ما بين ثلاث روايات مختلفة، تظل الصواريخ التي تتحدث عنها القوات الأمريكية، وتؤكد اعتراضها من قبل القوات المرابطة في البحر الأحمر، محل بحث وتحرٍ لمعرفة الحقيقة خاصة وان الحكومة اليمنية لديها رواية أخرى حولها.
ومع كل تلك الروايات تظل الحقيقة الثابتة ان الملاحة الدولية في البحر الأحمر في خطر نتيجة التهديدات التي تشكلها الاسلحة الايرانية التي مُنحت لمليشيات الحوثي الارهابية ذراعها في اليمن، والتي عملت في الآونة الأخيرة على إعادة نشرها قرب السواحل الغربية للبلاد.
حشود وأسلحة في الحديدة
وفي هذا الاطار ذكرت مصادر عسكرية وأخرى محلية في محافظة الحديدة على الساحل الغربي لليمن، والواقعة تحت سيطرة مليشيات الحوثي، والمتواجد فيها بعثة الأمم المتحدة المشرفة على تنفيذ اتفاق ستوكهولم، بوجود عمليات إعدة انتشار ونشر أسلحة متطورة في العديد من المناطق الاستراتيجية المطلة على سواحل البحر الأحمر من قبل مليشيات الحوثي.
وأكدت المصادر، قيام المليشيات الحوثية بنشر منصات إطلاق صواريخ حديثة، وأخرى خاصة بالمسيّرات التي تم استقدامها مؤخراً من ايران عبر جهات تتبع الحرس الثوري الإيراني التي تمارس عمليات تهريب اسلحة ومخدرات ومواد ممنوعة إلى أذرعها في المنطقة "اليمن والعراق ولبنان وسورية".
ومن بين تلك الاسلحة، رادارات استطلاع بحري، وصواريخ بحرية، وألغام متعددة الاستخدام في السواحل واليابسة، فيما تم نشر صواريخ بعيدة المدى خلال الأسابيع القليلة الماضية في مواقع حوثية في سواحل محافظة حجة، شمال غرب اليمن.
ووفقًا للمصادر، فإن مليشيات الحوثي الارهابية استغلت الحرب الاسرائيلي الحالية على غزة، في عمليات حشد مقاتلين فيما اسمته "بالنفير لعون فلسطين"، وقامت بنقل العناصر التي حشدتها من مناطقها إلى مواقع لها في الحديدة وحجة، حيث يتواجد خبراء من الحرس الثوري وحزب الله من أشهر، للاشراف على تدريبهم.
وفي ظل التحشيد ونشر الاسلحة الايرانية في سواحل الحديدة وحجة، بالتنسيق بين ايران والحوثيين ذراعها في اليمن، تبقى الملاحة البحرية في البحر الاحمر وباب المندب تحت التهديد المباشر لتلك الأسلحة، كما هو الحال بالنسبة للحدود السعودية البرية والبحرية قبالة محافظة حجة.
تقارير دولية
وتزامنًا مع حرب غزة، ارتفعت وتيرة التقارير والتحذيرات الدولية حول تعرض الملاحة الدولية وطريق الطاقة، إلى مخاطر كبيرة نتيجة تحكم ايران وأذرعها في المناطق المحيطة بتلك الطرق الأكثر أهمية في العالم.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية، عن خبراء طاقة، ان ايران حتى وان بقيت بعيدة عن النزاع، فإنّ "الغرب قد يقرّر تشديد العقوبات عليها أو ببساطة تطبيق العقوبات الحالية بشكل أكثر فعالية"، وان ايران يمكن ان ترد عن طريق إغلاق مضيق هرمز الذي يعدّ منطقة عبور النفط الأكثر أهمية في العالم، حيث يبلغ التدفّق اليومي للنفط أكثر من 17 مليون برميل، وفقاً لشركة سيب للأبحاث، أو 30 في المئة من إجمالي النفط الذي يتمّ نقله بحراً، واستخدام عناصر الحوثي في اليمن في تهديدها اثناء عبورها مضيق باب المندب في البحر الأحمر غرب البلاد.
ووفقا للوكالة فإن رغم امتلاك السعودية والامارات من دول الخليج خطوط أنابيب لشحن النفط الخام خارج الخليج، من دون المرور عبر مضيق هرمز، فإن السلاح الايراني يبقى مهددا له من خلال أذرعها في العراق واليمن، كما ان ايران ستبقى تهدد مصالح الغرب من خلال استمرار تهديدها لمنشآت النفط السعودية، أحد المنتجين والمصدّرين الرئيسيين في العالم، والتي تم مهاجمتها سابقا من قبل ذرعها في العراق واليمن.
