انضم البِيض إلى الشارع في عدن والمحافظات الجنوبية، معلنا معارضته "المجلس الانتقالي" وتوجهاته للتنصل من فساد وزرائه وسلطاته، ورفض اجراءات تصعيده باتجاه اقالة حكومة المناصفة بين الشرعية و"الانتقالي"، ومصادرة ايرادات الدولة، واعلانه الاستنفار لبدء ما سماه "حربا استباقية".
جاء هذا في بيان مقتضب، نشره نجل الرئيس الجنوبي الاسبق، علي سالم البيض، السياسي والدبلوماسي السابق، هاني البيض، على حسابه الرسمي بمنصة التدوين المصغر "تويتر"، اعلن رفض خيار الحرب معتبرا انها تنتج المزيد من اللصوص والفاسدين في مقابل تعميم الجحيم للشعوب.
وقال هاني علي سالم البيض: "قال الحكماء: ان الحروب تخلق اللصوص والفساد، وإن الحروب تزيد من كذب السلطة والمسؤولين عنها.. وتفتح ابواب جحيمها على الشعوب فقط !". وأردف: "ونقول أيضًا ان الحروب تتكفل بتحقيق مصالح واهداف من هم خارج دائرتها.. ومن لم يكتوون بنارها !".
في المقابل، حاز اعلان البِيض، تفاعلا واسعا من جانب السياسيين والناشطين الجنوبيين خصوصا، واليمنيين عموما، وقال الناشط باسم الجنوب العربي 1990 (@yb0kdELczokmLGn) مؤيدا ومتسائلا: "والحل؟ الشعب ضحية لهم. اليوم حضرموت تعاني الأمرين في الكهرباء وخدمات سيئة".
وعلق حمد عبدالله (@Hamed29290269) بقوله: "عندما يخون السياسي الوطن ويتدخل الجميع لحل المشكله تكون النتيجه كارثيه. لهذا معظم عوائل السياسيين خارج الوطن لكي لا يعيش معاناه المواطن ويتحول من الطبقه مخمليه ويكون المواطن وقود الحرب. في الحرب، يفقد الإنسان جزءاً من إنسانيته".
كذلك الناشط الجنوبي باسم بن سبعه (@kinghar093)، عقب قائلا: "ونقول ان الحروب تدمر كل ما هو طيب جميل لتزرع كل ماهو نجس وخبيث، والحروب أيضاً تقضي على الشرفاء لتنتج العملاء ، تقضي على اقوياء النفوس لتنتج سلطه من ضعفاء النفوس". وبالمثل وافقته عشرات التعليقات.
جاء اعلان البيض، متوافقا مع تصاعد مطالبات المواطنين باسقاط منظومة الفساد كاملة. مشيرين إلى أن السلطة القائمة مناصفة بين الشرعية و"الانتقالي" ويتشارك طرفاها مسؤولية الفشل والعجز عن كبح تدهور الاوضاع العامة والمعيشية والخدمية والاقتصادية والامنية في عدن والمحافظات الجنوبية.
كما يأتي بيان البِيض ردا على اعلان رئاسة "المجلس الانتقالي" التابع للامارات، رسميا، مساء الخميس، عن بدء استعداداته واستنفار مليشياته المتعددة، لما سماه "حرب استباقية" قال إن دافعها مواجهة "مخاطر تهدد وجوده والجنوب ودولته" التي يسعى إلى فرض انفصالها عن اليمن بدعم اماراتي مباشر.
وكشف "المجلس الانتقالي" التابع للامارات، عن حقيقة دوافعه للتصعيد الاخير وشن حملة واسعة ضد الحكومة ورئيسها معين عبدالملك، وأنه ليس ما سماه "الفساد وافلاس الخزينة" بل سعي "الانتقالي" لفرض مطالب رئيسة له، تمكنه من الانفراد بنهب ايرادات الدولة، التي يشارك بنهب نصفها الان.
ويتواصل منذ ليل الثلاثاء، تنفيذ انقلاب كامل على الشرعية اليمنية، ممثلة بمجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، من جانب سلطات ومليشيات "المجلس الانتقالي" التابع للامارات، تنفيذا لقرارات انقلابية أعلنتها هيئة رئاسته، تضمنت مصادرة الايرادات العامة للدولة.
