تسببت ملفات الفساد التي سربها عضو ما يسمى بالمجلس السياسي الأعلى للحوثيين، محمد علي الحوثي، بتأجيج الشارع والرأي العام في المناطق الخاضعة لسيطرة الانقلاب، وسط دعوات بالإطاحة بالمجلس ورئيسه مهدي المشاط، ومدير مكتبه، الفساد الأول، أحمد حامد المكنى "أبو محفوظ".
وأكد ناشطون صحفيون وحقوقيون موالون لجماعة الحوثي الانقلابية، أن المواطنين يتحدثون في الاسواق والمجالس عن الملفات الأخيرة التي سربها محمد علي الحوثي، حول فساد أحمد حامد وجناحه، في المجلس والحكومة الانقلابيين والمقدر بـ 40 مليار دولار خلال السبع السنوات الماضية، وسط تذمر كبير من قبل المواطنين عن حجم الفساد المهول الذي تمارسه قيادات الجماعة.
ومن بين الناشطين، نجل القيادي والصحفي الحقوقي البارز، عبدالكريم الخيواني، الذي تعرض للاغتيال واستشهد على يد مسلحين بجوار منزله في شارع الرقاص، بأمنة العاصمة صنعاء، وتم تغليف قضية مقتله ضد مجهولين، في شهر مارس من العام 2015.
وطالب نجل الخيواني، بتدخل قيادات عسكرية في جماعة الحوثي، للإطاحة بالمشاط وأحمد حامد الذي وصفه بـ "رئيس الرئيس"، - في إشارة إلى تحكمه بالمشاط، واتخاذه ألعوبة بيده -، وكذا الإطاحة بالمجلس السياسي الذي أثبت فشله، وتسليم السلطة لحزب المؤتمر الشعبي العام / جناح الانقلاب، ويتولى المهمة ويفي بكافة مسؤولياته والتزاماته تجاه المواطنين في مناطق سيطرة الجماعة.
وأكد نجل الخيواني صحة التقارير التي تحدثت، عن فساد قيادات الجماعة وفي مقدمتهم أحمد حامد، المكنى "ابو محفوظ"، الذي صار حديث الناس في كل منطقة بصنعاء وبقية محافظات الانقلاب.
حيث قال الخيواني إنه يتفق مع حديثهم حول فساد أحمد حامد "وتزعمه للشللية وانه الحاكم الفعلي وما المشاط الا واجهه، لكن للاسف الشديد من يصدق ذلك".
وأضاف في منشور رصده "المشهد اليمني" قائلًأ: "بل من سيصدق ان ابو محفوظ (أحمد حامد) وابو احمد (محمد علي الحوثي) ليسا على توافق وهذا ما يلاحظة الاغلبية وان ظهرا في ما بعد في لقاء يجمعهمها ومن سيصدق ان ابو احمد ليست لديه الصلاحية المطلقة وان توجيهاته في اطارات محددة، كون القرار في الاول والاخير لن يتم الا بموافقة الرئيس وعندما نقول الرئيس فمؤكد ان حامد هو المعني الاول كونه حاكم الرئيس!".
وتابع يقول إن "الشعب لم يرى من حامد سوى التبختر بمحاربة الفساد قبل اعوام عند مشكلته مع وزير المياة والبيئة نبيل الوزير والتي بدأت تلك الشعارات وانتهت عنده، لتستغرب اين ذهبت تلك الحملة التي اطلقها ".
وأضاف أن ما وصفها بحكايات الفساد ظهرت مع ما كان يعلنها المشاط "في خطاباته وخطط التقييم وما الى ذلك في كل مرة دون ان يرى المواطن توجه صادق للدولة في محاربة الفساد ومحاسبتهم".
واستدرك : "بل ان المؤسف ان يرى ويسمع عن تقارير لجهاز الرقابة والمحاسبة لفاسدين كان احدهم متورط ب11 مليار ريال في قطاع النقل والذي بدل ان يتم حماية وتكريم خالد العراسي الذي كشف ذلك تم اقصائه ورميه في المنزل بترقيه وهميه ومحاربته وحماية الفاسدين الذي كان يرفع بهم لجهاز الرقابة والمحاسبة".
