أعلن "المجلس الانتقالي الجنوبي" التابع للامارات، قبل قليل، رسميا، وباسم من سماها "المكونات والقوى السياسية والمدنية والمجتمعية الجنوبية"، انفصال جنوب البلاد في ما سماه "الدولة الجنوبية الفيدرالية"، داعيا "الدول العربية الشقيقة والمجتمع الإقليمي والدولي الى احترام تطلعات شعب الجنوب وحقّه في نيل حريته واستقلاله واستعادة دولته الجنوبية المستقلة". حسب ما جاء في البيان الختامي للقائه التشاوري، الذي عقده في عدن، رغم اعلان معظم وأبرز المكونات الجنوبية مقاطعتها له.
وأكد بيان حوار "الانتقالي" مع نفسه والموالين له، على أنه "وضع اللبنات الاولى لمشروع وطني جنوبي يفضي الى استعادة دولة الجنوب"، زاعما نجاحه في "تعزيز اللحمة الوطنية الجنوبية وتعميم لغة الحوار الرصين الهادف، والاصطفاف الجنوبي لمواجهة مشاريع الاحتلال اليمني"، وإقرار "330 مشاركا" 6 وثائق رئيسة، و12 توصية ختامية، أبرزها مطالبة الدول العربية والمجتمعين الإقليمي والدولي بـ "احترام تطلعات شعب الجنوب وحقّه في نيل حريته واستقلاله واستعادة دولته الجنوبية المستقلة".
جاء بين ابرز نتائج حوار "الانتقالي"، الواردة في بيانه الختامي إقرار كلمة عيدروس الزُبيدي رئيس "المجلس الانتقالي" كوثيقة رئيسية من وثائق اللقاء، و"التقرير العام المقدّم من فريق الحوار الجنوبي، ووثيقة الميثاق الوطني الجنوبي، ووثيقة أسس وضوابط التفاوض السياسي، ووثيقة الرؤية السياسية للمرحلة الراهنة (للوفد الجنوبي المشارك في مفاوضات السلام في اليمن)، ووثيقة أسس وبناء الدّولة الجنوبية الفيدرالية". حسب ما نشره الموقع الالكتروني الناطق باسم "المجلس الانتقالي".
وعمد "الانتقالي" للتقليل من تداعيات انكشاف زيف ادعائه مشاركة مكونات جنوبية بارزة، باعلانها نفي مشاركتها، عبر الاقرار بمقاطعتها حواره وتضمينه بيانه "حث كافة القوى والمكونات الجنوبية التي لم تشارك أن تلتحق بركب الموقعين على وثيقة الميثاق الوطني الجنوبي بوصفها تمثّل وثيقة الإجماع الوطني، وتعزيز نهج ومبدأ وثقافة التصالح والتسامح كمبدأ أساسي للعمل الوطني الجنوبي وعكس ذلك قولا وعملا، وتعميق وتعميم لغة الحوار في المجتمع كأسلوب أمثل لتقريب وجهات النظر وحل اية تباينات قد تحدث".
كما لم يستطع "الانتقالي" اخفاء ما يصفه مراقبون "تفخيخ مساعيه للجنوب"، بإعلان بيانه الختامي تأكيد المشاركين على "ضرورة تحقيق الشراكة الوطنية في القرار السياسي ومرافق ومؤسسات الدّولة الجنوبية الفيدرالية وفق معايير السكان والمساحة والمقدرات الاقتصادية". وهو ما يؤسس بنظر مراقبين لصراعات دامية في جنوب البلاد، جراء ما سينتجه من اعاقة المواطنة المتساوية جراء تباين في نسب وحصص كل محافظة في مواقع القرار والسلطة والثروة، تبعا لتباين المساحة الجغرافية وتعداد السكان لكل محافظة.
وجاءت مخرجات حوار "الانتقالي" مع نفسه، لتؤكد ما ذهب اليه مراقبون للشأن اليمني في أنه تفوق على نظام الرئيس الاسبق علي عبدالله صالح، في اعمال نهج الاخير وكلوساته لإنشاء المؤتمر الشعبي". وأن "الانتقالي في مساعيه لتنصيب نفسه ممثلا وحاكما وحيدا لجنوب اليمن، يطبق حرفيا نهج علي صالح عفاش الذي اتبعه للاستحواذ على القرار والسلطة واحتواء ثم اقصاء منافسيه ومعارضيه"، لافتين إلى "بدء الانتقالي شق صفوف منافسيه بدعم انشاء نسخ منشقة عن كياناتهم".
سعى "الانتقالي" من تنظيم "لقائه التشاوري"، إلى فرض ما سماه "ميثاق جنوبي" صاغه ما يسمى "فريق الحوار الجنوبي" داخل المجلس الانتقالي، واضفاء طابع شرعي شكلي على الميثاق والرؤية التي سيصدرها عن اللقا، تثبت تقديم نفسه منذ انشائه بتمويل اماراتي في العام 2017م، الممثل الوحيد لجنوب البلاد والحاكم السياسي والعسكري له.
وأعلن مجلس القيادة الرئاسي، أول رد فعلي ورسمي على عقد "المجلس الانتقالي الجنوبي" التابع للامارات ما سماه "اللقاء التشاوري للمكونات الجنوبية" رغم اعلان معظم هذه المكونات وأكبرها وأبرزها على الساحة، مقاطعة اللقاء "رفضا لهيمنة الانتقالي وسعيه لفرض وصايته على الجنوب بقوة السلاح والمليشيات".
