تحركات حوثية لا تهدأ لإخضاع حزب المؤتمر الشعبي العام لمخططاتهم، ومع فشلهم المستمر لجؤوا لمحاولة ابتلاعه، وذلك عن طريق إزاحة قياداته التنظيمية وتعيين أخرى موالية.
وقالت مصادر رفيعة في حزب المؤتمر الشعبي العام، أن مليشيات الحوثي الإرهابية كثفت من ضغوطها على حزب المؤتمر جناح صنعاء، لإجباره على تغيير قيادات عليا في بنيته التنظيمية الهرمية واستبدالها بقيادات موالية لزعيم المليشيات عبدالملك الحوثي.
المصادر قالت إن “زعيم المليشيات عبدالملك الحوثي طلب من قيادات حزب المؤتمر الشعبي العام جناح صنعاء إجراء تغييرات وصفها بـ(الجذرية)، وإنهاء وجود قيادات بارزة في الهيكل التنظيمي للحزب الذي ظل لعقود حاكما للبلاد”.
وجاء طلب زعيم المليشيات عبر رسالة شفوية أوصلها القيادي النافذ وذراعه الطولى بصنعاء، أحمد حامد، لقيادات حزب الرئيس الراحل علي عبدالله صالح العليا المؤطرة تنظيميا في اللجنة العامة، وهي أرفع هيئة تنظيمية في حزب المؤتمر الشعبي، وفقا للمصادر ذاتها.
إزاحة القربي وتعيين حازب:
وأوضحت المصادر أن “زعيم المليشيات طلب من قيادات حزب المؤتمر الشعبي العام فصل وإزاحة عدد من قيادات الحزب الموجودة في الخارج على رأسها الدكتور (أبوبكر القربي) وزير خارجية اليمن السابق إبان حكم الرئيس الراحل علي صالح، وهو أحد أبرز قيادات المؤتمر الفاعلة والتي ترتبط بعلاقات دولية واسعة”.
ويشغل القربي منصب الأمين العام المساعد لقطاع الإعلام في المؤتمر الشعبي العام جناح صنعاء، وتطالب المليشيات بإزاحته وتعيين القيادي حسين حازب بدلا منه، حيث يعد حازب من القيادات المؤتمرية الموالية لزعيم المليشيات وصوت الحوثي الأبرز داخل اللجنة العامة للمؤتمر، وفقا للمصادر.
وحسين حازب الذي يشغل حاليا منصب وزير التعليم العالي في حكومة الانقلاب غير المعترف بها بات أحد القيادات المؤتمرية ليس الموالية للحوثيين فحسب وإنما المدافعة عن توجهاتهم وقراراتهم وسياساتهم المذهبية والعنصرية تجاه المواطنين في صنعاء ومناطق سيطرتهم حتى تلك القرارات التي تستهدف قيادات محسوبة على المؤتمر، طبقا للمصادر.
ووفقا للمصادر فإن “قيادات المؤتمر الشعبي العام تتعامل مع القيادي الحوثي حازب باعتباره خائنا باع مبادئه وتنظيمه للحوثي مقابل الحصول على بعض الفتات من منصبه الحكومي”.
وبحسب المصادر فإن “زعيم المليشيات عبدالملك الحوثي سبق أن أرغم قيادات حزب المؤتمر في صنعاء على اتخاذ قرارات بفصل عدد من قياداته الموجودة خارج اليمن وتعيين قيادات مقربة من المليشيات بدلا منهم”.
إفراغ حزب “الملايين” من أجل التسويات:
وقال قيادي سياسي في حزب المؤتمر الشعبي العام بالعاصمة صنعاء -فضّل عدم ذكر اسمه، لاعتبارات أمنية-، إن التغييرات الجذرية التي يريدها زعيم المليشيات عبدالملك الحوثي تستهدف “إفراغ حزب المؤتمر جناح صنعاء من القيادات السياسية البارزة واستبدالها بقيادات موالية له”.
وأوضح، في تصريح خاص لـ”العين الإخبارية”، أن “زعيم المليشيات يريد التمكن من مصادرة قرار حزب المؤتمر بشكل كامل من أجل استخدامه كواجهة سياسية للمليشيات، وذلك استعدادا لأي تسوية سياسية قد تفرضها الجهود الدولية التي تقودها عمان والسعودية”.
وأشار إلى أن “زعيم المليشيات ينظر لحزب المؤتمر الشعبي العام جناح صنعاء وقاعدته الجماهيرية الواسعة في مناطق سيطرة الحوثي تهديدا مستقبليا له وخطرا قد ينفجر في أي لحظة كثورة شعبية مناهضة للانقلاب الحوثي”.
