ما هدف الحوثيين من "التغييرات الجذرية"؟
على وقع الحراك الإقليمي والدولي الرامي للتوصل إلى تسوية سياسية شاملة تُنهي الحرب اليمنية، بدأت بوادر أزمة سياسية جديدة متصاعدة في العاصمة صنعاء، بين الحوثيين وشركائهم في حزب المؤتمر الشعبي العام، جناح صنعاء، بعد الكشف عن خطوات المرحلة الأولى من "التغييرات الجذرية" التي أعلنها زعيم الحوثيين، عبدالملك الحوثي، الأربعاء.
وأقال ما يُسمى بـ"مجلس الدفاع الوطني" التابع للحوثيين، الأربعاء، "الحكومة" غير المعترف بها دوليًا في صنعاء، وكلفها بـ"تصريف الشؤون العامة العادية، ما عدا التعيين والعزل، حتى يتم تشكيل حكومة جديدة"، في استجابة لما تضمنه خطاب زعيم الحوثيين الأخير الذي أشار إلى تشكيل حكومة كفاءات وإصلاحات تتضمن السلطة القضائية.
*اتجاهين متوازيين*
وتأتي هذه الخطوة وسط مخاوف من توجّه الحوثيين نحو التفرد بالحكم وفضّ الشراكة مع حزب المؤتمر الشعبي العام بصنعاء، الذي استبق الكشف عن تفاصيل "التغييرات الجذرية" بإعلان تحفّظه عنها مساء الثلاثاء، ومطالبته بأن تستمد التغييرات مشروعيتها وقيمها من أهداف ثورة 26 سبتمبر، وفق بيانه.
ويرى خبير الشؤون الاستراتيجية والعسكرية علي الذهب، في حديث خاص لـ"إرم نيوز"، أن ما يهدف إليه الحوثيون من هذه الخطوة يسير في اتجاهين متوازيين، أولهما أنها "استهلاك إعلامي، ومحاولة لامتصاص غضب الشارع فيما يتعلق بالفساد والاستئثار بالسلطة والثروات".
وأشار إلى حدوث حالة تحوّل خلال الهدنة الأممية، بعد عودة الكثير من قادة مليشيات الحوثيين من الجبهات، "الذين وجدوا فوارق شاسعة بينهم كقادة ميدانيين وبين زملائهم من القادة الحوثيين الإداريين، المتخمين بالثراء في الحرب والذين باتوا يملكون إقطاعيات وأملاكا خاصة، ما تسبب في تذمّر الميدانيين الذين ظلّوا على مدى السنوات الماضية من جبهة إلى أخرى، وأعتقد أن خطابات الحوثيين الأخيرة وتصريحاتهم، تمهيد لإدخال عناصر ميدانية جديدة في الجانب الإداري، كمكافأة على جهودهم في الميدان".
وقال الذهب، إن الاتجاه الآخر الذي تهدف إليه خطوة الحوثيين الأخيرة، مهم جدًا، ويتمثّل في إعادة تفكيك مراكز النفوذ في مفاصل حكومتهم - غير المعترف بها - وأجهزة السلطة، في استهداف مباشر للمؤتمر الشعبي العام بالدرجة الأولى، كحليف للحوثيين، وفي ذات الوقت باعتباره مهيمن على كثير من مفاصل السلطة، بحكم خبرة كوادره في هذه المناصب خلال العقود الماضية.
*خطوة شكلية*
وخلال الأسابيع الماضية، تعالت أصوات موظفي القطاعات الحكومية في مناطق سيطرة الحوثيين، للمطالبة برواتبهم المتوقفة منذ العام 2016، وهو ما دفع رئيس حزب المؤتمر الشعبي العام بصنعاء، إلى دعم مطالب الموظفين، واتهام الحوثيين بممارسة الفساد.
ويعتقد رئيس تحرير صحيفة "عدن الغد" المحلية، فتحي بن لزرق، أن إقالة حكومة صنعاء والإعلان عن تشكيل حكومة جديدة، يهدف إلى إيهام الناس بأن هناك توجهات فعلية لإصلاح الأوضاع الاقتصادية والتنموية والمعيشية، بعد إعادة فتح مطار صنعاء وميناء الحديدة وما توفّره إيراداتهما، وأن هناك عملا جديدا لحكومة جديدة "وبالتالي يجب أن تتوقف المطالب مؤقتًا وأن تُمنح هذه الحكومة المزيد من الوقت، وهذا الوقت لن يقلّ عن عامين أو ربما ثلاثة أعوام".
وقال بن لزرق، في حديثه الخاص لـ"إرم نيوز"، إن الخطوة شكلية، "ولعل الحوثيين يستفيدون منها سياسيًا في مواجهة الأطراف الأخرى، خاصة إذا ما حدث إشراك لكل القوى السياسية ولو بطريقة شكلية".
وتابع: "لكن على أرض الواقع، لا أعتقد أن هناك شيء ما سيتغير، لأن الحوثيين محكومين برأس وزعيم واحد، وهو عبدالملك الحوثي".
*تكريس السطوة*
من جهته، أكد مدير مكتب مركز "south24" للأخبار والدراسات في عدن يعقوب السفياني، أن توقيت "التغييرات الجذرية" للحوثيين، غير بريء، "لأنه يتزامن مع الذكرى الـ61 لثورة الـ26 من سبتمبر، التي أطاحت بالحكم الإمامي وبأسرة حميد الدين، التي تشترك مع الحوثيين في النسب".
وقال السفياني في حديثه لـ"إرم نيوز"، إن هذا الإعلان، "هو بمثابة تمهيد يضع الأسس الأولى لدولة الحوثيين القادمة، وهذا يرتبط بالوضع السياسي الراهن والتفاهمات الأخيرة بشأن الأزمة اليمنية الناتجة عن الوساطة العمانية".
وبين أن مرحلة الهدوء والفراغ التي وصل إليها الحوثيين خلال فترة الهدنة الأممية التي أعلنت في إبريل/ نيسان من العام 2022، وما تلاها حتى الآن من مرحلة خفض التصعيد، "دفعتهم نحو تثبيت وتكريس سطوتهم في صنعاء".
- إرم نيوز