تحركات بن عزيز
وفي هذا الاطار، شكلت تحركات رئيس هيئة الاركان قائد عمليات المشتركة الفريق صغير بن عزيز، في سواحل محافظة حجة مؤخرا، نقطة مثيرة في ظل حديث مسؤول حكومي بأن الصواريخ والمسيرات التي تم اعتراضها من قبل بارجة امريكية قبل يومين في البحر الأحمر كانت تستهدف بن عزيز اثناء زيارته لمواقع عسكرية متقدمة في سواحل ميدي.
وكانت قيادة القوات الحكومية، أكدت عبر حسابها في "فيسبوك"، ان بن عزيز تفقد التشكيل البحري لقوات خفر السواحل المرابطة في ميناء ميدي بمحافظة حجة، والاوضاع الميدانية في المديرية وبعض الجزر اليمنية في البحر الأحمر التي تقع ضمن نطاق عمليات التشكيل البحري.
واشارت إلى ان زيارة بن عزيز التي ضمت محافظ حجة اللواء الركن عبدالكريم السنيني، وقائد المنطقة العسكرية الخامسة اللواء الركن يحيى صلاح، ومدير دائرة العمليات الحربية بوزارة الدفاع العميد الركن يحيى العيزري، وقائد محور علب-صعدة قائد اللواء 63 مشاة اللواء ياسر مجلي، كانت استطلاعية عبر زوارق بحرية وشملت عدد من الجزر في البحر الاحمر، للاطلاع على المواقع المتقدمة للقوات البحرية وتلمس أحوال المواطنين المقيمين في تلك الجزر.
وثمّن الفريق بن عزيز جهود قوات خفر السواحل في حفظ الأمن الوطني والقومي في النطاق والموقع الاستراتيجي الذي تتمركز فيه، وأدوارها الفاعلة في تأمين المياه اليمنية والممرات البحرية الاقليمية ومكافحة التهريب والتصدي لمخططات تنظيم جماعة الحوثي وداعمتها إيران الساعية لزعزعة الأمن الاقليمي والعالمي وتهديد خطوط الملاحة الدولية.
معلومات سرية
وفي هذا الاطار كشفت مصادر مطلعة، عن معلومات تفيد بأن الفريق بن عزيز حصل خلال زيارته الاخيرة إلى الولايات المتحدة، على معلومات سرية حول نشاط ايراني كبير في سواحل محافظة حجة، خاصة في الجزر المنتشرة في القرب من مديرية ميدي، الامر الذي دفعه بعد زيارته من واشنطن مباشرة لزيارة تلك المناطق للتأكيد من صحة المعلومات التي حصلها من مصادر استخباراتية امريكية.
ووفقا للمصادر، فإن استشعار ذراع ايران وعناصرها الاستخباراتية التابعة للحرس الثوري والمخابرات الايرانية، لخطر كشفها من قبل بن عزيز، قامت نفذت عملية اطلاق صواريخ ومسيرات تجاه الزوارق التي كان على متنها اثناء تفقده لشواطئ ميدي والجزر القريبة منها، في محاولة لاغتياله او تهديده للتراجع عن تلك الجزر التي تنشط فيها المخابرات الايرانية حيث تشير المعلومات إلى وجود مخازن اسلحة ايرانية متنوعة فيها.
مناطق اطلاق الصواريخ
من جانبها كشفت وكالة دولية، عن المكان الذي أطلقت منه مليشيا الحوثي الإرهابية، صواريخ وطائرات مسيرة، نحو مدمرة أمريكية، في البحر الأحمر.
وقالت وكالة أنباء شينخوا الصينية إن مليشيات الحوثي، أطلقت، يوم الخميس من مناطق سيطرتها في محافظة حجة شمال غربي اليمن عدة صواريخ وطائرات مسيرة مفخخة باتجاه البحر الأحمر.
ونقلت الوكالة عن مصدر محلي مسؤول قوله إن عناصر من مليشيا الحوثي أطلقت يوم الخميس عددا من الطائرات المسيرة من ساحل منطقة بحيص التابعة لمديرية ميدي على البحر الأحمر بمحافظة حجة.
