خالد

الحوثي يغازل الجنوب ويتحفز للإنقضاض على ماتبقى من أراضي

قبل سنة 1 | الأخبار | اخبار الوطن

حين يكون الخطر الداهم يعم ولا يخص يشمل الكل ولا ينتقي، يمتلك شهية الإبتلاع بلا مفاضلة وفرز، حينها تصبح الخصومة بين الأطراف المستهدفة، مراهقة سياسة لا تقل خطراً عن العدو المتربص خلف ظهر الجميع، وترفاً ينم عن عدم الإحساس بالمسؤولية.

الحوثي هو ذاك الخطر الذي يتحفز لإكمال مابدأه بالإنقضاض على ماتبقى من أراضىٍ، لم يضع عليها بعد جزمته الطائفية البغيضة ، ويودعها في خزانة اطماعه التي لا ترسم حدودًا فاصلة بين كل المسميات السياسية والجغرافية ، فلا ميزة لشمال عن جنوب ، فكلاهما حق ممنوح له من الله ، ولا حوار تفاوضي مع احد فهو يحمل عقلية مُؤسطرة غير سياسية، يلغي الجميع ويجسد صورة النازية المحلية العاطلة عن الإبداع وغير المنتجة.

الحوثي يهدد أمن وسلام المكونات والمسميات والمشاريع المتصادمة ، هو يلعب على مرونة لا يملكها ويغازل الجنوب بمظلومية تسعينية هو أبشع منها، وهو نموذج للعقل المليشاوي الإلغائي النيروني المضطرب.

الغوص في وحل الخصومة يعزز من فرص إنجاز مشروع الحوثي الإقصائي ، والإستغراق بالحرب الكلامية يمنحه رئة ثالثة للزحف دون إنهاك لخطوطه أو الحاجة لإلتقاط نفس.

المعركة مع الحوثي تفرض على الفاعلين السياسيين والعسكريين، الكف عن الإستغراق بالمناكفة ، وإعادة ضبط ماكينات الخطاب الإعلامي، بإتجاه حقيقة أن هناك من الخصومات ما يمكن أن يؤجل ، وهناك من المماحكات ما يجب الإستغناء عنه ،وهناك من المشاريع والرؤى ما يوجب الإقرار بها بضمانات غير قابلة للنقض كحق الجنوب في تقرير المصير ، إقرار يبعث على طمأنة المخاوف وتسكين التوترات والتركيز على هدف محدد وغاية مشتركة ،وهي ضخ كل الإمكانات والتراص لهزيمة مشروع سلالي قادم من أضابير التاريخ ، بصراعاته وخلافاته الدموية، ولغته التقسيمية للمجتمع، على أساس فكر هابط نحن حسين وأنتم يزيد ،نحن الحق وانتم الشر المطلق ، نحن الدولة النقية وانتم ثلثي شعب يستحق الإبادة.

في إحصائية عابرة بالعين المجردة ، نكتشف أن كل الإعلام الشرعي الممول وإعلام بعض المكونات وحتى ماوراء الحدود ،قد أخلت مسؤوليتها من الحوثي وأنها لم تعد ترى فيه صورة العدو ،وأنها تصطف معه ضد عدو مفتعل هو الانتقالي ، ما يفسر الأمر أما بالغباء السياسي في رسم الأولويات ،أو التماهي مع مشروع الحوثي أو الإثنين معاً ،أي غباء يقود بالنتيجة إلى تعضيد المشروع الهيمني الطائفي.

خلف خطوط الحوثي هناك فراغات لا أحد يعمل عليها ، لا أحد يدعمها ، هناك تغول الفقر والقهر وهناك تململ القطاع الوظيفي المدني ،وخروجه من دائرة الصمت القهري الى المقاومة السلمية المدنية ، ترك هذا الفاعل بلا مؤازرة ، موقف كاشف للإنكفاء وعدم الإيمان بترابط القضايا وواحدية المواجهة، وكأن الشمال لا يعني احداً ، في حين أن الخطر سلسلة مترابطة الحلقات بلا إنفصام ، تبدأ شمالاً وتنتهي في الجنوب وأن لا أمن بظهر مكشوف. إجمالاً لا نصر بلا اصطفافات تجعل الحوثي يعاني ،وتسِّفه فكر معسكر بالسلاح ومشروع مدجج بالإستعلاء المرضي والخرافة.

على الجميع أن يعيد توصيف الحالة اليمنية على قاعدة الجنوب قضية عادلة ، والحوثي خطر إسقاطه غير قابل للإجراء.