55 مليون دولار إنفاق شهري لكهرباء في محافظة عدن لا تتواجد إلا 8 ساعات..!
بمعني ما تم إنفاقه في 3 سنوات كان يكفي لبناء محطات لليمن كلها.
ورغم أنني تحدثت عن ذلك قبل 8 سنوات، لكن الحكومة والمهتمين والإعلام مشغولون في العادة، إما بتكاثر النمل في إفريقيا في موسم الأمطار أو بتحليل أزمات منطقة اليورو الاقتصادية.
المهم أعود للموضوع الآن وفساد منظومة الدولة التي عني لن أصلي على أحد منهم ولو تعلق بستار الكعبة في عبادته.
لحل مشاكل اليمن في الكهرباء أو غيرها، فنحن لا نفتقر للمال ولا الإمكانيات، ولكن نرتجل، ونتخبط هنا وهناك، ونبذل جهدا في مكان لا يحدث أثرا.
صفقات لمحطات غير مجدية أرهقت المجتمع، ونفقات تشغيلية لا تنتهي من المازوت والغاز والديزل، ومضاعفات بيئية لا تحتمل وكوادر للتشغيل والصيانة لا بد من توظيفهم وتأهيلهم.
هذه المشاكل تتوسع وتتضاعف لعدد محطات الكهرباء الحكومية ال19.
محطات كلفت مليارات الدولارات، وأيضا كلفتنا مليارات الدولارات نفقات تشغيلية، ولتغذيتها بالمازوت والديزل والغاز.
ولو فكرنا بشكل طبيعي، كيف نجد حلا مثل بقية البشر فإن الاستثمار في الطاقة المتجددة كان أجدر، وأرخص، وبمرات عدة، ويجعل الدولة تتحرر من تكاليف المازوت والديزل والصيانة والغاز للأبد، لا سيما واليمن عندها 2500 كم من الشريط الساحلي بمتوسط سرعة رياح تصل إلى 8 أمتار في الثانية، وتعتبر المخا والمهرة هما الأفضل.
وحتى نفهم أننا نهدر أموالا، أبسط لكم هذا الأمر من باب حساب تكلفة بناء محطات الكهرباء من الرياح، يمكن حسابها كتقدير كما يلي:
لكل كيلو وات كهرباء يتم في العادة هنا في ألمانيا حساب 1092 يورو، وإذا أردنا مثلا: أن نبني محطات كهرباء عبر الرياح فنحن سوف نحتاج 3 ملايين و300 ألف يورو لمحطة لإنتاج 3 ميجيا وات.
بمعنى ل1000 ميجا وات نحتاج مليار و100مليون دولار من دون الشبكة.
ولو نظرنا لاحتياج اليمن فقد كان إنتاج ال19 محطة هو 1097 ميجا وات، بمعنى لو قلنا نحتاج 1500 ميجا وات فإننا نحتاج مليار و638 مليون يورو كتكلفة، وحتى ولو كانت مليارين فذلك استثمار رائع ومجدٍ.
1500 ميجا وات هي احتياج اليمن الحقيقي، حيث في عام 2013 كان إنتاج ال19 محطة كهرباء في الجمهورية 1097 ميجاوات من محطات غاز ومازوت وديزل أرهق الدولة وكلفها مليارات الدولارات للإنشاء وللخدمات ومليارات للتشغيل، ورغم ذلك انقطاعات مستمرة، شبكة مهترئة، انعكاسات سالبة على التنمية والخدمات، وإهدار فرص حقيقية للاستثمار وللعمل وحلول هشة مؤقتة تشبه (الاسبرين).
نحن لا نحتاج معجزة ولا رسولا من السماء، وإنما فريق محترف يفكر خارج الصندوق.
فلو كانت أنفقت الدولة فقط جزءا من المبلغ ليتم بناء محطات رياح لن تكلف الدولة إلا مليار و638 مليون يورو أو حتى ملياران كما سبق، فنحن أنفقنا هذا المبلغ في محطات محافظة واحدة في أقل من ثلاث سنوات وبمعدل 8 ساعات.
ولن نحتاج لا مازوت ولا غاز ولا ديزل.
وأنا حسبتها كما تحسب المحطات هنا في ألمانيا.
والسؤال هل هناك أرقام تقديرية كم ممكن نولد من طاقة لو تم استغلال الرياح؟
والإجابة من حيث الإمكانيات الفنية ليس أقل من 15 ألف ميجاوات.
وكان هناك مشروع لبناء مزرعة إنتاج الطاقة في المخا بقدرة 60 ميجاوات بتمويل من الصندوق العربي للإنماء والبنك الدولي كبداية قبل الربيع العربي، وبسبب الصراع خسرنا المشروع.
أحدكم سوف يقول: كم تنتج ألمانيا كهرباء من الرياح؟
والإجابة: في عام 2020 بلغت القدرة الإنتاجية للكهرباء لتوربينات الرياح على اليابسة 54.4 جيجاوات و7.75 جيجاوات في الماء بمعنى 62 جيجاوات، أي ما يعادل 62 ألف ميجاوات، أي أكثر من احتياج اليمن ب40 مرة تقريبا، ولا يحتاجون لذلك مازوت ولا ديزل ولا بنزين ولا غاز فقط رياح.
ما تنتجه ألمانيا من الرياح 23 في المائة من استهلاك ألمانيا الإجمالي للكهرباء.
واليمن تحتاج حاليا فقط 1.5 جيجاوات، بمعنى ما بين 4 إلى 6 آلاف توربينة من الناحية الفنية، حيث أن تكلفة توربينات الرياح البرية حوالي 3 ملايين و200 ألف يورو، وهي أرخص من تكلفة توربينات الرياح البحرية، والتي تتراوح تكلفتها بين 2.5 مليون يورو و4 ملايين يورو.