انتصار محمد سعيد، أرملة من أبناء محافظة عدن، نزحت إلى الصومال مع ابنتها فاطمة واختيها وأمها، صادفها “غيث” صاحب برنامج “قلبي اطمأن”، أوهمها أنه يقوم بجمع التبرعات لكبار السن طالبًا منها المساعدة.لم تتردد لحظة واحدة، فقد قررت دفع 10 آلاف، أي ما يوازي دولاراً ونصف الدولار، مؤكدة أن هناك من هو محتاج أكثر منها.هي “مَسلمانية” تنام على الإسمنت، وأمها تشكو من مرض في القلب وتحتاج إلى عملية ستكلفها ما يقارب 4 آلاف دولار.حلمها أن تربي أولادها بكرامة، وأن تستطيع الإتيان بابنها أحمد الذي تركته خلفها بعد أن عجزت عن توفير 170 دولاراً قيمة تذكرة سفر. وجع كبيرسأكون مبالغًا إن قلتُ بأنني أستطيع وصف مشهد انتصار التي نزحت من جحيم الحرب قبل 5 أعوام ومعاركها الظَّروس، بحثًا عن مأوى آمن، وركن قصي تَخلد إليه.هناك التقت “غيث” الرحالة الإماراتي الذي يجوب المناطق المظلمة من هذا العالم، ليلتقي أرواحًا أنهكتها الأيام ودواليها، ويخفف الأحمال عن أكتاف كادت أن تشيخ قبل الأوان.من منا لا يعرف ذلك الشاب الذي يظهر متخفيًا ليُكمل حلم، ويكتب قصة جديدة على جدران أحزننا كي تتحول إلى حقيقة؟ لكن القليل منا لا يعرف عن قرب وضع اليمنيين في الخارج وظروفهم في أرض النزوح. سعادة جديدةعودنا غيث القادم من الإمارات بملامح وجه لا تُرى، أن يكون في المكان والزمان المناسبين، كما يفعل في كل حلقة من حلقات “قلبي اطمأن” منذ موسمين ماضيين وحتى اليوم.يخلق أفكارًا جديدة، ويضرب مواعيد لا تخطر على بال، يمد جسور الإنسانية بين الأرواح، يمنحنا فرصة للتأمل ووقتاً للبكاء، وفسحة لاختبار مشاعرنا وهي تتطاير فرحًا؛ لأن غيثًا هطل هنا في هذه الأرض.. فنبتت أشجار باسقة كأنها روابط أزلية بين الأرض والسماء.ستتابع المشهد مرات عدة، لتتعرف إلى مكامن الخلل في هذا الكوكب، وسوف تتساءل كم نحن بحاجة إلى غيث كهذا؟!وكم هناك انتصار في اليمن تشبه “بائعة الخمير” التي نزحت إلى الصومال.سوف تحزن لأن انتصار هذه ليست سوى نموذج لملايين النساء في العالم، فقدن الأمن والأمان، لم يستطعن التعليم، يكافحن من أجل حياة تنتصر للكرامة والإنسانية.تلقائية انتصار، طيبة قلبها وسخاء نفسها، دموعها، فقدانها كل شيء، مرض أمها، حذاؤها الذي أتعب قدميها أكثر مما حافظ عليهما.انتصار التي تعمل فترتين من أجل 3 إلى 5 دولارات يوميًا لتوفر “حليباً” لطفلها، هي تحتاج لحذاء طبي يقيها غبار الأرض وحرارة الشمس، وبرودة الشتاء.امرأة تنام على الإسمنت، فيما تجار الحروب لا يزالوان يحشدون كل الإمكانات لإطالة المعركة واستنزاف الدم اليمني. قلبي اطمأنهو ليس برنامج للاستعراض، هو فكرة ملهمة، وهدف سام، ومضمون لا يمكن أن يحمل في طياته؛ إلا الوصول لأكبر قدر من الناس.لقد أبهر هذا البرنامج الذي يحمل شعار (الهلال الأحمر الإماراتي) في مستواه كل من تابعه.حمل حقيبة السعادة بين اليمن والسودان والصومال، وموريتانيا والجزائر ومصر، والعراق وسوريا والأردن، وتونس والمغرب وجزر القمر. مشاريع واسعةقصة انتصار هنا ليست سوى ثورة في وجه من حولوا اليمن إلى ساحة حرب، وجعلوا منها بقايا أطلال وركام، وسوقا مفتوحة لبيع وشراء السلاح.في الضفة الأخرى يقف غيث ليس ليُعطي، أو يقدم منحة مالية وحسب، بل ليُلهم آخرين، فهو يسعى وبحسب البرنامج إلى زراعة (مليون) شجرة في معظم الدول العربية، وقد بدأ من لبنان ب10 آلاف شجرة.يسعى لكفالة آلاف الأيتام، وتزويج آلاف الشباب، وابتكار حياة جديدة في عالم الإعلام والسوشيال ميديا، وتقديم صورة مغايرة للعطاء، واستغلال القدرات والنهوض بمن هم بحاجة للدعم.ويبقى الأمللا تزال للقصة بقية، وما زال هناك ملايين من جنس انتصار يبحثنَ عن أملٍ بين ركام الشر الذي جُبل عليه قادة الحروب والافاكون.سنعيش مهما اتسع الجرح، وتراكمت الأحزان، ونزحت القلوب والأرواح بحثاً عن كرامة، وسنفوض أمرنا للسماء كي تقتص لنا من أهل الأرض المُتْعِبِين.
قيادي حوثي يدعو إلى عتقال رحمة حجيرة بسبب تغريدة عن جهاد الأصبحي "صور"