اصدرت بريطانيا، اعلانا مقتضبا، مستفزا لجميع اليمنيين، جسدت فيه ما يعرف بـ "الوقاحة الانجليزية"، من خلال تعمدها الاستهانة باليمن وسيادته، والمجاهرة لأول مرة باعتبارها اليمن خاضعة لوصايتها وقواتها المتواجدة جنوبي البلاد، برفضها ادانة انتهاك سفينة بريطانية لسيادة اليمن وهجومها المسلح على قوات خفر السواحل اليمنية وقتلها ضابطا وجرح اخرين، أو حتى الاعتذار او الاسف.
واكتفت بريطانيا، حسب ما نقلته وكالة "أسوشيتد برس" الامريكية للانباء، بالقول: إن "حراسًا مسلحين خاصين على متن يخت شهير كان يمتلكه الممثل الويلزي الراحل ريتشارد بيرتون، أطلقوا النار يوم الجمعة، على عناصر من خفر السواحل اليمني بعد أن ظنوا أنهم قراصنة، مما أثار معركة بالأسلحة النارية في خليج عدن".
من جانبها، اكتفت وكالة عمليات التجارة البحرية للمملكة المتحدة أوكمتو (UKMTO)، بتعديل تصنيف ما حدث من "هجوم" إلى كونه "حادث"، وقالت: إن "الهجوم في الموقع 1531.838N 05213.688 (18 ميل بحري جنوب نشطون ، اليمن)، أكدته السلطات كنشاط وكالة حكومية. تم تخفيض مستوى الحدث من هجوم إلى حادث".
يأتي هذا بعدما كانت الوكالة البريطانية العسكرية أوكمتو (UKMTO)، اعلنت بالبلاغ رقم 303 في وقت سابق من يوم الجمعة: إن "سفينة في الموقع 1531.838N 05213.688 (18 نانومتر جنوب نشطون، اليمن). تعرضت لهجوم وأطلقت عليها اعيرة نارية من ثلاثة قوارب على متن كل واحد منها ثلاثة أو أربعة أشخاص مسلحين".
وقالت شركة أمبري، وهي شركة استخبارات بحرية، في إيجاز نقلته وكالة "أسوشيتد برس" الامريكية للانباء: إن وحدة من خفر السواحل اليمنية اقتربت من يخت يرفع علم جزر كوك ولم يستجب للمكالمات الإذاعية". مُقرة بأن "خفر السواحل رد بإطلاق النار وتتبع اليخت لمدة ساعة تقريبًا حتى تم إجراء اتصالات مع اليخت وحل سوء التفاهم بين الطرفين".
زاعمة أن "فريقا أمنيا مسلحا على متن اليخت أطلق النار بعد ذلك على اليمنيين المقتربين وحاول الهروب من القراصنة المتصورين". ما نفته بشدة مصلحة خفر السواحل اليمنية، مؤكدة أن اطلاق النار بدأ من جانب اليخت البريطاني، وباغت دوريات خفر السواحل التي كانت تنتظر ردا على نداءاتها مع اليخث ومطالبته بالافصاح عن هويته.
وأعلنت مصلحة قوات خفر السواحل اليمنية ليل الجمعة، تفاصيل انتهاك سفينة بريطانية سيادة اليمن بدخولها المياه الاقليمية اليمنية دون بيان هويتها، وهجومها المسلح على دوريات خفر السواحل وقتلها ضابطا من الشرطة العسكرية بمحافظة المهرة (عبدالسلام الجعدني)، والحاقها اصابات بعدد من قوات خفر السواحل، وأضرارا بزوارقها.
جاء هذا في بيان رسمي لمصلحة خفر السواحل اليمنية، أفاد بأن دوريات المصلحة تحركت للبحث عن هدف مشتبه به بالقرب من سواحل المهرة حسب بلاغ العمليات المشتركة م/المهرة عطفاً على توجيهات قائد محور الغيضة، وراقبت يختاً اجنبياً دخل المياه الاقليمية اليمنية وحاولت ايقافه قبل ان يقوم مسلحون على متنه باطلاق النار.
