لاتزال التظاهرات التضامنية مع الشعب الفلسطيني تتواصل في اليمن والدول العربية بشكل واسع، مع دخول عملية طوفان الاقصى التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية يومها العاشر، وسط دور عربي رسمي خافت نحو القضية الفلسطينية، مقابل دعم غربي قوى للكيان الصهيوني لاقتحام قطاع غزة المحاصر.
وسقط في هذه العملية أكثر 1300 إسرائيلي، بينما أودي قصف الاحتلال المستمر على قطاع غزة بحياة 2670 مدنيا، و9600 مصابا بينهم نساء وأطفال
وصباح يوم السبت 7 أكتوبر 2023، شنت فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وعلى رأسها حركة حماس عبر ذراعها العسكري كتائب الشهيد عز الدّين القسام، ردا على الانتهاكات الإسرائيلية في باحات المسجد الأقصى واعتداء المستوطنين الإسرائيليين على المواطنين الفلسطينيين في القدس والضفة.
مع هذا الموعد التاريخي بالنسبة لمواطني الوطن العربي الذين اعتبروا هذا انجازا قوميا للمسلمين وردا على الكيان الصهيوني العابث بالأراضي الفلسطينية منذ عقود، تدفق المواطنين المحتفلين إلى شوارع أغلب الدول العربية بشكل لافت على الرغم من تمزق أوطانهم بالحرب والمعاناة الانسانية والازمات السياسية الطاحنة في بلدان الشرق الاوسط.
فاق التوقعات
وفاق مستوى التضامن الشعبي في اليمن عن نظيره في المجتمعات العربية، من خلال خروج مسيرات منددة بالاحتلال الإسرائيلي ومؤيدة للمقاومة الفلسطينية في المدن اليمنية، لكن الموقف الرسمي لم يرقى إلى مستوى الحدث، حيث خلت البيانات والتصريحات التي صدرت عن البرلمان والحكومة اليمنية المعترف بها دوليا من أي ذكر لعملية طوفان الأقصى وما تبعه من استهداف إسرائيلي وحصار كامل لقطاع غزة، وفق استاذ علم الاجتماع السياسي الدكتور عبدالكريم غانم.
ويقول "غانم" لـ"الموقع بوست" إن خروج اليمنيين هو تعبير عن مشاعرهم إزاء التطورات العسكرية في الأراضي العربية المحتلة وقطاع غزة، ورغبتهم بالابتهاج بتحرير كل الأراضي العربية المحتلة، وبناء الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.
تفاعل عربي
وظل التفاعل الشعبي العربي كبير مع هذا الحدث لا سيما في الأردن ومصر، بينما جاءت المواقف الرسمية العربية خجولة وغير مواكبة لمستوى التطورات التي تشهدها الأراضي العربية المحتلة، فباستثناء خطاب الملك الأردني عبدالله الثاني، والرئيس التونسي قيس سعيد، مشيرا إلى أن الخطابات والمواقف الرسمية العربية لم ترقي إلى مستوى الحدث، مقابل موقف الولايات المتحدة غير محدود لإسرائيل، حسب "غانم".
ويعول استاذ العلوم السياسية من الدول العربية التي لديها علاقات مع إسرائيل بالضغط على الدولة العبرية لمنع استهداف المبنى السكنية وإيقاف الحصار الكامل للقطاع، والتعامل مع الأحداث بعقلية "دولة وليست عصابة أو جماعة مسلحة"، من خلال التلويح بقطع العلاقات في حال لم تستجب للنداءات الإنسانية والسماح بدخول الشاحنات المحملة بالغذاء والماء والدواء لسكان قطاع غزة.
وطالب الدول العربية النفطية التلويح بخفض إمدادات الطاقة في حال أصرت أمريكا على التدخل المباشر في الحرب التي تشنها إسرائيل داخل قطاع غزة، مؤكدا هناك إبادة جماعية في قطاع غزة بدءا من قطع الكهرباء وإمدادات المياه والطاقة، وإغلاق كافة المعابر.
ويتوقع "غانم" تتجه المعركة بين حركة المقاومة الفلسطينية والجيش الإسرائيلي نحو الحرب طويلة الأمد، مرورا بالمستوطنات الإسرائيلية وجنوب لبنان، وصولا إلى مرتفعات الجولان والضفة الغربية.
القضية الفلسطينية لا تموت
ويعد خروج اليمنيين معبر على العرب والمسلمين اتجاه قضية مركزية، يجدون في أي محاولة يقوم فيها الفلسطينيون سداد أرضهم وتحقيق نصر في هذه المحاولة يعني حالة من المعنويات نتيجة للانتكاسات التي تعرضت لها خلال الحروب جيوش العرب في مواجهتها مع الكيان الصهيوني، يقول الباحث المتخصص بالشؤون العسكرية والاستراتيجية علي الذهب.
ويضيف "الذهب" لـ"الموقع بوست" أن عملية "طوفان الأقصى" تؤكد بأن قضية فلسطين لا يمكن أن تموت طالما هناك مقاتلين، مشيرا إلى أن هذه الأحداث لا تنعكس فقط على موقف العرب اتجاه القضية، بل على إراداتهم اتجاه حكامهم الذين يصفهم بالعملاء للغرب وهي طاقة ناعمة تحرك هذه الشعوب للانقضاض على هؤلاء الحكام.
ويؤكد "الذهب" أن هناك سيناريوهين لمسار العملية طوفان الاقصى يبدأ السيناريو الاول بالعنف من غزة والتقاء جزء منها الأجزاء المحاذية لجنوبي غلاف غزة تضيق المنطقة الساحلية، اما السيناريو الاخر هو السلام وتكون تهدئة ووساطة وشروط وعودة المسار التفاوضي.
ووافق الذهب رآى استاذ علم الاجتماع السياسي بان دول النفط قادرة على التحكم فيما يجري بفلسطين سواء بخفض إنتاجها للنفط أو توقيف تصديره أو ربط استمرار الإمدادات بالمطالبة باتخاذ سياسات وإجراءات معينة لوقف التصعيد اتجاه الفلسطينيين.
كما يؤكد على ضرورة تعليق الدول العربية جميع اتفاقيات مع الدول الاجنبية، وعقد اجتماعا يدعو إلى موقف دولي إسلامي ويضع اعلان مبادرة تكون الدول العربية طرف وإيجاد داعمة لعملية السلام من خلال التحالفات مع الاتحاد الإفريقي أو أي تكتل اتحاد إسلامي من الإتحاد الإفريقي تكتل الصين أو روسيا حاضرة فيه.
وطالب الباحث العسكري بمقاطعة المنتجات الاجنبية ومقاطعة اجتماعات منظمات دولية، مشيرا إلى أن الدول العربية لديها اوراق كثيرة بالأمكان أن تلعبها لدعم المقاومة الفلسطينية.