أثارت تحركات عضو مجلس القيادة الرئاسي فرج البحسني المعين مؤخرا نائبا لرئيس المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا في محافظتي حضرموت وعدن العديد من علامات الاستفهام حول مضي المكون المطالب بالانفصال نحو التصعيد العسكري في المحافظات الجنوبية، ضمن تباينات واسعة من الاستقطابات بين حلفاء الرياض وابو ظبي.
وفي 29 من يوليو الماضي، وصل فرج البحسني إلى محافظة حضرموت، وعقد خلالها سلسلة لقاءات مع قيادات السلطة المحلية بصفته عضو مجلس القيادة الرئاسي ومع قيادات المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا كنائب لرئيس مجلس المكون الانفصالي، قبل استقراره في العاصمة المعلنة مؤقته للبلاد حيث شارك بأول اجتماع مع الانتقالي.
وعين رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي البحسني في مايو الماضي، ضمن عملية توسيع للمجلس بإيعاز إماراتي في محاولة للملمة صفوف حلفائها لمواجهة التحركات السعودية النشطة بحضرموت.
ويقود البحسني منذ عودته إلى مدينة المكلا، حراكاً مستمراً لإفشال مجلس حضرموت الوطني والذي أعلن عن تأسيسه في شهر يونيو الماضي بإرادة سعودية، وسط صراع نفوذ سعودي إماراتي يمثل الأخيرة فيه المجلس الانتقالي المطالب بانفصال جنوب البلاد.
تسليم المهمة للبحسني
وفسر أستاذ علم الاجتماع السياسي عبدالكريم غانم هذه التحركات عبر تتبع مسار تطور الأزمة القائمة بين الإمارات والسعودية، والتي يبدو أنها في أوجها، فالتوافقات التي تبرمها الرياض مع بعض قادة الانتقالي دون موافقة وتدخل أبو ظبي تصبح مجرد حبر على ورق.
ويقول "غانم" لـ"الموقع بوست" إن أبوظبي سلمت مهمة التصعيد العسكري في حضرموت لمحافظها السابق فرج البحسني، لمواجهة الضغط السعودي باتجاه عودة رئيس مجلس القيادة الرئاسي ورئيس وأعضاء الحكومة إلى عدن، دون موافقتها، الأمر الذي سيقابله تصعيد من جانب الانتقالي الجنوبي في حضرموت، بقيادة الشخصية الحضرمية.
قبول تكتيكي
عندما أخفقت سلطات الأمر الواقع في عدن في إيجاد حلول لأزمة انقطاع الكهرباء، وشح الخدمات الأساسية التي بلغت حدا لا يطاق، كانت المنحة السعودية الحل التكتيكي لقبول المجلس الانتقالي الجنوبي انسحاب جزء من قواته من منطقة معاشيق، لتحل محلها كتائب من قوات درع الوطن، وفق غانم.
ويضيف أن الانتقالي يريد الظفر بالمنحة السعودية بمفرده، لكن الرياض تسعى لدفع الحكومة نحو العودة إلى عدن، لتحقيق قدر من التوازن يسمح بكبح جموح الانتقالي، مشيرا إلى أن الانتقالي وافق على وقف التصعيد العسكري في حضرموت، مقابل سماح الرياض بعودة قياداته الذين منعوا من العودة إلى عدن منذ ستة أشهر.
ويستبعد استاذ علم الاجتماع السياسي نجاح الرياض في تحييد المجلس الانتقالي وفك ارتباطه الاستراتيجي بالإمارات، نتيجة نجاحها في تكوين فصائل مسلحة تدين بالولاء لها، فبإمكانها استخدام من تشاء من قادة المجلس الانتقالي للتصعيد العسكري.
ويؤكد على عدم ذهاب الانتقالي باتجاه خيار الانفصال، في هذه المرحلة، بسبب حجم التعقيدات التي تعيق وصوله لهذا الهدف، لكنه في نفس الوقت يعمل على إخراج المحافظات الجنوبية عن سيطرة الحكومة الشرعية، لمنح القوى الانفصالية المزيد من النفوذ السياسي والعسكري على الأرض، استعدادا للانفصال، كاستحقاق سياسي يمكن تحقيقه في المستقبل.
تحذيرات وصراع
ويحذر خبير عسكري من تحركات عضو مجلس القيادة الرئاسي فرج البحسني في حضرموت، التي ستثير حفيظة السعودية، فتعمل على إزاحته؛ وذلك لخطورته على أمنها القومي، ودوره المقوض لعملية السلام.
ويشير الأكاديمي والخبير في الشؤون العسكرية علي الذهب إلى وجود صراع بين البحسني وبعض الزعامات الحضرمية على رأسه الاقليم بالمستقبل أو مع أي تسوية سياسية قادمة، مشيرا إلى أن البحسني يحاول فرض وجوده من خلال تنسيق روابطه القبلية والأمنية والعسكرية داخل المحافظة من موقعه كعضو في مجلس القيادة الرئاسي.
ويقول "الذهب" لـ"الموقع بوست" إن البحسني يحاول أن يضع حدا للمحافظ ولشخصية تحاول طرحها الأمارات والسعودية لتكون خلفا للمحافظ الحالي مبخوت بن ماضي، مضيفا أن بين هؤلاء المحافظ الاسبق ونائب رئيس المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا احمد بن بريك، فيما تسعى الرياض وضع رئيس الوزراء الاسبق خالد بحاح أو محافظ البنك المركزي الأسبق محمد بن همام.
ورجح "الذهب" سبب تحركاته الأخيرة نتيجة قبول الإمارات بموقفه ولوجود رؤية نحو الجنوب بان يكون موحدا تحت قيادة المجلس الانتقالي، فضلا عن عودته من مركز قوة بعدما طرح عديد من المبررات بانه الاجدر والاحق ومن بناء حضرموت عندما كان محافظا لها.
ويؤكد أن السعودية تستطيع ايقاف البحسني بشريطة يكون هناك تفاهمات مع الأمارات، لكن الدور امريكي وبريطاني يضغط على السعودية لرفع يدها عن حضرمون، مقابل ضمان لها مصالح تدخل ضمن مكاسب الحرب مشروعة تضمن للجميع الحقوق في اطار تقاسم مكاسب الحرب بين مختلف الاطراف.