المبعوث الأممي

المبعوث الأممي يدعو لرفع الحصار عن تعز وبدء عملية سياسية شاملة "نص الإحاطة"

قبل سنة 1 | الأخبار | اخبار الوطن

دعا مبعوث الامم المتحدة الخاص إلى اليمن هانس غروندبرغ الأطراف إلى الامتناع عن التصعيد الخطابي والاستمرار في استخدام قنوات الحوار التي تم إنشاؤها في إطار الهدنة من خلال لجنة التنسيق العسكرية والبناء عليها لتهدئة الحوادث.

 

وقال غروندبرغ -في احاطته التي قدمها مساء الاربعاء- أمام مجلس الأمن الأعمال العدائية على الجبهات في اليمن مازالت منخفضة رغم انتهاء الهدنة في أكتوبر الماضي.

 

وشدد على ضرورة فتح الطرق في محافظة تعز المحاصرة من قبل الحوثيين منذ أكثر من 8 سنوات، مشيرا إلى أن اليمنيين واليمنيات في تعز أحيوا الشهر الماضي ذكرى مرور 8 سنوات على إغلاق الطرق بسبب النزاع في وحول محافظتهم".

 

وقال "تذكرنا الذكرى القاتمة بالحاجة الماسة إلى فتح الطرق في تعز وغيرها من المحافظات لتسهيل حرية حركة اليمنيين واليمنيات".

 

وفي احاطته تطرق المبعوث الأممي أيضا إلى جهوده مع الأطراف والمعنيين الإقليميين، وقال إن الأطراف "تواصل إظهار الاستعداد للبحث عن الحلول، إلا أنه لازالت هناك حاجة إلى ترجمة ذلك إلى خطوات ملموسة، وخصوصا الاتفاق على طريق للتقدم يشمل إعادة بدء عملية سياسية يمنية جامعة".

 

وتابع "لن يكون هناك تحسنًا مستدامًا للوضع ما لم يجتمع الطرفان لمناقشة الحلول المستدامة للتحديات الاقتصادية والمالية لليمن والاتفاق عليها".

 

نص الإحاطة

 

شكرًا، سيدتي الرئيسة.

 

السيدة الرئيسة، شكرًا لك على إتاحة الفرصة لأحيط المجلس بآخر المستجدات في اليمن وحول جهودي في الوساطة من أجل التوصل إلى اتفاق بين الحكومة اليمنية وأنصار الله يضع اليمن على مسار إنهاء النزاع بشكل مستدام.

 

اسمحي لي أن أبدأ إحاطتي بتجديد إدانتي لاغتيال موظف برنامج الأغذية العالمي مؤيد حميدي في محافظة تعز في 21 تمُّوز/يوليو المنصرم. أقدم أحرَّ التعازي لعائلته، وأصدقائه، وزملائه في العمل. وأقولها بوضوح: لا ينبغي أبدًا استهداف العاملين بالإغاثة الإنسانية. إن أيّ خسارة للأرواح أثناء الخدمة الإنسانية مأساة غير مقبولة بالنسبة للأمم المتحدة وبالنسبة للمستفيدين من المساعدات المنقذة للحياة التي يقدمها المجتمع الإنساني.

 

فيما تنعى عائلة الأمم المتحدة فقدان مؤيد، أشعر بالارتياح إزاء إطلاق سراح خمسة موظفين أمميين كان قد تم اختطافهم في أبين في شباط/فبراير 2022، وأود التعبير عن امتناني لكل من ساهم في إطلاق سراحهم وعن تضامني مع موظفي الأمم المتحدة الآخرين الذين ما زالوا رهن الاحتجاز دون الإجراءات القانونية الواجبة في اليمن. وفي هذا السياق، دعونا لا ننسى محنة المحتجزين على خلفية النزاع الذين يتجرعون ألم الفراق عن أحبائهم وذويهم. وأحث الطرفين على الاستمرار في العمل عن كثب مع مكتبي لتحقيق هدف إطلاق سراح المحتجزين دون شروط وعلى أساس مبدأ "الكل مقابل الكل." وفي هذا الصدد، أتطلع لإحاطة أمة السلام الحاج من رابطة أمهات المختطفين.

 

السيدة الرئيسة، انتقالاً للحديث عن جهودي في الوساطة، استمر عملي مع الطرفين اليمنيين ودول الإقليم، حيث زرت الرياض الأسبوع الماضي وعقدت هناك اجتماعات مع رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي وغيره من كبار المسؤولين اليمنيين، وكذلك التقيت بمسؤولين سعوديين رفيعي المستوى. وسافرت إلى مسقط هذا الأسبوع حيث عقدت اجتماعات مع ممثلي أنصار الله ومسؤولين عُمانِيين رفيعي المستوى. وكذلك عقد مكتبي لقاءات عدة خلال الأسبوعين الماضيين مع مسؤولين حكوميين في عدن وممثلين عن أنصار الله في صنعاء. مازالت الأطراف تبدي استعدادًا عامًا للبحث عن الحلول، لكنَّ يظل هذا الاستعداد بحاجة إلى أن يترجم إلى خطوات ملموسة، خصوصًا فيما يتعلق بالوصول إلى اتفاق واضح حول طريق للتقدم يشمل إعادة البدء في عملية سياسية يمنية جامعة.

