قوات عسكرية

الكشف عن صراع نفوذ بين "القوات المشتركة" و"العمالقة" يدفع نحو التوتر في باب المندب

قبل سنة 1 | الأخبار | اخبار الوطن

تعيش مناطق باب المندب، الممر الدولي الاستراتيجي في جنوب غربي اليمن، توتراً متصاعداً بين القوات المشتركة التي يقودها عضو مجلس القيادة الرئاسي طارق صالح من جهة، وقوات العمالقة التابعة للعضو الآخر في المجلس "أبوزرعة" عبد الرحمن المحرمي، ضمن صراع على النفوذ في المنطقة المطلة على المضيق الحيوي للتجارة الدولية.

 

وبرز الصراع بين القوتين المدعومتين على شكل اجتماعات مسلحة وبيانات متبادلة وتراشقات بين أنصار الطرفين، خصوصاً على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك على أثر تحركات عسكرية لقوات صالح في مناطق نفوذ قوات المحرمي والمسنودة بقبائل الصبيحة، كبرى قبائل محافظة لحج، على الشريط الساحلي ذاته.

 

وعقد مشايخ ووجهاء "قبائل مديريات ذوباب المندب، وموزع، والوازعية، والمخا" اجتماعاً مسلحاً في منطقة ذوباب، أمس الأحد، أعلنوا فيه رفضهم القاطع "لأي تجمعات مسلحة في أراضينا، ونعتبر عقد اجتماع مسلح باسم قبائل الصبيحة في أراضي قبيلة الحكم وباب المندب اعتداءً على مناطقنا ومحاولة جر قبائلنا وقبائل الصبيحة إلى صراع اجتماعي لا يخدمنا ولا يخدم الصبيحة وكل المنطقة".

 

وجاء الاجتماع المنعقد يوم الأحد، رداً على بيان سابق لوقفة مسلحة نفذتها قبائل الصبيحة، كبرى قبائل محافظة لحج جنوبي البلاد، يوم السبت، رفضاً لتحركات قوات العميد طارق صالح في مناطقها، وأصدرت بيانا تضمن إمهال قوات طارق صالح 72 ساعة لمغادرة المنطقة، وتوعدت بإخراجها بالقوة إذا لم تستجب لذلك.

 

فيما دعا البيان الصادر عن اجتماع الأحد، "قبائل الصبيحة إلى اتخاذ الموقف نفسه، برفض أي تحركات تعادي القوات المشتركة ولا تمثل القبائل وتعتدي على أراضي الآخرين بدعوى كاذبة مثل تمثيل الصبيحة"، معتبراً "أي تحركات مسلحة ضد القوات المشتركة في أرضنا استفزازاً لنا، ونؤكد رفضنا له ولمخرجاته، ووقوفنا صفاً واحداً لمواجهة أي تحركات مشبوهة داخل أراضينا وتحت أي مسميات كانت".

 

وقال بيان الاجتماع "إن ما ورد في ذلك البيان (بيان قبائل الصبيحة) من تصريحات وما نتج عنه من تحركات استفزازية تتجاوز كل القواعد والأعراف في التعامل بين الجيران والقبائل، هادف إلى زرع الفتنة والشقاق في منطقتنا، ولا يخدم إلا أذيال إيران العصابة الحوثية".

 

وحذر البيان من أن قبائل المديريات المذكورة "لن تتفرج ولن تقف مكتوفة الأيدي تجاه أي استفزازات في أراضينا من أي تجمعات مسلحة خارج القوات المشتركة وتحت أي مسمى كان"، وحمّل المجتمعون من وصفوهم بـ"المندفعين في هذه المغامرة الصبيانية الخطيرة كامل المسؤولية عما سيترتب عليه هذا التجمع وما سيؤول إليه التحشيد والتلويح بالتهديد والوعيد لأهلنا وأبناء مناطقنا".

 

كما حمّل البيان "السلطة المحلية والأجهزة الأمنية كامل المسؤولية لمنع مثل هذه التصرفات العبثية"، وبارك "أي خطوة أو تنقلات للوحدات العسكرية والأمنية تقرها قيادة القوات المشتركة في مسرح عملياتها العسكرية، ونؤكد أنه لا يحق لأيٍّ كان منعها أو عرقلتها".

 

بداية القصة

 

ووفقاً لمصادر محلية تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن خلفية القصة ترجع إلى قبل نحو عام حين افتتح طارق صالح مشروع تحلية مياه للمواطنين في منطقة العرضي، وأرسل مجموعات من قواته لحماية المشروع، وذلك بالتنسيق مع اللواء 17 عمالقة بقيادة ماجد عمر سيف الصبيحي، المتموضع في المنطقة.