وتابع المصدر في إفادته للوكالة الصينية أن الحوثيين أطلقوا أكثر من عشر طائرات مسيرة باتجاه البحر الأحمر، مشيرا إلى أن فريق الإطلاق غادر المنطقة عقب العملية مباشرة.
روية الوكالة الصينية، يؤكد ان المستهدف كان الفريق بن عزيز، وان زيارته كانت بالتنسيق مع الجانب الامريكي الذي اعترض تلك الصواريخ وافشل الهجوم عليه، مدعيا ان الهجوم الحوثي كان يستهدف اسرائيل للتغطية على عملية بن عزيز الاستكشافية لما تقوم به ايران في الجزر اليمنية.
روية الأمريكان
الجيش الأمريكي والمتحدث باسم الجيش الاسرائيلي علقا على تلك العملية، بالقول، "قامت القيادة المركزية للجيش الأمريكي وسفن تابعة للأسطول الخامس باعتراض عدد من الصواريخ الجوالة والطائرات المسيرة التي تم إطلاقها من اليمن. يشكل ذلك مثالاً على هيكلية الدفاع الجوي التي تم إنشاؤها في تلك المنطقة في الشرق الأوسط. ويدل اعتراض التهديد على القدرات الأمريكية في المنطقة.."
واعترضت المدمرة الأمريكية "يو إس إس كارني"، 3 صواريخ كروز والعديد من الطائرات بدون طيار، وفقًا لمسؤولين أمريكيين.ووفقًا للبنتاغون، كان الحوثيون المدعومين من إيران في اليمن هم من شن هذا الهجوم، ولم يكن يستهدف المدمرة نفسها. بدلاً من ذلك، يقول البنتاغون إن الصواريخ كانت تتجه شمالاً على طول البحر الأحمر، باتجاه إسرائيل.
ورغم أن البنتاغون لم يذكر بشكل قاطع أن ذلك كان هدف الهجوم، إلا أنه يصر على أن الولايات المتحدة ستستمر في التصرف بهذه الطريقة، إذا رأت آخرين يحاولون التورط في هذه الحرب بأي شكل من الأشكال، وأنها ستستمر في الدفاع عن نفسها وعن مصالح الجنوب والولايات المتحدة وشركائها.
رد فعل الحوثيين
وكما كان متوقعا منها فإن مليشيات الحوثي الايرانية، لم يصدر منها او قادتها أي تعليق حول عملية إطلاق المسيّرات والصواريخ، وهو ما يؤكد تنصلها وعدم قدرتها على مهاجمة القوات الامريكية او حتى شن هجوم على اسرائيل، وانما كان هجوما على بن عزيز داخل الاراضي اليمنية.
ووفقًا لمراقبين يمنيين، فإن الهجوم الحوثي كان يستهدف فعلا بن عزيز، وعدم تعليق الحوثيين عليه، يدل على وجود تحركات مشبوهة لعناصر ايرانية في الجزر اليمنية، والسواحل الغربية في حجة وشمال الحديدة، تشكل تهديدا حقيقا وكبيرا على الملاحة الدولية ودول الجوار، ولا تريد ان يتطور الموضوع حتى لا ينكشف حقيقة ما يجري.
ومن خلال المتابعة الدقيقة لردود فعل الحوثيين حول العملية، تم رصد تغريدة واحدة لقيادي حوثي يدعى "عبدالله بن عامر" على منصة "إكس" وهو يشغل منصب نائب مدير التوجيه المعنوي التابع للحوثيين، قال فيها "جديد الامريكي عن الهجوم اليمني القول ان السفينه الحربية اعترضت 4صواريخ و15طائرة مسيرة على مدى 9ساعات".
وتابع "الملفت الـ9ساعات فهل كنا أمام عدة عمليات ام عملية واحدة وهل العدد المذكور للصواريخ والمسيّرات كان لعملية1 ام لاكثر ثم لماذا لا يقوم الامريكي باخراج رواية نهائية ومتكاملة عما حدث؟".
ومن الملاحظ في التغريدة ان المليشيات تسخر من الرواية الأمريكية، ما يؤكد تنصلها من تلك الهجمات، ومحاولة حرفها عن حقيقتها استهداف بن عزيز، إلى انها محاولة لشن هجوم على القوات الامريكية والاسرائيلية وهو ما لم تقدر او تدعيه الجماعة ذات التوجه الايراني المخصص لقتل اليمنيين فقط، فيما اسرائيل وامريكا الحلفاء الاصليين لها، فلا يجب ان يستهدفون بالاسلحة فقط بالشعارات.