تحدث الخبير العسكري الاستراتيجي، العميد الركن، محمد عبدالله الكميم، عن مدى إمكانية نجاح الجهود السعودية، لتطويع مليشيات الحوثي وإخضاعها للسلام، بالتزامن مع حديث عن خريطة سلام، تقودها المملكة لإنهاء الحرب باليمن.
وتحت عنوان: "هل تنجح السعودية في تطويع الحوثي واخضاعه للسلام ؟"، كتب الخبير العسكري مقالًا اطلع عليه المشهد اليمني، اليوم، قال فيه: "ندرك تماماً أن الأخوة في قيادة المملكة العربية السعودية تسعى بكل قوتها لإنهاء الحرب ولإحلال السلام في اليمن وخروجها من هذا الملف مع ضمان أمنها واستقرارها".
وأضاف أن المملكة تعمل "بكل دبلوماسية وصبر وحكمة في محاولات تطويع جماعة الحوثي الإيرانية، مع تقديم التنازلات لهذه المليشيات الارهابية والذراع الايرانية لتشجيعها في الانخراط في عملية السلام وفقاً لرؤية المملكة للسلام الشامل والدائم في اليمن ، وذلك كي يتيح لها التفرغ التام لتنفيذ مشروعها الطموح لرؤية المملكة ٢٠٣٠ م للنهوض الاقتصادي والسياحي".
واستدرك: "ولكن يا اشقائنا لتعلموا : أن الجمهورية اليمنية مارست ذلك الدور واستخدمت نفس الأساليب وقدمت تنازلات لم تنتهي ولم تتوقف في سبيل اقناع هذه المليشيات بانخراطها في العمل السياسي لتتحول لحزب سياسي والمشاركة كمكون يمني وفقاً للثوابت الوطنية والدستور اليمني وقوانينه النافذة" .
ولفت العميد الكميم، أن اليمن فعلت ذلك، عبر الحكومات المتعاقبة، في عهد نظام الرئيس الراحل، علي عبدالله صالح، إبان الحروب الست (2004 - 2020)، وكذا في عهد الرئيس السابق، عبدربه منصور هادي، وحكومة الوفاق الوطني، ما بعد 2011 - 2014، وكذلك بعد العام 2014.
وأشار إلى أن اليمن، بحكوماتها المتعاقبة، عقدت عشرات الاتفاقات والمواثيق، مع المليشيات الحوثية، وكل ذلك لم يجعلها تلتزم أو يشجعها على الانخراط في مكونات الشعب اليمني، بل كانت تعتبره نصرًا إلهيًا، مستندة في منهجها إلى الغدر والخديعة والتنصل من كل اتفاق - والحديث للعميد الكميم - .
وذكر أن المملكة كانت حاضرة وشاهدة على بعض تلك الاتفاقيات التي ضربت بها المليشيات عرض الحائط، ومضت في إشعال المزيد من الحروب والتمدد على الأرض والاستمرار في جرائمها وانتهاكاتها بحق الشعب اليمني "الذي يكاد يموت جوعا دون مبالاة من هذه الذراع الايرانية التي تسعى لطمس هوية شعب والحاقه بخرافة الولاية ليكون مستقبلاً احدى اسلحة الطعن في خاصرة المملكة التي تعتبر مشروعها الأهم في اسقاط المقدسات الاسلامية(الحرمين) والاستيلاء على الثروة الاقتصادية النفطية".
وقال: "وقد حذرناكم كثيراً محبةً وتقديرا لكم وحتى لاتقعوا في فخاخهم التي وقعنا فيها قبلكم، وتصلوا معهم في النهاية الى ماوصلنا اليها ومستمرين في التحذير من مشروعهم تجاهكم وان ارسلوا رسائل اطمئنان عبر وساطات وقعنا فيها أيضاً مراراً وتكراراً" .
وأضاف العميد الركن الكميم في مقاله: "ونؤكد لكم ان الحوثيراني ذراع ايرانية وجماعة حربية قتالية لها فكر سلالي عنصري ونظرية خبيثة تدعي الاصطفاء الالهي والتفوق العرقي وتعتبر كل مخالف لها مخالف لتوجيهات الله فيعتبر مباح الدم والعرض والمال ، جماعة لاتؤمن بالسلام بل تعتبره استسلام ، ولن تقبل بأي حلول مهما كانت ، وسيرفعون سقف طلباتهم في كل مرة ، وكلما تنازلت عن طلب تلقيتم طلب أعلى ولن يرضوا به ان وافقتكم ايضاً عليه مع رفض تنفيذ اي بنود تلتزم بها مغرقة لكم في التفاصيل متملصة بخبثها المعهود بل وستحملكم مسؤولية اي فشل لتحضر لمعركة جديدة".
