نار تحت الرماد.. مصير حكم الحوثي وذريعة المؤتمر
بقلم/ عبدالفتاح الحكيمي
المطالبة بصرف الراتب مؤامرة أمريكية صهيونية وخيانة وطنية عظمى, ومن العيب المطالبة بالراتب وتفكير الناس بالأكل والشرب أكثر من التفكير بالذهاب إلى جبهات القتال. كل ذلك يعني بمنطق الكهنوت الحوثي إما أن يموت الشخص جوعا أو صريعا.
أما أن المطالبين بالرواتب مجانين وحمقى فهذه صدق فيها محمد علي الحوثي عضو مجلس سياسي الإنقلابيين, لإن من لا يزالون يراهنون في استرداد حقوقهم على طغاة ولصوص أمثال هؤلاء, أو صدقوا إن معركة الحوثي هي صرف رواتب الموظفين, هؤلاء أكثر من أغبياء ومخبولين. ولإن المطالبة بصرف المرتبات هي شفرة خاصة بالخطة(ب) من الإنقلاب الثاني التي أعدتها السفارة الأمريكية بحسب رواية مهدي المشاط في تحرشاته بصادق أمين أبوراس فإنه حانت ساعة الصفر الحوثية لاستكمال ملف التصفيات والوجبات الدموية(ألمرحلة الثانية) ألخاصة بقيادات وقواعد المؤتمر الشعبي العام مع ضرورة توفير أكبر عدد ممكن من البطانيات الحمراء(ماركة ٤ ديسمبر ٢٠١٧م).
* إنتقامات داخلية*
فكلما تصدعت جبهة و تحالفات عبدالملك الحوثي الداخلية ابتداء من صعدة إلى صنعاء تظهر حاجة الجماعة إلى عدو مشترك يؤخر مصيرها الحتمي وسقوطها الوشيك, خصوصا بعد توسع أزمة الثقة الأمنية وحالات توجس القيادات من بعضها بعد الكمين المسلح القاتل منتصف يوليو الماضي ألذي قتلت فيه زوجة علي حسين بدر الدين الحوثي منتحل منصب قائد قوات النجدة في طريق عمران-صنعاء, وهو نجل شقيق عبدالملك الصريع حسين الحوثي, ألذي لا يعرف مصيره بعد إصابته القاتلة في الكمين, مع اتهامات مباشرة لدوائر القرابات العائلية المندمجة بزعيم الجماعة نفسه, خصوصا الأصهار والأعمام حيث يعجز عبدالملك عن موقف صارم يعرض أمنه الشخصي للخطر من أقرب المقربين.
تزامن ذلك مع عملية متناغمة وبطريقة مشابهة أودت بقائد عمليات منطقة الجوف ومرافقيه في اليوم نفسه. وتوسعت الإنتقامات والتصفيات خارج النسق القيادي العائلي لتشمل ثأرات قيادات المناطق في إب وعمران وما حدث في البيضاء مؤخراً من تصفية القيادي عبدالسلام جحلان وإصابة مرافقيه الذي عينته المليشيات بدلا عن أخيه الذي نفذ العملية ضده.
لم تحدث أزمة ثقة أمنية عميقة مشابهة بين قيادات الجماعة وبين عبدالملك الحوثي ورجاله الا بمصرع خبير الصواريخ الإيراني السفير حسن إيرلو الذي أدار معارك إسقاط مأرب الفاشلة, ثم قضي عليه بضربة طائرة أمريكيه بصنعاء, وأصيب عبدالملك الحوثي في الواقعة نفسها إصابة بليغة أقعدته واختفى لأشهر, ظهر بعدها منهك القوى وفاقد الثقة أكثر بكل من حوله خصوصا قيادات الأمن والإستخبارات والجهاز الخاص, وأسئلة كبيرة مرعبة في ذهنه وكيف تحدد مكانه مع إيرلو, ومن هم العملاء??.