 

وأضافت المصادر أن طارق صالح أرسل، مطلع شهر يونيو/ حزيران الماضي، معدات وآليات عسكرية إلى المنطقة ذاتها، قبل أن يصل عشرات الجنود قبل نحو عشرة أيام، كتعزيز لتلك القوات في خطوة اعتبرتها قوات العمالقة محاولة للسيطرة على المنطقة وإحلال قوات طارق صالح مكانها.

 

وقالت المصادر إن قائد اللواء السابع عشر عمالقة (الصبيحي) دعا، يوم الجمعة، إلى وقفة مسلحة في منطقة النزاع، وتجمّع على أثر تلك الدعوة العشرات من أبناء قبائل الصبيحة وجنود ألوية العمالقة، يوم السبت، وأصدروا البيان آنف الذكر، ليرد عليهم الطرف الآخر باجتماع وبيان أمس الأحد.

 

من جانبه، أشار مصدر عسكري إلى أن جهوداً يقودها رئيس اللجنة العسكرية والأمنية التابعة لمجلس القيادة الرئاسي اللواء هيثم قاسم طاهر، منذ أيام، برفقة قيادات عسكرية وقبلية وأخرى في السلطة المحلية بلحج وتعز، لوقف التوتر والوصول لحل ينهي الأزمة القائمة، مشيراً إلى أن هذه الجهود فشلت في إحراز أي تقدم حتى الآن.

 

وتسيطر قوات طارق صالح على الشريط الساحلي الممتد من مدينة الخوخة بمحافظة الحديدة، غرب البلاد، مروراً بالمخا بموقعها الاستراتيجي، أقصى جنوب غرب شبه الجزيرة العربية، وصولاً إلى ذوباب التابعة لمحافظة تعز، والتي تشترك في السيطرة عليها مع قوات من العمالقة، ومعها تتصارع على النفوذ في المناطق المطلة على المضيق الحيوي للتجارة الدولية.

 

ومنطقة العرضي تتبع إدارياً لمديرية ذوباب تعز، وقد ضمت إليها عقب توحيد شطري اليمن في العام 1990 بعد أن كانت تتبع للشطر الجنوبي من البلاد في دولة ما قبل الوحدة، وهو ما دفع حلفاء الإمارات المطالبين بالانفصال إلى الوقوف ضد تحركات طارق صالح، إضافة إلى أنه تسكنها أسر تنتمي لقبائل الصبيحة التي ينتشر معظمها في محافظة لحج.

 

وخلال الأيام القليلة الماضية، تبادل الطرفان الاتهامات على مواقع التواصل الاجتماعي، حتى أمهل قائد اللواء التاسع عمالقة، القيادي في المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال فاروق الكعلولي الصبيحي، يوم السبت، على فيسبوك، قوات طارق صالح 24 ساعة لمغادرة المنطقة.

 

خلال الأيام القليلة الماضية تبادل الطرفان الاتهامات على مواقع التواصل الاجتماعي وحاولت قوات صالح تهدئة الأجواء عبر إصدار بيان في اليوم ذاته، نفت فيه قيام قواتها بأي تحركات، ونقلت مواقع مقربة منها عن مصدر مسؤول في تلك القوات قوله إن "نشر شائعات مغرضة بتحركات عسكرية باتجاه رأس العارة (في محافظة لحج)، محاولة لتزييف الواقع وتأجيج الوضع وإثارة الفتنة بين الرفقاء وخدمة العدو الحوثي".

 

وأضاف المصدر: "تؤكد القوات المشتركة أن التحركات العسكرية الأخيرة تأتي وفق خطة عسكرية صادرة عن قيادة القوات المشتركة ضمن نطاق المسرح العملياتي لمحافظتي الحديدة وتعز، والتي تهدف بالأساس إلى تعزيز الأمن وتأمين طرق الملاحة الدولية والشريط الساحلي ضد أي تهديدات لأعمال المليشيات الحوثية وحماية المكتسبات".

 

وتابع: "لا صحة للأخبار المتداولة عن أي تحركات لأي قوات عسكرية خارج المسرح العملياتي للقوات المشتركة".

 

وبين الوقفات والبيانات والتصعيد المتبادل على منصات التواصل الاجتماعي يتزايد القلق من أن يتصاعد منسوب الصراع بين الطرفين اللذين يجمعهما الولاء للإمارات وتفرقهما أطماع حيازة أكبر مساحة من الأرض والنفوذ في المنطقة الساحلية المطلة على واحد من أهم الممرات المائية الدولية والتأثيرات المحتملة له على طريق التجارة الدولية، لا سيما إذا لم تنجح جهود اللجنة العسكرية في نزع فتيل التوتر المتنامي بين الجانبين