مفاوضات

عادل الشجاع : ما تديره القيادة السعودية مع الحوثيين في الرياض يؤسس لحرب أهلية طويلة الأمد وليس حلاً ينهي 9 سنوات من الحرب

قبل سنة 1 | الأخبار | اخبار الوطن

لم تذهب إيران للتفاوض نيابة عن أتباعها بينما السعودية تتفاوض نيابة عن أتباعها 

د. عادل الشجاع 

ما يجري في الرياض يعد تسليم اليمن لإيران والإمارات ، وليس سلاما ينهي مأساة اليمن واليمنيين ، فلماذا الحوار على فتح بعض الطرقات وليس كلها ، ولماذا رفع كافة القيود عن مطار صنعاء وميناء الحديدة وليس عن كل المطارات والموانئ اليمنية ، ولماذا نقل البنك المركزي إلى دولة محايدة وليس محافظة يمنية مثلا ، ولماذا وقف إطلاق النار وليس السلام الدائم والعادل لكل اليمنيين ؟ 

 

ما تديره القيادة السعودية مع الحوثيين في الرياض يؤسس لحرب أهلية طويلة الأمد وليس حلا ينهي ٩ سنوات من الحرب ، وهنا يظهر واضحا كيف دفعت السعودية بأتباعها وأدواتها إلى معركة ليست من أجل اليمن بل كانت لأجل أهداف هذه القيادة والدفاع عن مصالحها ، ثم تخلت عنهم في وسط المعركة ولم تعطهم سوى الكلام والوعود ، بينما إيران تركت لأتباعها وأدواتها مساحة للتعبير عن أنفسهم ولم تحضر إلى الرياض للتفاوض نيابة عنهم ، فهي تحاول إظهار أتباعها بأنهم منتصرون ، في الوقت الذي تصر السعودية على إظهار أتباعها بأنهم عاجزون وفاشلون .

 

قبل اليمنيون بالسعودية ، رغم الاختلاف الجوهري في تركيبتها السياسية ، حليفا طبيعيا في مواجهة إيران وأتباعها الحوثيين الذين يجتهدون لغرس ثقافة الموت والاستشهاد في أوساط اليمنيين ، ومع ذلك لم تتح القيادة السعودية لأتباعها أن يكونوا مستقلي القرار حتى ولو شكليا ، كما هو حاصل مع أتباع إيران ، بل طالبتهم بالولاء المطلق ، فظهروا في تعاملهم وكأن البيعة لولي العهد السعودي هي الشرط الأساسي لهذه العلاقة ، وأصبحت القيادة السعودية تطلب من أتباعها من اليمنيين بما تطلبه من رعاياها السعوديين ، وهذا السلوك أسس لتبعية ممقوتة ، جعلت الشرعية منبوذة حتى من أنصارها .

 

وليس واضحا ماذا تريد القيادة السعودية من سياسة الإذلال والتصفية السياسية لمن تزعم أنهم حلفاؤها ، فقد أفرطت بالإساءة لهم ، فيما لم تقدم عليه إيران مع حلفائها أو أتباعها ، هذا السلوك ، ليس حكرا على اليمن ، فقد شاهدناه في لبنان وسوريا والعراق ، وكل تصرفات القيادة السعودية تدفع باتجاه إيران وتوسيع مصالحها ، حتى خلافها مع قطر صب في النهاية بدفع قطر للاتجاه نحو إيران .

 

كان بوسع السعودية أن تدعم السلام الشامل وتصر على الحوار بين اليمنيين ، بعد أن توحد قمامتها من المليشيات التي صنعتها الإمارات وهي تبنتها بالرعاية ودفع المرتبات ، كان من شأن ذلك أن يلقى تأييدا شعبيا واسعا وكان سيكون لها دور على قدر مرتفع من الأهمية ، إذا وجهت الدعوة للشباب اليمني والمرأة والأحزاب السياسية لتقديم رؤية مستقبلية لليمن والمنطقة ، قائمة على الازدهار والتنمية والانفتاح على الآخرين ، خاصة وهي ترى إيران والإمارات يعززون حضورهم برا وبحرا ويلعبون بأهم الأوراق في اليمن .

 

أخلص إلى القول ، إن ما يجري في الرياض ، لا يؤسس لسلام ولا لاستقرار ، لذلك يحتاج اليمنيون قبل ضياع الوقت إلى تأسيس تحالف وطني واضح التوجهات الاستقلالية السيادية يتحدث باسم اليمن ويحررهم من القبضة الإيرانية السعودية على حد سواء ، خاصة في ظل الطيش السعودي المستمر ، وأنه لم يبق لنا إلا ذرة كرامة ، بعد أن أضاعها أتباع السعودية وإيران والإمارات الذين أضاعوا حلم اليمنيين في صناعة وطن يعزز المواطنة ويبقي هذه الذرة .