وذهب نجل الخيواني لسرد بعض قصص الفساد ومحاربة من وقفوا ضدها، وتطرق إلى قضية نهب والبسط على فلة التاجر "محمد يحيى الحيفي" - قبل عامين- واعتقال نجله وتجميد أمواله، وقضايا موظفين آخرين، تعرضوا للاختطاف والتعذيب والفصل، على يد أحمد حامد نفسه.
كما تطرق نجل الشهيد عبدالكريم الخيواني إلى قضية إغلاق شركة برودجي واعتقال مديرها عدنان الحرازي ، وحرمان أكثر من 1200 موظف من وظائفهم ومصدر أرزاقهم في الشركة، إضافة إلى قضية "محمد الشهاري"، الذي تم استدراجه باتصال هاتفي تلقاه باسم وزير الداخلية، محمد عبدالكريم الحوثي، للحضور على أساس تكريمه على شجاعته في كشف ملفات فساد الطاووس وإدارة المجلس التنسيقي للشؤون الإنسانية التابع للجماعة، لكن الهدف كان اختطافه واعتقاله في مكان مجهول، قبل أيام ولم يتم الإفراج عنه حتى كتابة هذا التقرير.
وقال نجل الخيواني إن كل المعطيات تدل على صدق ما ينشر من تقارير حول الفساد، ودفع الناس لتصديقها، وتصديق حتى ما وصفها بـ"الإشاعات" والأرقام المبالغ فيها.
وأضاف "الناس لم تعد تريد الا سوى ما يفيدها وما يؤمن قوت يومها، ومياله لأسخف الاشاعات بسبب عدم ملامسة الدولة وحكومتها لابسط اهتمامهم واتخاذهم الوعود المستقبليه بحجج الحرب، وهم يلاحظون ويشاهدون اوضاعهم (القيادات) تسوى اكثر فأكثر رغم الهدنة وهذه الفتره الا هدنه والا حرب والتي لم تتحسن ابسط اوضاعهم، رغم دخول السفن لميناء الحديدة دون حجز وغرامات الى جانب عرض صنعاء للتخفيض الجمركي بنسبة 50% وتعرفة تسعيرة الدولار $ الواحد ب250 ريال في الجمارك والضرائب خلاف التعرفه في ميناء عدن".
وقال إن الناس صارت تنتظر الأخبار عن المفاوضات والمرتبات وغيرها ، من وسائل الإعلام التابعة للشرعية والتحالف، ولم تعد تثق بوسائل إعلام الجماعة.
وذكّر نجل الشهيد الخيواني، أن الناس تتذكر إعلان المشاط وأحمد حامد، ما يسمى بالرؤية الوطنية "بشأن صرف نصف راتب كل شهرين بعد فتح ميناء الحديدة خلال هذه العامين التي تحجج بتراجعه عن وعده بتسليم نصف المرتب كل شهرين بسبب اغلاق ميناء الحديدة بعد ان كانت تدخلها قله من السفن النفطية؟".
وأضاف: "انهم يتسائلون ان ميناء الحديدة صار يعج يوميا بالسفن النفطية والتجارية منذ عامين اكثر من ذي قبل فأين وعد المشاط ومشروعه الذي اعلنه ذاك اليوم. وهنا لا ادري الى اين ستستمر الاحداث وما سيتمخض نتيجة تجاهل وتعنت هذه الدولة المزرية". حسب تعبيره.
وكان محمد علي الحوثي سرب تقرير يتهم فيه جناح القيادي أحمد حامد، مدير مكتب رئيس ما يعرف بـ«المجلس السياسي الأعلى» بنهب ما يقارب 40 مليار دولار خلال السنوات السبع الماضية.
وكشفت مصادر عن بعض مضامين التقرير الذي اتهم جناح حامد بنهب 14.111 مليار دولار، من خزينة الدولة وعدد من صناديقها وحسابات مؤسساتها مثل التأمينات والمعاشات بشكل مباشر، وبنهب أموال أخرى تقدر بنحو 13 مليار دولار، بمسميات «المجهود الحربي» ورفد الجبهات وكفالة عائلات قتلى الحرب، وعائدات إيرادات قطاع النفط والغاز، والإضافات السعرية والضريبية والجمركية. طبقا لصحيفة الشرق الأوسط.
