رصد لأبرز محاولات "الحوثي" في طمس معالم ثورة 26 سبتمبر
ir="rtl">جرت العادة خلال سنوات ما قبل انقلاب الحوثية الإرهابية والذي تم في 21 سبتمبر 2014، أن تتزين صنعاء ومراكز المحافظات بالعلم الوطني، احتفاءً بذكرى ثورة 26 سبتمبر المجيدة من كل عام، التي تعد أهم الأعياد الوطنية في اليمن لتأسيسها النظام الجمهوري.. لكن ومنذ انقلاب المليشيا المشؤوم، والتي أدركت عظمة هذا اليوم في قلوب اليمنيين، فسعت إلى طمس كل المعالم الرمزية والآثار المتعلقة بالهوية الثورية سواءً المادية منها أو المعنوية، مستهدفة حتى أسماء الشوارع المسماة برموز وأبطال الثورة واستبعاد كل ما يرتبط بها وبالجمهورية.
في صنعاء العاصمة المحتلة، التي تقاوم بعنفوان وكبرياء جمهوري عتيد منذ احتلالها، لا تتوقف مساعي مليشيا الحوثي الإيرانية من محاولات اجتثاث رمزية ثورة 26 سبتمبر، ومحو كل ما له علاقة بها، باعتبار أن الرمزية السياسية لها هي صنعاء التي اندلعت فيها الثورة، ومنها أُعلن إسقاط الإمامة وسحق حكم الرجعية الكهنوتية، إلا أن تلك المساعي كانت كافية لتتحول معها ثورة 26 سبتمبر إلى عقيدة وطنية، ولتتعاظم مكانتها يوم بعد آخر نتيجة الشعور بالمخاطر التي تهدد بقائها، والمحاولات الحثيثة من ورثة الإمامة لطمس ميراثها.
حالياً وبالتزامن مع الذكرى الواحدة والستين لثورة 26 سبتمبر الخالدة، يجري استهداف الهوية الجمهورية بأشكال متعددة؛ ويطغى اللون الأخضر على صنعاء، بالأضواء والأقمشة والطلاء وغير ذلك من تقليعات السلالة، احتفالاً بما تسميه الحوثية الإرهابية "المولد النبوي" تحت يافطات تحمل شعاراتها المستقاة من معمميّ طهران وكربلاء، بالإضافة لعشرات المناسبات الطائفية التي ابتكرتها على امتداد أيام السنة، كأعياد مثل عيد الغدير "يوم الولاية" و"ذكرى الصرخة" و"استشهاد الإمام زيد" و"عاشوراء" و"قدوم الهادي إلى اليمن" و"يوم الشهيد" والحسينيات وغيرها، بديلة عن أعياد الثورات والمناسبات الوطنية، التي لم يسبق لليمنيين أن احتفوا بها طيلة العقود السابقة.
في مرمى الكهنوتية
منذ وهلة احتلالها صنعاء؛ شرعت مليشيا الحوثي الإيرانية بممارسة هويتها الكهنوتية في الانتقام من أبرز معالم ورموز الثورة السبتمبرية التي أطاحت بأجدادها المستبدين، واختارت في يناير 2015، أسماء 11 شارعاً رئيسياً؛ وعلى رأس القائمة شارع الزبيري، لتغييرهم بأسماء طائفية على شاكلة التسميات المشهورة في طهران وقُم الإيرانية، فمثلاً شارع الزبيري، حاولت تغييره إلى شارع ما يُسمى بـ"الرسول الأعظم".
كثفت المليشيا الحوثية من جهود تحركاتها الهادفة إلى إنهاء الميراث السياسي والثقافي والاجتماعي للثورة المباركة، وكان ميدان السبعين الذي ارتبط بحصار السبعين يوماً في صنعاء من قبل الإماميين وانهزامهم بعد ذلك على أيدي الجمهوريين، ويضم مجسم للجندي المجهول تخليداً لتضحيات شهداء الثورة، أحد المعالم التي أرادت الحوثية الانتقام منه ومحاولة طمس هذا الاسم من الوجدان اليمني بدفن الصريع صالح الصماد فيه وتغيير اسم الميدان واسم الحديقة باسم الصريع الصماد، في انتهاك سافر للدلالة اليمنية التاريخية والمواقع الرمزية الوطنية.
ولم يكن ميدان التحرير وسط صنعاء الذي يعد أحد أبرز شواهد الثورة ضد الإمامة، ويرمز إلى هزيمتها؛ بمعزِل عن حمى الانتقام الكهنوتية، فقد أطلقت عليه "ميدان الصمود"، ونصبت فيه مجسمات لطائرات مسيّرة وصواريخ إيرانية ، بعد أن سرقت "مارد الثورة" وهي الدبابة التي دكت قصر جدهم الإمام المستبد أحمد في 26 سبتمبر، وقامت بإخفائها من مكانها أمام مبنى المتحف الحربي، كما أقدمت في سبتمبر 2017، على نهب عدد من الصور التاريخية والوثائق المهمة الخاصة بأحداث اليمن وثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر، في المتحف الحربي واستبدلتها بصور وشعارات ليوم انقلابها في 21 سبتمبر 2014.
وحتى المؤسسات الحكومية تحاول الحوثية الإيرانية أن تطمس مسمياتها المرتبطة بالثورة؛ فمثلاً غيرت القصر الجمهوري الذي تحتله إلى ما يسمى "مقر المجلس السياسي الأعلى"، وغيرت اسم مدرسة الشهيد "جمال جميل"، أحد رموز ثورة 1948، ضد الإمامة وهو ضابط عراقي بارز عمل في صفوف حركة الأحرار اليمنية وأسهم ببسالة في الدفاع عن صنعاء بعد فشل ثورة 48 ليقدم حياته ثمناً لموقفه، غيرتها إلى مدرسة الصريع الصماد.
صنعاء.. جمهورية للأبد
رغم حالة الهستيريا الحوثية ضد الاحتفالات بذكرى ثورة 26 سبتمبر، ومحاولاتها البائسة في طمس مآثر الثورة السبتمبرية من العاصمة المحتلة صنعاء الشاهدة على نيّر كهنوتيتها رجعيتها، إلا أن كل محاولاتها تأتي عكسياً من خلال زيادة الاحتفالات الشعبية بذكرى الثورة سنوياً، وتشهد شوارع صنعاء ومنازلها وأحيائها زخم ثورياً يفوق الفعاليات الطائفية تفاعلاً وابتهاجاً، وقبل ذلك يزداد ارتباط اليمنيون بهذه الثورة وحبهم وتقديسهم لها كعقيدة وطنية، حيث يرون في المناسبة إرثاً نضالياً وحقوقياً ومقوماً أساسياً لحياتهم لا يجوز المساس بها.