صارحت الصحة، جميع اليمنيين بحقائق مفزعة وفاجعة، عمَّا يتهدد حياتهم بلا استثناء خلال الايام والاشهر المقبلة، من أخطار محتومة، جراء تداعيات الحرب المدمرة والمستمرة للسنة الثامنة على التوالي.
جاء هذا في تقرير لمنظمة الصحة العالمية، التابعة للأمم المتحدة، بشأن الوضع الكارثي لقطاع الصحة في اليمن، مدعوما بإعلانات رسمية صادرة عن كل من وزارة الصحة العامة في صنعاء وعدن.
وقال ممثل المنظمة في اليمن، أدهم عبد المنعم: "يحتاج اليمن إلى دعم كبير وعاجل لتجنّب الانهيار الفعلي لنظامه الصحي". مشيرا إلى النداء الصادر عن منظمة الصحة العالمية في 26 فبراير الماضي.
دعت منظمة الصحة العالمية المانحين إلى "تقديم 392 مليون دولار أميركي لإيصال المساعدات الصحية الأساسية إلى 12.9 مليون يمني، بينهم 540 ألف طفل دون سن الخامسة، يعانون من سوء التغذية الحاد".
وقالت المنظمة: إنها قدمت خلال عام 2022، مجموعة واسعة من الخدمات الحيوية المنقذة للحياة إلى نحو 7.8 ملايين يمني. إلا أنّ مستوى التمويل كان أقل بكثير من مستوى الاحتياجات الصحية العاجلة".
مضيفة: إن "العنف المستشري، وتدهور الوضع الاقتصادي، وتزايد انعدام الأمن الغذائي، فضلاً عن التفشي المتكرر للأمراض، كلها أسباب أدت إلى انهيار النظام الصحي". ونوهت بتوقف نصف المرافق الصحية.
وتابعت منظمة الصحة العالمية، قائلة: إن "46 في المائة من إجمالي المرافق الصحية تعمل جزئياً بسبب نقص الموظفين، وعدم توفر الموارد المالية، وانقطاع الكهرباء، وندرة الأدوية والإمدادات والمعدات".
على صعيد الادوية، يعاني ملايين المرضى اليمنيين من شح الادوية وغلاء اسعار المتاح منها، وبخاصة ادوية الامراض المزمنة المنتشرة بكثرة في عموم اليمن، وعلى رأسها امراض السرطان والقلب والسكري والضغط.
وحسب منظمة الصحة ومنظمات طبية عاملة في اليمن، فإنه "تنعدم في اليمن الأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة المنقذة للحياة، وأبرزها أدوية السرطان، والفشل الكلوي، وأمراض الدم الوراثية، ويتركز الاعتماد على المساعدات".
في السياق، كانت وزارة الصحة العامة والسكان في حكومة الحوثيين غير المعترف بها، حذرت للمرة الثانية خلال شهرين، من كارثة إنسانية تهدد حياة أكثر من خمسة آلاف مريض بالفشل الكلوي نتيجة نفاد الأمصال والأدوية.
وقالت في مؤتمر صحافي بصنعاء: إن "مرضى الكلى مهددون بالوفاة في حال توقفت جلسات غسيل الكلى، وهناك أكثر من 17 مركزاً متوقفاً عن العمل". متهمة اجراءات التحالف لتفتيش السفن بالتسبب في ازمة الادوية الحادة.
بالتزامن، يتهدد جميع اليمنيين بلا استثناء، خطر تدفق وانتشار الادوية المهربة، المغشوشة ومنتهية الصلاحية، والتي تواصل حصد ارواح الآلاف من المرضى، الباحثين عن الادوية المنعدمة، والارخص ثمنا في الوقت نفسه.
وسبق أن حذرت منظمة الصحة العالمية من دواء يستخدم في علاج السرطان وأمراض المناعة الذاتية. وقالت في بيان: إنه "تم العثور على دفعة ملوثة من دواء ميتوتريكسات، بعيار 50 ميليغرام، في اليمن ولبنان، بعد ظهور آثار ضارة".
وفقا للهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية في صنعاء فقد "تم إتلاف 15 طناً من الأدوية المهربة"، كما اعلنت اجهزة الامن التابعة للحوثيين عن ضبط 17 متهما في خلايا لتزوير مركبات الادوية وغلافاتها في معامل غير مرخصة.
وتُحمل جماعة الحوثي التحالف بقيادة السعودية والامارات مسؤولية تفاقم ازمة الادوية، وتتهمه بـ "تسهيل تهريب الادوية عبر السواحل اليمنية، وفرض قيود على استيراد 700 صنف من المواد والسلع بينها ادوية ومركبات داخلة في تصنيع الادوية".
من جانبه، يؤكد مكتب تنسيق الشؤون الانسانية التابع للامم المتحدة في اليمن (اوتشا)، إن "الوضع الانساني في اليمن كارثي"، مشددا على أن "ثلثا السكان (21.6 مليون شخص) يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، غذائية ودوائية تبقيهم على قيد الحياة".
يشار إلى أن الحرب المتواصلة تسببت في "اسوأ ازمة انسانية عالميا" حسب الامم المتحدة، مشيرة إلى أن "توقف صرف الرواتب وتدهور الاقتصاد وقطاعات المياه والخدمات والصحة، دفعت بـ 80% من السكان الى الاعتماد على المساعدات للبقاء احياء".