قدم العديد من أشقائه قرابين للحوثي، وظل لسنوات أحد الأذرع العسكرية الوثيقة لزعيم المليشيات الانقلابية، لكنه مؤخرا تراجع دوره ليتم تعيينه في منصب هامشي، إنه القيادي الحوثي البارز علي سعيد جابر ملفي الرزامي، المكنى “أبو زيد”، الذي لعب دورا محوريا في تهريب الأسلحة لمليشيات الحوثي وظل لسنوات ضمن القادة العسكريين القلائل المقربين من زعيم المليشيات عبدالملك الحوثي.
كما أن عائلته “الرزامي” لعبت دورا كبيرا في انتشال الحوثيين بعد مقتل مؤسس الجماعة حسين بدرالدين الحوثي في الحرب الأولى في مران صعدة 2004، لتوجد هذه العائلة حاضنة للمليشيات من خارج السلالة الحوثية ووسط قبائل صعدة.
وبعيدا عن موقف ابن عمومته عبدالله عيضة الرزامي، الذي بات يمثل مصدر قلق لزعيم المليشيات بسبب تنامي نفوذه ومحاولته إحياء أمجاد حسين الحوثي في صعدة، شق علي سعيد الرزامي طريقه الخاص مستغلا قربه من زعيم المليشيات الحالي عبدالملك الحوثي، والذي لجأ مؤخرا إلى تهميشه وتعيينه في منصب شكلي لتحجيم نفوذه.
وعلي سعيد الرزامي هو المطلوب رقم 34 ضمن قائمة تشمل 40 قياديا إرهابيا باعتباره أحد المسؤولين عن تخطيط وتنفيذ ودعم الأنشطة الإرهابية المختلفة وتم رصد مكافأة للإدلاء بأي معلومات عنه تُفضي إلى القبض عليه أو تحديد مكان تواجده بمبلغ قدره 5 ملايين دولار.
وتقدم قصة علي سعيد الرزامي دلالة جديدة على عنصرية مليشيات الحوثي، التي تتعمد تهميش الأسر الموالية لها باعتبارها من خارج السلالة حتى وإن قدمت التضحيات الجسام في سبيل تمدد المشروع الطائفي للجماعة.
النشأة والتعليم:
علي سعيد الرزامي نشأ وتعلم في المدارس الدينية الحوثية التي أسستها المرجعيات الروحية قبل ولادة الجماعة منها جامع القاضي في بلدة “بني معاذ” بمديرية سحار، الذي كان يديره صلاح فليته وما يسمى مركز المصطفى الواقع في مديرية ضحيان شمال صعدة ومركز “الأنوار المحمدية” في “الرزامات” شرق المحافظة.
كما كان علي سعيد الرزامي من أوائل من وجههم مؤسس المليشيات حسين الحوثي بفتح جبهات قتالية في همدان صعدة، إلى جانب شقيقه “أحمد” المكنى “أبو هدى”، والذي يعد أحد كبار قادة الحوثي وعمل كمسؤول للحماية الشخصية لزعيم المليشيات لسنوات قبل أن يقتل لاحقا خلال المعارك.
ولعلي سعيد الرزامي العديد من الأشقاء غالبيتهم قتلوا، فيما لا يزال على قيد الحياة اثنان منهما هما:ملفي وحسين، وهذا الأخير أصيب في الحروب السابقة ووقع في قبضة المخابرات اليمنية قبل أن يتم إطلاق سراحه لاحقا.
وبحسب معلومات، فإن علي سعيد الرزامي خضع لدورات مكثفة في صنعاء وصعدة تحت إشراف الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني، وكانت أخطر أدواره في تهريب الأسلحة للمليشيات بالشراكة مع عناصر تنظيم القاعدة الإرهابي في محافظة الجوف.
وتشير المعلومات إلى أن زعيم المليشيات الحوثية اعتمد على الرزامي كذراع لتكريس نفوذه في بلدة “العقيق” وفي مناطق متعددة في “رزام همدان” في صعدة وكقائد لمحور كتاف إبان الحروب الست وحتى 2012.
وشارك علي سعيد الرزامي في اجتياح صنعاء ضمن أبرز القادة الذين اعتمد عليهم زعيم المليشيات قبل أن يتم إعادته إلى صعدة عام 2016، حيث أوكلت له مهمة حماية صعدة، المعقل الأم من السقوط في قبضة الشرعية والتحالف بعد أن تم فتح عديد الجبهات والمحاور نحوها.
وكان علي سعيد الرزامي يشغل منصب أركان حرب محور صعدة آنذاك وتولى المهام القتالية دفاعا عن معقل الانقلاب عبر تكتيك امتصاص الصدمات وخوض حرب استنزافية للجيش اليمني، وعقب دوره رقاه زعيم الانقلابيين إلى أركان حرب ما يسمى “المنطقة العسكرية السادسة” التابعة للمليشيات.
مهام عدة ومكافأة نهاية خدمة:
وفي عام 2017، دفعت مليشيات الحوثي بعلي سعيد الرزامي إلى واجهة المشهد ضمن قيادات عدة استهدفت تضليل الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح عقب انتفاضة 2 ديسمبر/كانون الأول وكان له دور محوري فيما يسمى “لجنة التهدئة” التي خدعت صالح قبل أن يتم اغتياله وإخماد الانتفاضة.
وفي أواخر 2018، دفعت المليشيات بعلي الرزامي إلى الواجهة مجددا وهذه المرة كعضو فيما يسمى “لجنة الحديدة” لإعادة الانتشار برعاية أممية بموجب اتفاق ستوكهولم والذي استغلته المليشيات لتثبت سيطرتها بالقوة على المحافظة الاستراتيجية المطلة على البحر الأحمر.
وأواخر العام 2022، جردت مليشيات الحوثي علي سعيد الرزامي من كل مناصبه العسكرية بدون ضجيج وعينته في منصب وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية ليعمل في حكومة الانقلاب غير المعترف بها دوليا وهو منصب هامشي لا يرقى إلى مدى خدمة الرجل الطويلة للمليشيات.
وبحسب مصدر في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بصنعاء لـ”العين الإخبارية”، فإن الرزامي لجأ لتشييد كيانات بزعم تفعيل العمل التعاوني بهدف نهب قوت الفقراء واحتكار وتسويق وبيع المنتج الزراعي المحلي في الأسواق اليمنية.
كما أفرغ صندوق الرعاية الاجتماعية من أمواله ونهب حتى صندوق رعاية وتأهيل المعاقين الذي بلغت مخصصاته العام الماضي 3 مليارات ريال يمني ولم يعرف مصير هذه الأموال حتى اليوم في ظل وضع مزر يواجهه المعاقون بمناطق الانقلاب.