اضطرت د. لمياء قاسم لمغادرة وطنها وحبها الأول اليمن وعمرها لا يتجاوز الست سنوات وجابت مدن عربية عدة بحكم عمل والديها. هي اليوم تحمل رتبة رائد في الجيش الأسترالي وملبورن “وطنها الثاني”.
بعد غياب زهاء 29 عاماً، عادت د. لمياء قاسم – اليمنية الأسترالية – إلى وطنها الأم الذي غادرته وهي طفلة. في رحلة عابقة بالذكريات، حدثتنا عن ذاك الحنين: “كانت الرحلة أشبه بالحلم. عاد لي شريط ذكريات والدي وجدي. لدي وفاء لأي أرض أسكنها ولكن ظروف الحرب في اليمن أجلت هذه الزيارة.”
وصلت لمياء وهي ما تزال إلى اليوم تتحدث اللهجة اليمنية وتتمسك بجذورها، إلى أستراليا وتحديداً إلى تزمانيا وهي في مقتبل مرحلة المراهقة: “في بداية مشواري هنا، كان قد صقلتني الحروب وخبرتي الحياتية أكبر من سنوات عمري. اللغة العربية ظلت أساسية في حياتي فوالدي رحمه الله كان لديه قاعدة الحديث بالعربية فقط في المنزل.”
كنا الاسرة العربية الوحيدة في بلدة Burnie في تزمانيا عندما وصلنا هناك في عام 2001
لا تنكر لمياء أن الأمور لم تكن بغاية السلاسة بعد أحداث 11 سبتمبر من العام الذي وصلت فيه العائلة لأول مرة ولكن مع ذلك لم تكن التجربة سلبية: “أنا أرتدي الحجاب وكنت أقرأ الفضول في عيون الناس. عندما تحترم أصلك وهويتك يشعر الطرف الآخر بالأمان تلقائياً.”
كان هناك أشخاص في تزمانيا لا يعرفون شيئاً عن العرب أو الحجاب. عملت بجد لشرح عاداتنا وتقاليدنا وحرصنا على احترام الآخر.
تخرجت لمياء في الإرشاد النفسي وحصلت على شهادة البكالوريوس وعملت كأخصائية نفسية في مركز صحة المرأة والإدمان على الكحول وبعد ذلك في مستشفى ملبورن الملكي.
وهي اليوم جزء من قوات الدفاع الأسترالية وتحمل رتبة رائد وتشعر بأنها في مكانها الصحيح رغم ما عانته من الحروب: “كان والدي لاجئاً سياسياً والدمار الذي عايشناه في اليمن جراء الحروب جعلني أكثر قدرة على التعامل مع الجنود بسلاسة ودون حواجز سواء للمنخرطين حديثاً أو العائدين من الخارج.”