التقرير أعده بشكل سري 5 أعضاء فيما يسمى مجلس النواب الخاضع للحوثيين وعدد من العاملين في الجهات الرقابية الانقلابية الموازية مثل الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة والهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد، وجميعها جهات يسيطر عليها الانقلابيون الحوثيون، بإيعاز وتشجيع من قيادات في جناح محمد علي الحوثي، حيث كانت المؤسسات العمومية التي يسيطر عليها جناح أحمد حامد والأنشطة التي يشرف عليها، موضوعاً لذلك التقرير.
وذهبت اللجنة التي أعدت التقرير إلى أن الإتاوات والجبايات المفروضة على الشركات التجارية ورجال الأعمال وأصحاب المحال التجارية والمطاعم والمزارعين وملاك العقارات والمنازل تناهز 4.2 مليار دولار، باستثناء ما يجري تحصيله للمناسبات الدينية كعيد الغدير والمولد النبوي.
ووفقاً للمصادر، فإن اللجنة تحدثت عن 11 مليون دولار يتم جمعها في كل مناسبة، بينما تم نهب وبيع أصول عقارية ومنقولة من أموال الدولة بما يصل إلى 5.6 مليار دولار.
تأييد النهب ورفض الاستئثار
وأوضحت المصادر أن التقرير الحوثي تعاطى مع الممارسات غير القانونية مثل الجبايات والإتاوات غير القانونية والتبرعات الإجبارية لتمويل المناسبات الطائفية للجماعة، أو الإضافات السعرية والجمركية والضريبية؛ كإجراءات شرعية وقانونية، ووجه الاتهامات للقادة والمشرفين الموالين لجناح أحمد حامد بنهب الأموال وتوجيهها إلى حسابات بنكية خاصة، أو اكتنازها في المنازل.
وكان مقرراً أن تعرض نتائج التقرير أمام البرلمان الحوثي غير الشرعي ويتم الإعلان عنها لوسائل الإعلام، إلا أن ضغوطاً من أعلى هرم قيادة الانقلاب حالت دون ذلك، بحجة أن نتائجها وردود الفعل حولها لن تخدم الجماعة، وستؤدي إلى المزيد من الغضب الشعبي تجاهها.
وطبقاً للمصادر؛ فإن توجيهات حوثية عليا صدرت إلى محمد العماد، المحسوب على جناح محمد علي الحوثي، بعدم نشر أي أخبار أو تفاصيل عن التقرير في قناة «الهوية» التي يملكها ويديرها، خصوصاً أنه هو شقيق علي العماد الذي ينتحل صفة رئيس الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، وهو إحدى الجهات التي شاركت في إعداد التقرير.
وبحسب معلومات المصادر، فإن التقرير حاول تبرئة جناح محمد علي الحوثي والكيانات التابعة له من الفساد، وادعى أن الجهات الإيرادية التي يديرها هذا الجناح، ومنها على سبيل المثال الأوقاف والزكاة والمنظومة العدلية، تعمل على توريد ما تتحصله من مبالغ إلى البنك المركزي، على عكس ما تفعله الجهات والكيانات التي يديرها أحمد حامد.
وذكرت المصادر أن قياديين حوثيين فيما يسمى الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة والهيئة العليا لمكافحة الفساد، وهي الجهات التي تخضع لجناح الحوثي، التقوا مهدي المشاط، رئيس ما يعرف بالمجلس السياسي الأعلى (مجلس حكم الانقلاب)، وأبلغوه بما ورد في التقرير، في مساعٍ منهم لإحداث خلاف بينه وبين مدير مكتبه أحمد حامد؛ إلا أن المشاط رد عليهم بأنه سيحيل كل ما ورد في التقرير إلى حامد، وهو ما عده هؤلاء القياديون استفزازاً لهم ودافعاً للكشف عن نتائج التقرير.