وقالت: إن الهجوم وقع "صباح يومنا هذا الجمعة الموافق ٢٨ ابريل ٢٠٢٣م واثناء تنفيذ دورية بحرية من زورقين تابعين لخفر السواحل وزورق تابع للبحرية اليمنية ( زوارق دوريات صغيرة ) للبحث عن هدف مشتبه به بالقرب من سواحل المهرة حسب بلاغ العمليات المشتركة محافظة المهرة عطفاً على توجيهات قائد محور الغيضة".
مضيفة: "تزامن ذلك مع مرور سفينة بالقرب من الموقع المبلغ عنه ،حوالي ٦ ميل بحري من سواحل راس فرتك وحصوين واتضح انه يخت يدعى MY KALIZMA. عرّفت زوارق الدوريات بنفسها وحاولت التواصل مع اليخت عبر جهاز ال VHF، لكن لم يرد كابتن اليخت على النداءات المتكررة (استجواب اعتيادي) لكون اليخت مجهولا".
وأكدت انتهاك اليخت السيادة، بقولها: إن "اليخت كان مبحرا في المياة الاقليمية اليمنية ولا يرفع علم اي دولة (مجهول)، على مسافة قريبة جداً من الساحل اليمني، حوالي ٦ ميل بحري: 15 31 83 N - 052 13 68 E. وبعد ذلك اقتربت زوارق الدوريات من اليخت في محاولة لجذب انتباه طاقمه للرد على الاتصال عبر الـ VHF، والتوقف".
موضحة أنه وبعكس المفترض بروتوكوليا أن يرد طاقم اليخت او يتوقف لاستبيان هويته "اليخت بدأ بزيادة السرعة واطلاق وابل من الرصاص من آليات مختلفة من قبل مسلحين على متن اليخت ، رافضين الرد على النداءات او التوقف، نتج عن اطلاق النار استشهاد احد العسكريين اليمنيين وجرح آخرين، كما ان هناك بعض الأضرار في الزوارق".
وعللت مصلحة خفر السواحل اليمنية في بيانها، اسباب عدم تمكنها من استكمال مطاردة اليخت وايقافه وضبطه، بقولها: " وبما ان امكانات الزوارق متواضعة من حيث السرعة وسعة الوقود والسلاح ، لم يتمكنوا من مطاردة اليخت وايقافه ولاذ بالفرار باتجاه المياة الدولية". مشيرة إلى تعمد اليخت وطاقمه انتهاك سيادة اليمن والاعتداء على خفر السواحل.
مضيفة: كما انه (اليخت) اطلق نداء استغاثة وعلى ضوئها تم اصدار تحذير من عمليات التجارة البحرية البريطانية رقم 001 ابريل تحت عنوان ‘هجوم‘ فيه معلومات مغلوطة مستقاة من طرف واحد هو طاقم اليخت. وبالنظر لخط سير اليخت قبل الحادثة لوحظ انه يمر بمحاذاة الساحل بشكل مريب جدا وعليه مسلحين وغير معروف ماذا يحمل".
وتابعت إن اليخت الذي تبين لاحقا أنه مسجل في جزر كوك (Cook Islands) وطاقمه مكون من عدد ٩ بحارة وكابتن من الجنسية الهندية، وفريقا امنيا مكونا من 3 افراد احدهم يوناني واثنان هنديين ولديهم اسلحة أوتوماتيكية حديثة وقناصة"، لوحظ أنه كان يمر بمحاذاة الساحل اليمني الى حد ٤.٥ ميل بحري من الساحل في بعض الاماكن".
مصلحة خفر السواحل اليمنية اختتمت بيانها بقولها: "الحكومة اليمنية تحتفظ بحقها تجاه ما نتج عن الحادثة كون اخترق المياه الاقليمية وابحر فيها دون رفع علم دولة اليخت وكذلك رفض الرد والتوقف . فضلاً انه لايوجد لديه اي مبرر بالاشتباه كونه تم اشعاره اكثر من مرة بان الزوارق تتبع الحكومة اليمنية وشكلها حربي وليست مدنية او قوارب صيد تقليدية".
