قد يقول البعض لماذا نكتب فقط عن هذا الجريح دون غيره من الجرحى المنسيين وفي الحقيقة ربما هناك جرحى آخرين فعلا بحاجة الى التفاته لانهم لم يلقوا العناية من جهات الاختصاص مقابل تضحياتهم ولكن دعونا نتعرف على مآساة هذا الجريح بحكم متابعتي لحالته منذ اصابته ووصوله الى الهند وربما تكون حالته اسوء من غيره وهذا الجريح هو الشاب امجد علي عبد الرحمن الذي دفعته الغيرة الوطنية منذ بداية الحراك الجنوبي للخروج مع كوكبة من الشباب الثائرين لمواجهة عتاولة الاحتلال التابعين للامن المركزي في محافظة لحج ، لم يخرج امجد من منزله لغرض الحصول على مصلحة شخصية او قطعة ارض بل الحرية والعزة والكرامة وحب الوطن كان السبب الرئيس لمواجهة المحتل مع كل الشرفاء من ابناء الجنوب الاحرار.
لقد كان امجد حسب قوله حريصا على المشاركة في كل المظاهرات التي تقام في لحج وعدن قبل الاصابة للمطالبة برحيل المحتل وفي احد المظاهرات وتحديدا في شهر فبراير 2010 شاءت الاقدار ان يكون امجد احد ضحايا رصاص الامن المركزي في لحج ، حيث تعرض إلى عدت طلقات من الرصاصات الحارقة وكانت متفرقة في ارجله واجزاء من جسده ونقل على اثرها الى مستشفى النقيب في المنصورة حيث خضع للعلاج في المستشفى ما يقارب اسبوعين وعندما استاءت حالته تم نقله إلى الهند مدينة بونا وكنت شخصيا حينها موجود في بونا نتابع اوضاع الجرحى بعد ان اكملت دراستي العليا حيث كان الجريح امجد حالته حرجه جراء الاصابات المتفرقة وما نتج عنها من مضاعفات على صحته وكنت اتابع شخصيا حالته مع الاطباء شبه يومي حيث خضع لاكثر من عملية جراحية حينها وقد بذلت جهود حثيثة من الاطباء لعلاج ساقه وللاسف كانت المفاجئة للجميع بقرار الاطباء ببتر ساقه الايمن بعد كل الجهود التي بذلت دون فائدة ، وما زلت اتذكر دموع والده في ذلك اليوم عندما تفأجئنا بقرار الاطباء الذي كان قرار نهائي لا رجعة فيه بعد ان تلفت رجله واستحالة علاجها.
إلى هنا بعد بتر ساقه وفقدان احد خصيتيه نعتبر الامر تضحية من اجل الوطن ولكن المآساة التي سردها لي هذا الجريح عند ما التقيت به بالصدفة قبل يومين في نفس مدينة بونا وبعد عشر سنوات بالضبط يقول فيها ان الجهات المعنية بالحراك الجنوبي حينها بما فيها المجلس الانتقالي حاليا او السلطة قد تخلت عنه رغم المناشدات المتكرره بتقديم يد المساعدة او حتى الحصول على راتب او وظيفة في الاجهزة الامنية يقتات منها لا سيما ونحن نعلم ان هناك اعداد كثيره قد حصلوا على ارقام عسكريه ورواتب وهم قاعدين في بيوتهم ومعظمهم لم يقدم شي للوطن مقابل ما قدمه هذا الشاب، مما دفع بوالده ببيع كل ما يملك من اراضي وسياره وبقالة كانت معه كل ذلك لغرض استكمال العلاج حسب قوله.
وحتى اللحظة وبعد عشر سنوات مايزال يتابع العلاج وعاد للهند لعدة مرات من اجل استكمال العلاج وقد خضع خلال هذه الفترة لاكثر من عشرين عملية جراحية وتركيب له رجل صناعية ومتابعة علاج الانجاب بعد الزواج بسبب الاصابات التي لحقت به، علما بانه حاليا قد تجاوز سنة وثلاثة اشهر في مواصلة العلاج في الهند وما زال حتى اللحظة في بونا ولكنه حسب قوله لم ينسى مساعدة بعض الاصدقاء والاقارب له من خلال ماقدموا من مبالغ ماليه ولكنها لم تحل غير جزء من المشكلة نظرا لحجم الخسائر الكبيرة طيلة عشر سنوات التي تفوق عشرات الاف الدولارات مع انه اعترف بصرف تذكرتين سفر وألفين دولار في السفرة الثانية من مكتب رئيس لوزراء حينها عبر احد الوساطات بالاضافة الى ما قدمه له الاصدقاء والمقريبن.
الرسالة التي يجب ان نوصلها لقياداتنا في الداخل وعلى وجه الخصوص قيادة المجلس الانتقالي هي ان تضحيات الشهداء والجرحى بحاجة الى عنايتهم ، فهل يعقل ان مثل هذا الجريح لم تلتفت الى مناشداته اي جهة بعد كل ما قدمه من تضحيات وهل يصعب البحث عن تكاليف علاجه مقابل ما قدمه لاجل الجنوب؟!!.