلف الميادين، وذلك بمناسبة يوم المرأة العالمي الذي يصادف الثامن من مارس، بالتزامن مع اختتام اجتماعات هيئة التشاور والمصالحة.. قائلا انهن "تحملن العبء الأكبر من حرب، وبطش المليشيات.
وأعرب عن امله بان يكون هذا اليوم هو اليوم الذي" سيصبح بعده تحالفنا الوطني على قلب رجل واحد، وهدف واحد، وضد عدو واحد، ولتكون هيئة التشاور والمصالحة جزءا اصيلا في رعاية، وحماية هذا المشروع الجامع، الذي ينتصر لتضحيات الابطال من قواتنا المسلحة والامن والمقاومة الشعبية".