تجاذب سعودي - إماراتي في أكبر محافظات اليمن، التي ظلت بعيدا عن الحرب، التي شنتها مليشيا الحوثي.
موقع المحافظة الإستراتيجي على بحر العرب، وبالقرب من الحدود السعودية، بالإضافة إلى ما تمتلكه من مخزون نفطي، أسباب لتنامي الصراع؛ للاستحواذ على المحافظة، التي تعد بمثابة البوابة الشرقية للبلاد.
منذ عام ألفين وخمسة عشر، حرصت الإمارات على التواجد في مدينة المكلا، وسيطرت على مطار وموانئ المدينة الإستراتيجية، وحوَّلت مطار الريان إلى قاعدة عسكرية، تتواجد فيها قوات أمريكية أيضا، وقامت بإنشاء معسكرات تابعة للمجلس الانتقالي، المطالب بالانفصال وإلحاق حضرموت بمشروعه الخاص بالقوّة.
تنبَّهت السعودية متأخرة لأهداف الإمارات بالقرب من حدودها، فمنعت وصول قوات الانتقالي إلى وادي حضرموت، ودعمت بقاء قوات المنطقة العسكرية الثانية، التي تم شيطنتها من قِبل الانتقالي والإعلام الإماراتي.
شهدت حضرموت تشكيل العديد من المكوِّنات القبلية والسياسية المنادية بتمكين أبناء حضرموت من إدارة محافظتهم، ونجحت تلك المكوِّنات في الحد من محاولات الإمارات عسكرة المحافظة، بالرغم من المحاولات التي قام بها الانتقالي الجنوبي، ومحافظ حضرموت السابق، فرج البحسني، الذي أعلن مؤخرا انضمامه للانتقالي، وللجناح الإماراتي في مجلس القيادة.
استخدمت الرياض وأبوظبي في صراعهما في حضرموت كل الأوراق، وتم تجاوز كل الخطوط الحُمْر، غير أن نباهة الحضارم وإيمانهم بضرورة الحفاظ على محافظتهم قلل كثيرا من حجم الخسارات، وحدة الاستقطابات وصراع كسر العظم.
في شهر مايو الماضي، استدعت السعودية المكوِّنات السياسية الحضرمية إلى الرياض، وجلبتهم بطائرتين عسكريتين، وبعد شهر من المداولات تم الإعلان عن تشكيل مجلس حضرموت الوطني؛ ردا على إقامة الانتقالي فعالية في مدينة المكلا، والتهديد باجتياح حضرموت بالقوة.
عاد أعضاء المجلس إلى حضرموت، وبعد خمسين يوماً تم إعادتهم جميعا إلى الرياض بعد أن تم تمكين المحافظ مبخوت بن ماضي، المقرب من أبوظبي، مشرفاً على المجلس، وأوكلت للمجتمعين في الرياض المصادقة على النظام الأساسي، والتحضير لحفل الإشهار بعد إقرار مسودة الوثائق الخاصة بالمجلس.
لم تسِر الأمور على نحو جيِّد في الرياض هذه المرَّة، كما جاء في بيان للهبة الحضرمية، التي اتهمت في بيان،
محافظ حضرموت، مبخوت بن ماضي، بممارسة الإقصاء والتهميش بحق قيادة وأعضاء الهبة الحضرمية في الهيئة التأسيسية لمجلس حضرموت الوطني.
البيان هاجم بشدة بن ماضي، واعتبره مسؤولا عمَّا وصفه بالانحراف عن المسار الطبيعي للتحضيرات لانعقاد المؤتمر التأسيسي للمجلس؛ باعتباره المشرف الأول على المجلس، وعلى تحديد المؤسسين الإضافيين.
سرد البيان جملة من الملاحظات على أداء الهيئة التأسيسية، لكنه لم يتطرق إلى الدور الذي قام به السفير السعودي، وهذا جزء من العمل السياسي، الذي يستند على قاعدة "اضرب الوطاف يفهم البغل".
الهبة الحضرمية قررت منح الرياض والمحافظ بن ماضي مهلة مدتها ثلاثة أيام لإصلاح ما وصفتها بالاختلالات، التي تسبب بها بن ماضي، ما لم ستعلن انسحابها من مجلس حضرموت الوطني، وهو تهديد ستكشف الأيام القليلة الماضية جديته، أو كونه مناورة داخل المعسكر الذي تدعمه الرياض في حضرموت.
المثير للانتباه، أن كل هذه التحركات تتم بمعزل عن مجلس القيادة الرئاسي والحكومة المغيَّبة في قصر معاشيق، الغارق بالمؤامرات والنزاع مع الانتقالي، في واحدة من المسرحيات التي تُدار من قِبل الرياض وأبوظبي