ولم يصدر حتى هذه اللحظة أي تعليق من جانب الحكومة اليمنية المعترف بها، او وزارة الدفاع اليمنية، وبالمثل لم يصدر أي تعليق عن الحكومة البريطانية أو سفيرها لدى اليمن الناشط في التعليق على كل شاردة وواردة في اليمن . ما اثار موجة انتقادات واسعة بين اوساط السياسيين والاعلاميين والناشطين اليمنيين على منصات وتطبيقات التواصل الاجتماعي باعتبار "الصمت تفريطا بسيادة اليمن وكرامة قواته".
يأتي الهجوم المسلح من يخت بريطاني على قوات خفر السواحل، بالتزامن مع تعزيزات متلاحقة من قوات البحرية البريطانية، يتتابع وصولها منذ أعوام، إلى مطار الغيضة، عقب اغلاقه وتحويله إلى قاعدة عسكرية للقوات البريطانية والامريكية المتمركزة فيها، بدعوى "مكافحة الارهاب وتأمين الملاحة الدولية"، والتي ينفى صحتها عسكريون ومسؤولون محليون يمنيون.
وكشف سياسيون ومسؤولون حكوميون مطلع مارس الفائت عن مفاجأة كبرى تتجاوز الخيال، يجري التحضير لها في المهرة من جانب التحالف بقيادة السعودية والامارات، وبدعم مباشر من الولايات المتحدة الامريكية والمملكة المتحدة البريطانية، اكدتها "تحركات كثيفة اقليمية ودولية وعلى ارفع المستويات" تجري منذ أشهر، في المركز الاداري للمحافظة، مدينة الغيضة.
بالتوازي، صدمت منظمة دولية متخصصة في شؤون الحروب حول العالم، جميع اليمنيين بلا استثناء، بكشفها ولأول مرة، حقيقة ما يدور في جنوب اليمن عموما، ومحافظة المهرة خصوصا، وما سيفضي إليه خلال الفترة القادمة. مؤكدة أن "قوات أمريكية تتدفق على محافظة المهرة لمساعدة السعودية في السيطرة عليها". ما عزز اعلانات مسؤولين محليين ولجنة الاعتصام بالمهرة.
وأعلنت لجنة الاعتصام السلمي المناهضة لتواجد قوات التحالف في المهرة، غير مرة عن "وصول قوات امريكية وبريطانية إلى المهرة واتخاذها من مطار الغيضة قاعدة عسكرية". ما دعا رئيس اللجنة، الشيخ علي سالم الحريزي، للإعلان إن "تواجد قوات عسكرية بريطانية وامريكية وسعودية واماراتية في محافظة المهرة احتلال اجنبي". داعيا إلى "الكفاح المسلح لطرد الاحتلال".
وتسعى السعودية منذ ما قبل بدء الحرب وتدخلها العسكري في اليمن وبدء عمليات "عاصفة الحزم"، إلى مد انبوب إلى البحر العربي لتصدير النفط من منطقة خرخير الحدودية مع اليمن في الربع الخالي، دون اعتبار لشراكة اليمن في النفط المراد تصديره، أو لسيادة اليمن على اراضيه وما تحتمه من موافقة رسمية وتوقيع اتفاقية بشأن مد الانبوب واستحقاقات مالية في المقابل.
يشار إلى أن محافظة المهرة ظلت بعيدة عن الانقلاب جماعة الحوثي والرئيس الاسبق علي صالح عفاش، ولم يصل إليها مثل حضرموت وسقطرى، لكن قوات التحالف السعودية الاماراتية سارعت منذ بدء الحرب في مارس 2015م إلى الانتشار فيها وانشاء قواعد عسكرية، على نحو كشف عن اطماع الرياض وابوظبي في اليمن، وبخاصة منابع ثرواته وسواحله على البحرين الاحمر والعربي.