 

السيدة الرئيسة، رغم انتهاء الهدنة في شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، لم تعد الأعمال العدائية على الجبهات إلى مستويات ما قبل الهدنة، كما انخفضت أعداد الإصابات بين المدنيين انخفاضًا كبيرًا. إلاَّ أنَّ القتال المتقطع وتبادل النيران مستمران على بعض الجبهات خاصة في تعز ومأرب والضالع والحديدة وشبوة وصعدة.

 

إزاء هذه الخلفية، هناك تهديدات علنية بالعودة إلى الحرب، وهو خطاب لا يساعد في المحافظة على بيئة مواتية لوساطة مثمرة. ولذلك، أدعو الطرفين إلى الامتناع عن التصعيد الخطابي وإلى الاستمرار في استخدام قنوات الحوار التي أنشأتها الهدنة من خلال لجنة التنسيق العسكري والبناء على هذه القنوات لخفض تصعيد الحوادث.

 

السيدة الرئيسة، اسمحي لي الآن أن أنتقل إلى الوضع الاقتصادي الذي يزداد تدهورًا. فما زال كل من الطرفين يلجأ إلى تطبيق تدابير اقتصادية عدائية بهدف إضعاف الطرف الآخر، إلا أن هذا السلوك يؤدي لتأذي المدنيين في المقام الأول، ويفاقم من زعزعة الثقة. لازالت الحكومة غير قادرة على تصدير المنتجات النفطية التي تمثل المصدر الأساسي لإيراداتها، وما زالت تجارة السلع والخدمات بين أجزاء اليمن المختلفة محدودة بسبب القيود وفرض الرسوم والضرائب الباهظة. كما يستمر التدهور في توفير الخدمات الأساسية، وبدأت محطات الطاقة الكهربائية بالتوقف عن العمل بسبب نقص الوقود، وتصل فترات انقطاع الكهرباء في عدن لمدة 18 ساعة في اليوم في جو الصيف الحار الخانق. كما هو الحال دائمًا، يتحمل المدنيون اليمنيون بمن فيهم النساء والفتيات وطأة العبء الأكبر لهذه التدابير وتبعاتها.

 

في خضم هذه الظروف العصيبة، يأتي الدعم الذي تعهدت به المملكة العربية السعودية في وقت سابق من هذا الشهر بمبلغ 1,2 مليار دولار أمريكي كخطوة مرحب بها. إلاّ أنه لن يكون هناك تحسنًا مستدامًا للوضع ما لم يجتمع الطرفان لمناقشة الحلول المستدامة للتحديات الاقتصادية والمالية لليمن والاتفاق عليها.

 

يظل التوسع في الرحلات الجوية من وإلى مطار صنعاء شاغلاً مُلحًا من أجل تخفيف عن بعض الضغط على المدنيين والمدنيات اليمنيين ممن يسعون إلى السفر للحصول على الرعاية الصحية أو فرص التعليم أو من أجل مباشرة الأعمال أو للم الشمل مع أحبائهم وذويهم. ويعني ذلك أيضًا ضرورة حماية استمرارية تشغيل شركة الخطوط الجوية اليمنية. علاوة على ذلك، فقد أحيا اليمنيون في تعز الشهر الماضي ذكرى مرور ثمان سنوات على إغلاق الطرق بسبب النزاع في محافظتهم وحولها. وتذكرنا هذه الذكرى القاتمة مجددًا بالحاجة الماسة إلى فتح الطرق في تعز وغيرها من المحافظات لتيسير حرية حركة اليمنيين واليمنيات ممن يواجهون قيودًا تحول دون تلبية حاجاتهم الأساسية ومشاركتهم في الفرص الاقتصادية.

 

يوفر غياب الاستقرار السياسي والاقتصادي بيئة خصبة لمجموعات التطرف العنيف، وتقلقني التقارير التي تفيد بارتفاع وتيرة نشاط المتطرفين مؤخرًا في محافظتي أبين وشبوة، وهذه تذكرة أخرى بتبعات الغياب الذي طال أمده لتسوية سياسية للنزاع.

 

السيدة الرئيسة، إن هشاشة الوضع وأثره على اليمنيات واليمنيين تأكيد على الحاجة الملحة للوصول إلى توافق على طريق المضي قدمًا. ويعمل مكتبي على الجمع بين الأطراف لمعالجة أهم أولوياتهم العاجلة من أجل بناء الثقة والتقدم نحو تسوية سياسة جامعة مستدامة. مستويات الثقة منخفضة والحلول الجزئية عرضة لخطر أن يُنظَر إليها على أنَّه يمكن عكسها وألّا تقدم ما يزيد عن انفراجة مؤقتة. ولهذا السبب، لازلت أسعى لمقاربة أكثر شمولية تتصدي إلى القضايا السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية على المديين العاجل وطويل المدى.

