فجع الوسط القضائي والحقوقي بالرحيل المباغت للقاضي الباحث وفقيه القانون الدكتور عبد الملك الجنداري عضو المحكمة العلياء وعميد معهد القضاء ورئيس هيئة التفتيش القضائي الأسبق ؛
كان الفقيد رحمه الله صاحب مقدرة فائقة على البحث العلمي وقد قدم لمجلس القضاء العديد من الدراسات التي تتضمن تصورات جادة حول إصلاح القضاء والقوانين المتعلقة بذلك ، وواجب العزاء يدفع كل مهتم بالعدالة لأن يأمل من مجلس القضاء احترام جهود الفقيد العلمية ووضع الدراسات التي افنى جل عمره في اعدادها قيد المناقشة في المجلس واتخاذ الخطوات العملية لتجد طريقها إلى التنفيذ ، هذه هي الخطوة التي تخفف من وقع خسارة الوطن للكوادر المؤهلة سواء في مجال القضاء أو غيره فاليمن فقد في السنوات الأخيرة ويفقد الكثير من كوادره ، ولهذا فإن من المهم ان نجد طريقا للاعتراف بالجهود من خلال مواصلة ما يقدمه المفقودون من أعمال مادية أو معنوية لأن هذا هو الطريق الصحيح لبناء الأوطان لأن الاعمار قصيرة خاصة في البلدان التي يعاني فيها المبدعون مايعانوه من اجحاف وظلم ومهانة ،
ومن خلال القضايا التي كان للقاضي الزميل عبد الملك يرحمه الله اذكر في هذه التعزية على عجالة القضايا التالية :
1- خلال حرب 1994 التي أطلق عليها ظلما وعدوانا وزوراحرب الحفاظ على الوحدة ، أوحرب تعميد الوحدة بالدم وهذا من العجائب أي أن تعمد الوحدة بالدم بدلا من تعميد ها بالوحب والوفاء والاخلاص في العمل ، كانت جامعة صنعاء قد قامت بفصل ابرز دكاترة الفلسفة في كلية الاجتماع والفلسفة أو الفلسفة والاجتماع جامعة صنعاء عالم الفلسفة الذي درَّس في كثير من جامعات العالم وكان من القلائل الذين تفخربهم اليمن لما قدمه وطنيا وقوميا وعالميا المرحوم الدكتور ابو بكر السقاف الذي مات مهملا في موسكو، وكان قرار الفصل على إثر تعيينه وزيرا للتعليم العالي والبحث العلمي في الحكومة المؤقتة التي اعلن تشكيلها في الجنوب نتيجة اعلان الحرب مع العلم ان الدكتور السقاف كان غائبا في مهمة علمية باحدى الدول الأوروبية كأستاذ زائر ولاعلم له بالتعيين ، وقد رفعت دعوى الغاء قرار الجامعة لبطلانه أمام المحكمة المختصة محكمة غرب الامانة التي كان يرأسها الفقيد الذي كان حكمه مفاجئاً وسريعا قضى ببطلان قرار الجامعة وإعادة الدكتور السقاف إلى عمله، وصرف كامل مرتباته ومستحقاته كاملة ومثلها تعويض .
2- خلال حرب 1994 أيضا جرى تسليم بيوت بعض الأخوة من أعضاء الحزب الاشتراكي المحسوبين ضمن جناح الاستاذ علي سالم البيض الذين اطلق عليهم (الطغمة) لصالح آخرين من المحسوبين على جماعة الأستاذ علي ناصر محمد الذين اطلق عليهم (الزمرة) ، وإذا أخطأت في التسمية يمكن التصحيح وكان سحب البيوت من جماعة إلى أخرى شكليا بتوجيه من رئيس الوزراء وحين حضر محامي رئاسة الوزراء، أراد إخلاء مسؤولية موكلته بذريعة ان التوجيه كان بناء على توجيه من السلطات العليا يقصد رئيس الجمهورية، فتم طلب استدعاء رئيس الجمهورية بصفته وشخصه، وخلال الفترة بين جلستي المحكمة تم تسوية القضية بناء تواصلات وطلب الموكلين سحب القضية من المحكمة ،
3- قضية المرحوم عبد الحبيب سالم ضد مجلس النواب والخاصة بانتهاء عضويته حسب ادعاء المجلس وقد أصدر القاضي المرحوم حكما قضى بأن عبد الحبيب مازال عضوا، وعقب ذلك مباشرة وخلال مساومته بوظيفة دبلوماسية بديلة توفي في ظروف غامضة .
هذه فقط نماذج من القضايا الهامة التي تبين ان القاضي الجنداري كان من القضاة الذين يقدرون مكانة القضاء ويحترمون سيادته ويعون أهمية استقلاله ؛
رحم الله الفقيد والهم جميع أهله وذويه وزملائه ومحبيه الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
تمر الحياة كما يشتهي خالق الكائنات
يعود التراب إلى أصله
والروح تمضي من حيث جاءت.
الاسيف قاضي عبد العزيز البغدادي