كما سجلت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، أول تعليق رسمي لها، على "اللقاء التشاوري" الذي اطلقه الخميس "المجلس الانتقالي" في العاصمة المؤقتة عدن، رغم اعلان معظم وأكبر المكونات الجنوبية، الفاعلة، مقاطعته رفضا "لهيمنة الانتقالي ووصايته"؛ وكشفت اهداف "اللقاء" وتكلفة تنظيمه، وكذا جهة تمويله.
وأعلن 25 مكونا جنوبيا، سياسيا ومدنيا وقبليا، رسميا، مقاطعة حوار "المجلس الانتقالي" التابع للامارات، واتفقت في رفض "ادعاء الانتقالي تمثيل الجنوب" وفي اعتبار حواره "حوارا مع اعضاء المجلس الانتقالي لتنصيب نفسه وصيا على الجنوب بقوة السلاح والمليشيا". حسب ما رصده "العربي نيوز" وأكده المتحدث الرسمي باسم "المجلس الثوري الاعلى للحراك الثوري الجنوبي".
وكشفت صور ومقاطع فيديو، خاصة، من داخل قاعة ما سمي "اللقاء التشاوري للمكونات الجنوبية" المنعقد الخميس في العاصمة المؤقتة عدن؛ مشاهد مخزية احرجت "المجلس الانتقالي الجنوبي" التابع للامارات، أظهرت حقيقة تضاؤل حجم "الانتقالي" والقبول الشعبي له في جنوب البلاد، ورفض الجنوب له وهيمنته لولا ترسانة مليشياته المسلحة، الممولة من التحالف وبخاصة الامارات.
أظهرت الصور ومقاطع الفيديو، لوقائع افتتاح حوار "الانتقالي"، انحصار الحضور والمشاركين فيه بعشرات من قيادات "المجلس الانتقالي" والموالين له في المحافظات الجنوبية، وأن اللقاء مجرد لقاء تنظيمي داخلي يخص "الانتقالي"، ويحاور فيه نفسه، وليس كما زعم عبر وسائل اعلامه أنه "لقاء تشاوري بين جميع اطياف الجنوب ومكوناته".
ووضعت المكونات السياسية والمدنية والمجتمعية لجنوب البلاد، "المجلس الانتقالي الجنوبي" التابع للامارات، في موقف محرج جدا، بإعلان معظم هذه المكونات رفضها تلبية دعوته إلى المشاركة في حواره أو ما سماه "اللقاء التشاوري للمكونات الجنوبية"، وحدد موعدا لانعقاده يجسد هيمنته باختياره يوم ذكرى زعم "تفويضه الشعبي".
كشفت هذا، الاعلانات والبيانات المتلاحقة، الصادرة عن المكونات الجنوبية، السياسية والمدنية والمجتمعية والقبلية، البارزة والفاعلة في الساحة، وأكدت أن "الانتقالي" فشل في تقديم نفسه الممثل الوحيد لجنوب اليمن و"القضية الجنوبية"، حسب ما يزعم. وأكدت أنه سيضطر لأن يحاور نفسه وقياداته التي تمثل محافظات الجنوب.
وأرجعت البيانات والاعلانات الصادرة عن ابرز المكونات الجنوبية، السياسية والمدنية والقبلية الجنوبية، إعلانها مقاطعتها حوار الانتقالي"، إلى أسباب توافقت على تلخيصها في "رفض سياسة الانتقالي القائمة على الضم والالحاق لا الشراكة والتكامل"، وسعيه إلى "ادماجها والغاء كياناتها بقوة السلاح والارتباط بالخارج واجنداته".
في المقابل، أعلن "المجلس الانتقالي الجنوبي" استغناءه عن مكونات الجنوب، ومضيه في ما سماه "الحوار الجنوبي" وعقد "اللقاء التشاوري للمكونات الجنوبية" مستخدما حيلة اقصائية حاذقة، للتحايل على إعلان معظم هذه المكونات مقاطعتها الحوار، لأسباب عزتها إلى "رفض الالحاق والضم والالتفاف على حق المشاركة والندية".
جاء هذا في تصريح للمتحدث باسم "لجنة الحوار الجنوبي" في "المجلس الانتقالي"، الدكتور سعيد الجريري قال فيه: إن "حضرموت ليست غائبة عن اللقاء التشاوري الشامل للحوار الجنوبي الخميس القادم بعدن ومالا يقل عن 50% من المشاركين باللقاء من حضرموت من داخل الجامع وخارجه وسواءً شارك الجامع أم لم يشارك".
مضيفا حسب ما نقل عنه رئيس تحرير موقع "الجريدة بوست" التابع للمجلس الانتقالي والممول من الامارات، عادل المدوري: إن "موضوع مشاركة الجامع شأن داخلي يخص الجامع". في اعلان صريح لاستغناء "المجلس الانتقالي" عن المكونات الجنوبية والاكتفاء بشخوص قياداته من المحافظات الجنوبية، لفرض نفسه ممثلا للجنوب.
يشار إلى أن "المجلس الانتقالي" ينتهج نهجا شموليا مستبدا بالقرار، على غرار نهج الحزب الاشتراكي اليمني، إبان حكمه لجنوب اليمن، ويعمد إلى قمع كل المعارضين وتصفية المنافسين عبر دمجهم وتذويب كياناتهم دون اشراكهم بالسلطة والقرار، أو عبر الاعتقالات والاغتيالات الدموية التي شهدها الجنوب منذ إنشاء الامارات "المجلس الانتقالي" في جنوب اليمن.