تصدر هذه القرارات أمر "المجلس الانتقالي" في اجتماع لها عقدته في عدن، برئاسة نائب رئيس المجلس، اللواء احمد بن بريك، محافظي المحافظات التابعين له بالامتناع عن ايداع الايرادات العامة للدولة في حساب الحكومة بالبنك المركزي في عدن، بزعم "تكريسها لانتشال الخدمات".
وسعت رئاسة "المجلس الانتقالي" عبر بيانها إلى ركوب موجة احتجاجات المواطنين على تدهور الاوضاع وتردي الخدمات وفي مقدمها الكهرباء وانهيار العملة وغلاء المعيشة، بتحميل الحكومة كامل المسؤولية، والظهور منقذا ومخلصا مما سماه "خطة ممنهجة لإفقار المواطنين وتعذيبهم".
جاء الانقلاب الجديد من "الانتقالي" عقب اقل من 24 ساعة على تسجيل رئيس مجلس الوزراء الدكتور معين عبدالملك سعيد، اول رد رسمي على الاتهامات التي كالها له عضو مجلس القيادة الرئاسي، ونائب رئيس "المجلس الانتقالي" قائد ما يسمى "الوية العمالقة الجنوبية" الممولة من الامارات.
كما جاء القرار بعد يوم على اصدار محافظ عدن، القيادي بالمجلس الانتقالي" احمد حامد لملس، قرارا بعدم ايداع الايرادات العامة الجمركية والضريبية للعاصمة المؤقتة عدن في حساب الحكومة بالبنك المركزي، واصدار محافظ شبوة المؤتمري الموالي للامارات عوض العولقي قرارا مماثلا ومنع نقل نفط شبوة لخارجها.
بالتوازي، أسقط "المجلس الانتقالي" التابع للامارات، اولى الوزارات السيادية للحكومة اليمنية في عدن، وأصدرت ما يسمى "هيئة الاعلام الجنوبي"، تعميمين رسميين، يصادران اختصاصات وزارة الاعلام والثقافة والسياحة اليمنية، ويسحبان صلاحياتها في تنظيم شؤون الاعلام والعاملين فيه وزيارات الوفود الاعلامية.
في السياق نفسه، فتح "المجلس الانتقالي" التابع للامارات، النار على نفسه، من حيث يريد الايقاع بخصومه، ووقع في خطأ وصفه مراقبون بأنه "خطأ قاتل"، متوقعين بداية نهاية المجلس الانتقالي، بين اوساط مناصريه، فضلا عن نهايته سياسيا، على الصعيدين المحلي والاقليمي.
وتتوالى فضائح فساد مالي بمئات المليارات كاشفة عن قائمة لصوص العملة واللقمة والخدمة، من مختلف اطراف السلطة في عدن، تتجاوز الحكومة ورئيسها، إلى قيادات "المجلس الانتقالي" ومليشياته والتشكيلات المسلحة الموالية للامارات، متسببة في ارتفاع سقف مطالب المواطنين ليتجاوز مجرد اقالة الحكومة، إلى #طرد_منظومة_الفساد كاملة.
وتسبب "المجلس الانتقالي" في مفاقمة تدهور الاوضاع الاقتصادية والادارية والخدمية وانهيار العملة وارتفاع اسعار السلع والخدمات، باستمرار تمرده على مجلس القيادة الرئاسي والحكومة منذ انقلابه على الشرعية في اغسطس 2019م بدعم واسناد عسكري اماراتي، واستحواذه على قدر كبير من الايرادات العامة للدولة، في عدن وعدد من مدن جنوبي البلاد.
يشار إلى أن الامارات تبنت إنشاء "المجلس الانتقالي" وتمويل تجنيد وتسليح ما يقارب 50 لواء من المليشيات المسلحة، ليغدو الذراع السياسي والعسكري لها في جنوب البلاد، وأداة فرض انفصال جنوب اليمن، بدولة تابعة لأبوظبي وأجندة اطماعها في موقع اليمن وسواحله وثرواته، ضمن سعيها لفرض نفوذها السياسي والاقتصادي على دول المنطقة، عبر هيمنتها على خطوط الملاحة الدولية.