 

على صعيد القضايا الاقتصادية، يستمر مكتبي في بحث الخيارات مع الطرفين حول الطرق الأمثل لتلبية حاجات جميع اليمنيين واليمنيات بما يتضمن انتظام سداد رواتب موظفي القطاع العام في جميع أنحاء البلاد، وتحسين الخدمات، وتوفر السلع الأساسية بأسعار في المتناول، ومنظومة مصرفية قادرة على الاضطلاع بمهامها، وتيسير النشاط التجاري. وتظل قضية سداد الرواتب، بما يشمل مسألة مصادر الإيرادات، قضية محورية تحتم على الطرفين إيجاد حل متفق عليه. فلا ينبغي النظر إلى الموارد الاقتصادية على أنَّها معادلة صفرية، بل لا بد للطرفين من التعاون بدلاً من التنافس في سبيل التوسع في الفرص الاقتصادية من أجل رفاه جميع اليمنيين.

 

إضافة إلى ذلك، يستمر مكتبي، بناءً على منجزات الهدنة، في العمل مع جميع الجهات بشأن العناصر الفنية المطلوبة لتنفيذ وقف مستدام لإطلاق النَّار في جميع أنحاء البلاد. وعقد مكتبي خلال الأسابيع القليلة الماضية اجتماعات في صنعاء وعدن مع مسؤولين عسكريين وفاعلين في القطاع الأمني المحلي، بما شمل اجتماعات مع ممثلي أنصار الله في لجنة التنسيق العسكري سبقتها اجتماعات أخرى مع ممثلي الحكومة اليمنية. وأثني على جميع الجهات لاستمرار استعداداتها الداخلية لوقف إطلاق النَّار وأحث الأطراف على إحراز التقدم نحو وقف لإطلاق النار أكثر رسمية.

 

السيدة الرئيسة، يظل استئناف عملية سياسية جامعة يملكها اليمنيون برعاية أممية في القلب من جهود الوساطة التي أبذلها. وينبغي للعملية السياسية أن توفر مساحة تتيح لليمنيين من جميع أنحاء البلاد على تنوعهم مناقشة مستقبلهم وتقريره، كما ينبغي لها أن تمهد الطريق أمام المصالحة ومعالجة المظالم. وتؤكد الأصوات التي تعالت وزادت حدتها من المجتمع المدني والنساء والشباب بشأن القضايا الصعبة المتعلقة بالمصالحة والمظالم لتؤكد مجددًا أهمية إدماج مجموعات متنوعة من اليمنيين واليمنيات في العملية السياسية.

 

بمناسبة اليوم العالمي للشباب الذي يصادف الثاني عشر من آب/أغسطس، أود الاحتفال بالشباب اليمنيين لدورهم المحوري في السلام. يمثل الشباب أغلبية الشعب اليمني. وقد ضاعت سنوات مراهقة العديد من الشباب والشابات في اليمن في الحرب. في الاجتماعات التشاورية التي يعقدها مكتبي، غالبًا ما يشدد الشباب اليمنيين على التحديات المرتبطة بمحدودية القدرة على الحصول على العمل والتعليم، والمشاركة السياسية، بالإضافة إلى إلى القيود على مشاركة الشابات على الأخص في الحياة العامة.  رغم ذلك، تستمر الشابات اليمنيات والشبان اليمنيون في إرساء قواعد السلام بتصميم وعزم وإيمان راسخ في غد أفضل لبلادهم. وسيستمر مكتبي في العمل من أجل خلق مساحة لرؤى وأصوات الشباب وغيرهم من قطاعات المجتمع اليمني. 

 

السيدة الرئيسة، إن وحدة موقف هذا المجلس والمجتمع الدولي واستمرار دعمهم الثابت كان ولازال داعمًا مهمًا لجهودي في الوساطة. وقد قدمت التطورات الأخيرة فيما يخص خزان صافر العائم اثباتًا على النتائج الملموسة للدعم الدولي والتعاون متعدد الأطراف. فقد حال نقل الحمولة النفطية من خزان صافر العائم إلى سفينة جديدة حال دون وقوع كارثة بيئية وإنسانية. وأود بهذا الصدد تهنئة المنسق المقيم للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ديفيد غريسلي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي وشركائهما على هذا الإنجاز الكبير، كما أثني على دور الحكومة اليمنية وأنصار الله في تيسير هذه العملية.

 

واستشرافًا للمستقبل، سيبقى دعم هذا المجلس محوريًا لحث الأطراف على المحافظة على بيئة مواتية للحوار حول طريق التقدم والانتقال إلى سلام عادل مستدام يلبي تطلعات اليمنيات واليمنيين من رجال ونساء وشباب وشابات.

 

شكرًا السيدة الرئيسة.