الانتقالي

رسالة ضغط إضافية للانتقالي لمزيد من التنازلات

قبل سنة 1 | الأخبار | اخبار الوطن

لا مجال للتكهنات بل بات واقعاً ، بأن شيئاً على قدر كبير من الأهمية قد وصل إلى مرحلة متقدمة ، بشأن تفكيك إستعصاءات الحرب في اليمن ، وإزالة مابقي من عوائق من أمام تسوية تجري على أكثر من مستوى ، تصب جميع فروعها وروافدها في المجرى العام للحل المتوافق عليه.

مبعوث الأمم المتحدة في مسقط إلتقى بوفد من الحوثيين برئاسة محمد عبد السلام ، الذي تحرك قليلاً من موقعه المتصلب ، وقدم تصريحاً يتحدث فيه عن إستمرار عملية تبادل الأسرى ، دون توقف حتى إطلاق الجميع دون مفاوضات إضافية ، والحديث المباشر عن التسوية السياسية النهائية ، من غير أن يطيل الوقوف أمام إشتراطات الحوثي المعهودة ، ما يفهم منه أنه قد تم تجاوزها والإستجابة لها والإتفاق على آلية لإنجازها.

في ذات مسعى الإختراقات والإنتقال من حالة الجمود بسنواتها الثمان ، إلى خلق ديناميكيات جديدة تدفع بعملية السلام قُدماً ، بأقل قدر من التسويف والتعقيدات وإهدار الفرص المتاحة ، وبأكبر قدر من الإنجاز ، تأتي عملية تعيين طهران لسفير لها في ابو ظبي ، والإنتقال بالعلاقة من مستوى القائم بالأعمال إلى السفراء، دون إغفال اللقاء المرتقب بين وزيري خارجية طهران والرياض هذا الشهر ، وزيارة الرئيس الإيراني للمملكة والموقف الإمريكي الإيجابي ،

وتصاعد وتيرة اللقاءات المباشرة بين السعودية والحوثيين ، حد الوصول إلى إتفاق حول حزمة قضايا تقود إلى تجديد الهدنة ، ومن ثم الإلتحاق بمسار الحل السياسي التفاوضي ، ومن تلك القضايا فتح ميناء الحديدة بصورة مطلقة ، وكذا رفع الوصايا عن وجهات الطيران من صنعاء إلى كل الدول بما فيها إيران ، مقابل فتح طرق تعز بإستثناء الطرق ذات الصلة بطابعها العسكري ، تم إرجائها لوقت لاحق رهناً بتقدم خطى التسوية.

على مستوى الداخل اليمني ولاسيما الشرعية والإنتقالي ، تجري بإشراف وضغط سعودي ، عملية إعادة ترتيب البيت الداخلي سياسياً وتنظيمياً ،وتخفيف حدة الإحتقانات وتصادم المواقف بين أطراف المجلس الرئاسي ، والإتفاق على آليات عمل تساعد في إنجاز صفقة الحل، في ما يمضي الإنتقالي من جهته بوتيرة أسرع بتوسيع نطاق شراكاته الجنوبية الجنوبية ، بضم العديد من المسميات السياسية لمكونه ، بهدف تفويت الفرصة على محاولات إضعافه بصناعة مسميات جهوية وقبلية تنازعه التمثيل ، إضافة إلى ان خطاب الإنتقالي لم يعد بتلك الراديكالية السابقة ،

وبات أكثر واقعية سياسية في التعاطي مع الضغوط والتعقيدات ، وتجاوباً مع إستحقاقات التسوية ، والتفاهمات مافوق الإقليمية بما في ذلك الإستعداد لمواقف إماراتية صادمة.

السعودية لها إنشغالاتها الداخلية ، وهي في طور الإقدام على خطوة إنسحابية من الملف اليمني ، بتسليمه للأمم المتحدة بعد إنجاز مسودة الحل ، والإتفاق بين العاصمتين الرياض وطهران على مجمل التفاصيل ، مع أخذ مصالح الإمارات جنوباً في الإعتبار ، على ترتيبات تضمن أمن حدودها ومناطق إنتاج الثروات ، وهو الأهم للرياض وللمصالح الإقتصادية الدولية ، أي الأمن مقابل الإقرار برجحان حصة الحوثي على ماسواها من حصص ، والإعتراف بمجال مصالح إيران الحيوي في اليمن والمنطقة ،سوريا والعراق ولبنان.

القول بحل رابح رابح لم يعد ينطبق على مخرجات التسوية القادمة ، نحن أمام حل رابح خاسر ، الرابح الحوثي والجنوب على رأس قائمة الخاسرين ، لجهة تخفيض مطالبه وسقف مشروعه السياسي ، أي إعتبار إستعادة الدولة وفك الإرتباط عن صنعاء خارج التعاطي، في ما الشرعية وطارق لم يكونا يوماً جزءاً من المشكلة ، بل هما جاهزان لإلتقاط مايُعرض عليهما من حصص -وإن كانت متواضعة - في قادم صفقة التسوية.

-------------------

مرة أُخرى تبرز معركة التمثيل الجنوبي في مفاوضات الحل النهائي ، وتُرمى قنابل الدخان داخل الإنتقالي ، للتشويش على مطالبه التي كما يبدو لم تعد قائمة كما كانت ، أي مطلب تشكيل الوفد مناصفة مع الشرعية ، ليحل محله تشكيل إطاراً خاصاً بالقضية الجنوبية.

وللإمعان في تفتيت الموقف المتماسك جنوباً ، تبرز أكثر فأكثر المطالبة من كيانات مناطقية ، بتشكيل إطارات جنوبية موازية لتمثيلها حسب المساحة والثروة وعدد السكان ،حضرموت تطالب بإطارها التمثيلي وكذلك شبوه والمهرة، وهي مناطق وازنة في أي تسوية ذات صلة بملف الجنوب.

هذا التصعيد المناطقي في هذا التوقيت ، يوجه رسالة ضغط إضافية للإنتقالي ، مضمونها جره إلى مزيد من التنازلات ، والبدء بالعد التنازلي : من فك الإرتباط إلى إطار تفاوضي ، إلى إطارات مناطقية ومربعات صغيرة لاتبقي للقضية الجنوبية ولا تذر.

من دون مثلث الثروات لا معنى لحل ينصف الجنوب ويعيد حقوقه السياسية المستلبة، سلخ هذا المثلث المركزي وشريان حياة وإستمرارية لأي كيان قادم ، يعني كتابة شهادة وفاة لقضية مفتاحية -ملف الجنوب-، من دونه لا جدية للتسوية ، لا إستدامة للسلام ولا إستقرار دائم .