والأسوأ من ما حدث عندما تتفكك وتنهار الثقة بالحلقة الأقرب من غرفة النوم. ولإن حجم الثأرات البينية يرقى إلى كم التصفيات الدموية الرهيبة التي مارسها الحوثي ضد قيادات الجماعة العسكرية والأمنية والمدنية الكبيرة من خارج العائلة نفسها الرافضة للوصاية والعبث الإيراني فلعل تصدع الحلف العائلي بين عبدالملك وإخوته وأعمامه وأصهاره الآن يغري قيادات أخرى داخلها وخارجها للتطلعات والطموحات أو الإنتقام الثأري للمغدور بهم, وكمون رغبة دفينة من بين أقطاب العائلة في الإنتقام.. والسبب الرئيسي هو التمييز العنصري والإنحياز الذي يمارسه زعيم الجماعة نفسه بين أبناء أخيه حسين وغيرهم وأعمامه وأصهاره
. * مؤامرة حقيقية *
ألمؤامرة على جماعة الحوثي حقيقية هذه المرة ومن داخلها لا من خارجها, لكن لا توجد ذريعة أفضل من المؤتمر الشعبي العام وقياداته لتصدير الأزمة الداخلية العميقة لتصعيد الإجراءات الأمنية القمعية التي يستهدفون بها أصحابهم قبل غيرهم وليس المؤتمريين بالضرورة الذين سهل عليهم الإجهاز على زعيمهم في السابق وتصفية بقايا قواته وتهميش وجودهم الحزبي ومشاركة بعض رموزه الصورية في سلطة الإنقلاب وتدجين معظمهم في حكومة الأنقاض التي بلا شغل ولا مشغلة.
ولم يتذكروا الشراكة الحكومية الوهمية والمنسية مع المؤتمريين المغلوبين على أمرهم إلا عندما أرادوا الهروب المخزي من مسؤوليتهم المباشرة إزاء المجاعة المخيفة التي تسبب بها نهب قياداتهم لمرتبات موظفي الحكومة والإيرادات العامة للدولة.
وعلى المؤتمريين الكف عن الشكوى لما حل بهم أو التضامن مع الغير. وليس من حل أفضل لمرتبات العاملين الآن سوى الإستيلاء على ممتلكاتهم الشخصية و أموال التنظيم لسداد المرتبات, وإذا تطلب الأمر فالبطانيات الحمراء والغبراء جاهزة أيضا, فالحوثة يعرفون شغلاتهم بدقة, وليس من شرعة دولتهم وسلطتهم منح حقوق الناس بل منعها ونهبها.
تجاهل الأستاذ صادق أمين أبوراس حجم المؤامرة الأمريكو-صهيونية على المسيرة القرآنية والبوارج والسفن الحربية وحشود المارينز العسكرية الضخمة في مياه اليمن الإقليمية التي طالما انتظرها رجال الرجال أنصار الله, وربما تسببت مطالبته الملحة بالمرتبات بتسديد ضربة استباقية للإعلامي مجلي الصمدي بدلا من ضرب القوات الأمريكية بحسب تعليق أحد المتفاعلين مع المهزلة.
كان على المؤتمريين تقدير الموقف الوطني ووضع الجبهة الداخلية للحوثيين خصوصا مع انشغالات كبار قياداتهم المباركة في الوقت الراهن بأكثر من معركة وغزوة استراتيجية داخلية مصيرية لا تختلف عن مواجهة و ملاقاة العدوان الأمريكي الغاشم, أبرزها موقعة أبي علي الحاكم الملحمية الراهنة في ضحيان صعدة للإستيلاء على أراضي وممتلكات أبناء القبائل الذين تداعوا ضد
الإنقلابيين, أو غزوة يحي عبدالله الرزامي المشابهة بمناسبة المولد النبوي الشريف للسطو على مزارع الرمان في صعدة نفسها, ربما لبيعها وتخصيص ثمنها لرواتب الموظفين!!.
وقد تغطي غنائم أراضي صعدة مع عائدات بيع مساكن المؤتمريين ومقرات وممتلكات الحزب المرتبات السابقة و اللاحقة. لا ندري كيف يستطيع الحوثيون هذه المرة وضعنا في حالة خطر وطني وكوني وداهم للتعاطف معهم, وما يبرر ويقود إلى طوارئ يبدأون معها بتمثيلية عدوان داخلي افتراضي يقومون بنهبه وتشليح ممتلكاته قبل الإنقضاض عليه وتصفيته.
لن يبقوا لأنفسهم في معركة السلب والنهب الداخلية التي بدأت مع قبائل صعدة ثم المؤتمر الشعبي العام وقياداته وقواعده ما يعين على منازلة الأساطيل الأمريكية والغربية.
وهل يستطيع عبدالملك الحوثي وعائلته وأصهارهم وأقاربهم اليوم بالتهديد والوعيد والإرهاب المعنوي والمادي وتعزيزات الطوارئ الأمنية المكثفة حشد أنصارهم المتململين والمفككين والمترقبين نهاية الصراع العائلي وصرفهم إلى خصوم وأعداء خارج بيت الجماعة العائلية نفسها. المسافات لم تعد كبيرة بين أن يقضوا على أنفسهم من الداخل أو أن عوامل خارجية متناغمة أوشكت على الإطباق عليهم.