ظهر دليل مادي، يتجاوز عمره 60 عاما، على جانب من جرائم الحرب التي اقترفتها القوات الجوية الملكية البريطانية في جنوب اليمن، ابان الاحتلال البريطاني، واستنفار سلطاته ترسانتها العسكرية الكبرى لاخماد ثورة الرابع عشر من اكتوبر 1963م اليمنية ضدها.
وتداول ناشطون يمنيون على منصات التواصل الاجتماعي، مقاطع فيديو وصورا فوتوغرافية، توثق عثور اهالي منطقة بجير في مديرية ردفان محافظة لحج، يوم الخميس، على قنبلة عملاقة من مخلفات القصف البريطاني، ظلت مدفونة لعقود.
حسب الناشطين فإن "الأهالي أفادوا عقب اخراج القنبلة من عمق الارض، إن القنبلة تزن نحو 500 رطل، ويعتقدون أنها واحدة من أكبر القنابل التي استهدف بها الطيران البريطاني، قرى وجبال ردفان، في حرب الارض المحروقة التي اعلنتها".
موضحين إن "هذه القنبلة واحدة من آلاف القنابل إن لم تكن عشرات الالاف من القنابل التي ألقاها طيران القوات الجوية البريطانية طوال 6 اشهر على قرى وسهول وجبال مناطق ردفان، متسببا في تدمير مئات المنازل وقتل وتشريد آلاف المدنيين".
ولفت الاهالي في مديرية ردفان، مهد اندلاع شرارة ثورة 14 اكتوبر 1963م بقيادة المناضل راجح لبوزة وعدد من رفاقه لدى عودتهم من معسكرات في تعز، إلى أن "مخلفات الاحتلال البريطاني ظلت تحصد ارواح المدنيين الابرياء لسنوات".
في المقابل، نوه الناشطون الذين تداولوا مقاطع فيديو وصور العثور على القنبلة العملاقة، إلى أن السلطة المحلية لمديرية ردفان "أرسلت فريقًا مختصًا لنقل القنبلة إلى مكان آخر والتخلص منها في بعيدًا عن السكان". مطالبين بتوثيق القنبلة وطرازها أولا.
واندلعت من جبال ردفان الشماء، شرارة الكفاح المسلح ضد الاحتلال البريطاني لجنوب اليمن، في الرابع عشر من اكتوبر 1963م بقيادة المناضل راجح بن غالب لبوزة ورفاقه العائدين من المشاركة في دعم ثورة 26 سبتمبر 1962م في شمال اليمن.
هاجم المناضل لبوزه ورفاقه دورية لقوات الاحتلال البريطاني وأردوا ضابطها وأفرادها قتلى، ما اثار غضب سلطات الاحتلال، لتوجه الحكومة البريطانية برد يردع مثل هذا التمرد، وتنطلق حرب اسمتها "الارض المحروقة" امطرت قرى ردفان بآلاف القنابل.
تسببت الحرب البريطانية العدوانية الغاشمة في ابادة الحياة في قرى ردفان، بعد قتل المئات وجرح وتشريد عشرات الآلاف من المواطنين المدنيين، علاوة على استشهاد المناضل لبوزة مع مغيب شمس يوم الثورة، لتشعل روحه نيران الثورة لأربع سنوات متواصلة.
ونشر المؤرخ الراحل سلطان ناجي، مئات الوثائق وتفاصيل الحرب في كتابه المرجعي "التاريخ العسكري اليمني"، موثقا مراحل الاحتلال ومقاومته وصولا لثورة 14 اكتوبر 1963م وحتى انتزاع الاستقلال وارغام قوات الامبراطورية البريطانية على مغادرة جنوب اليمن.
يشار إلى أن بريطانيا احتلت عدن وجنوب اليمن قرابة 129 عاما، استطاعت خلالها ان توسع رقعة الامبراطورية وإيراداتها بنسبة 40 بالمائة، وانشأت قاعدتين اقليميتين بحرية وجوية في عدن، كان لهما الدور الحاسم في الحربين العالميتين الاولى والثانية.