ودلل القيادي الحزبي إلى “مظاهرات اليوم الوطني التي شهدتها مناطق واقعة تحت سيطرة المليشيات احتفالا بثورة 26 سبتمبر/أيلول الشهر الماضي والتي أثارت فزع المليشيات من خروج شعبي يطيح بالحوثي ويبدأ من قلب صنعاء”.
وتشير التقديرات إلى أن عدد كوادر حزب المؤتمر الشعبي العام داخل اليمن وخارجه بلغ قرابة 7 ملايين، رغم أن العديد من هذه الكوادر لم تعد مرتبطة عمليًا بالحزب، إلا أن أنصاره ما زالت تنظر له كمنقذ للبلاد من مليشيات الحوثي.
صراع قديم:
ويرى سياسيون يمنيون أن الصراع بين حزب المؤتمر الشعبي العام ومليشيات الحوثي ليس وليد اللحظة وإنما يمتد إلى ثمانينيات القرن الماضي عندما تأسس الحزب مع بوادر ظهور المليشيات كنبتة خبيثة في خاصرة البلاد انطلاقا من صعدة.
وأعادت مطالب زعيم المليشيات بإجراء تغييرات جذرية في البنية الهرمية للحزب الصراع القديم بين المؤتمر والحوثي والذي يعد ليس وليد اللحضة، وإنما يمتد لسنوات طويلة منذ كان المؤتمر على رأس النظام ومحاربته للمليشيات في صعدة وطهر المحافظة منهم، ثم عادوا في عام 2011، وفقا للناشطة السياسية والحقوقية نورا الجروي.
وأوضحت، أن “تحالف المؤتمر الشعبي العام ومليشيات الحوثي استمر لعام واحد، وهي الفترة بين يونيو/حزيران 2016، حتى سبتمبر/أيلول 2017، بعدما فك الارتباط معهم زعيم الحزب علي عبدالله صالح والغدر به في ديسمبر/كانون الأول 2017”.
وأشارت الناشطة السياسية إلى أن “الهدف من هذا التحالف كان الحفاظ على مؤسسات الدولة”، مشيرة إلى أن “المؤتمر لا يزال موجودا عبر أعضاء مجالس محلية أو أعضاء برلمان في المناطق المحررة أو في مناطق سيطرة ميلشيات الحوثي وهناك أغلبية للمؤتمر في كل المناطق”.
ولفتت إلى أن “المؤتمر الشعبي العام هو حزب دولة وحزب نظام، ويدرك أنه يجب أن يقف مع الشعب، وخذلانه للشعب هو سقوط له في نهاية المطاف”.
واستشهدت الجروي بخطاب رئيس حزب المؤتمر الشعبي العام جناح صنعاء صادق أمين أبورأس في ذكرى تأسيس الحزب في أغسطس/آب الماضي الذي سجل موقفا في مرحلة استثنائية رغم محاولة الحوثيين طمسه بشكل أو بآخر.
وأوضحت أن حديث أبورأس كان عن مظلومية الناس في مناطق سيطرة مليشيات الحوثي والتي تعمدت عدم صرف الرواتب لأكثر من 7 أعوام، ووصل الناس إلى وضع مزر، فيما تنهب المليشيات الإيرادات وتفرض الجبايات والجمارك التي ارتفعت بنسبة 300%.
وأكدت “نعول كثيرا على الذين في الداخل من حزب المؤتمر جناح صنعاء حتى يتحد باليمنيين في الخارج لتطهير بلادهم من مليشيات الحوثي الإرهابية، التي تريد أن تحكم على دماء وأشلاء اليمنيين وجوعهم وفقرهم وتكرس سياسة القمع والإرهاب والجوع والمخافة والفقر”.
والمؤتمر الشعبي العام هو تنظيم سياسي تأسس بقيادة الرئيس الراحل علي عبدالله صالح في 24 أغسطس/آب 1982، وسيطر على الحكم فعليا حتى عام 2011 بقيادة زعيمه علي عبدالله صالح والذي غدر به الحوثيون في ديسمبر/كانون الأول 2017.
ومنذ تأسيسه وحتى هذه اللحظة، يُعد كل رئيس من رؤساء اليمن من قيادات الحزب بمن فيهم الرئيس السابق عبدربه منصور هادي الذي حكم اليمن منذ 21 فبراير/شباط 2012، وحتى أبريل/نيسان 2022، وكذا رئيس مجلس القيادة الرئاسي الحالي رشاد العليمي الذي يعد أحد أبرز رجالات الحزب.