وأردف: "جماعة "الحوثيراني" (وصف يطلقه الكميم على مليشيا الحوثي التابعة لإيران) ليس لمشروعهم حدود في اليمن ويعتبرون مسيرتهم عالمية وقائدهم الدجال خليفة المسلمين وولي الله وانه من سيحكم الحرمين ، بل ان دوراتهم الثقافية ومحاضراتهم الداخلية جزء من محطات التعبئة والتحشيد والتحريض ضدكم ، مع وعود مستمرة لاتباعهم بقصور ال سعود وال زايد وتعيينهم قادة وحكام في دول الخليج ، ولن يتوقفوا عن اذيتكم ابدا وان خدروكم الان حتى ينتهوا من الجغرافيا اليمنية ويلتهموها ، ولن يعدموا المبرر ولا الوسيلة للتحرش بكم ثم ادعاء المظلومية وحق الدفاع عن النفس عند قتالهم لهم".
واستطرد: "وقد رأيتم كيف استغلوا احداث غزة ليجعلوكم احدى اسباب عدم وصولهم الى فلسطين لتحريرها ونصرة غزة مستغفلين ومستحمرين قطاع واسع من قطيعهم الذي لايفهم ولا يعقل ، متهمين لكم بالتعاون مع الصهاينة وستكون تلك الذريعة احد اسباب التحريض واحد الذرائع للتحشيد ضدكم".
وتابع: "لقد قبلوا تحولكم لوسيط وهو خبث ودهاء منهم لتطمأنوا اليهم وضمان تحييدهم عن معاركهم ضد اليمنيين في المرحلة القادمة من جولة الصراع التي يحضر لها بعد خروجكم من اليمن".
وأضاف: "عموماً نبارك جهودكم ونثمن مواقفكم التي كانت دوما وستظل مع اليمن ، ولكن تأكدوا انهم لن يسمحوا لكم بالنجاح ابداً ، وتساعدهم امريكا الغير موثوقة ، فهي تغض الطرف عن افعالهم لتضمن شرائكم لأسلحتهم الدفاعية الفاشلة ، وابتزاكم بهم بشكل مستمر كشوكة لايريدون ازالتها من خاصرتكم وحتى لايسمحون لكم بالتفوق في موازين القوة ضد ايران ، لاستخدامهما ضدكم في الوقت المناسب ان ارادات اذيتكم".
وأتم مقاله بالقول: "وختاماً، فلتكونوا على حذر دائم ، أما نحن كيمنيين فمعركتنا مستمرة معهم حتى استعادة دولتنا ، سواء بكم او بدونكم ، بقيتم او خرجتم ، فإن انتصرنا فقد امنتم ظهركم وامنكم القومي وان خسرنا فلتستعدوا لمواجهتهم ، فحربكم معهم حتمية ولا جدال او نقاش في ذلك..".
وكانت صحيفة الشرق الأوسط، نقلت أمس عن مصدر يمني رفيع قوله إن التحركات الأخيرة في جهود السلام التي تقودها السعودية تتمحور حول خريطة السلام الأولى التي قُدمت في رمضان الماضي، بعد إجراء تعديلات وملاحظات عليها من الشرعية اليمنية والحوثيين.
وأكد المصدر نفسه للصحيفة أن مجلس القيادة الرئاسي اليمني اطَّلع قبل نحو شهر على مسودة خريطة السلام، وأجرى عليها بعض التعديلات والملاحظات، وأضاف المصدر –رافضاً الإفصاح عن هويته: «ما تتم مناقشته اليوم هو نفس خريطة السلام التي قدمها الأشقاء السعوديون في رمضان الماضي، حصل تقدُّم وعُرضت قبل شهر على مجلس القيادة لكنه رفض الصيغة المقدمة، وجرى التعديل عليها وأُرسلت الملاحظات».
في المقابل، اكتفى مصدر خليجي قريب من المداولات بالإجابة على سؤال حول اتفاق وشيك بالإشارة إلى أنه لا شيء تم حتى اللحظة.
ووفقاً للمصدر اليمني، فإن هنالك «رداً حوثياً، وهناك تعديلات قبلوا بها حول مسألة آلية الضرائب والجمارك في ميناء الحديدة وصرف الرواتب في الصيغة الأساسية الأولى لخريطة السلام».
وتشمل خريطة السلام الأساسية –حسب المصدر– تغيير الحكومة اليمنية أو إجراء تعديل وزاري حسبما يجري التوافق عليه، وأضاف: «الموضوع يشمل فيما بعد تغيير الحكومة، وهناك طرح حول مسألة تعديلات وزارية، كلا الأمرين مطروح ويحظى بنفس الدعم، وهو جزء من خريطة السلام».
وعن المتوقع خلال الأيام المقبلة، وما إذا كان هناك إعلان مرتقب لاتفاق سلام وهدنة طويلة، أشار المصدر القريب من الملف إلى أن ذلك يعتمد على المناقشات وطبيعة الرد الحوثي بشأن خريطة السلام وبنودها.
وأضاف: «الأمر يعتمد على الاجتماعات المقبلة، ورد الحوثيين... الدولة جاهزة وقدمت ملاحظاتها على الصيغة التي قُدمت، والأمل أن يكون هناك تجاوب حوثي، ولا أعتقد أن الحوثيين سيوافقون على كل ما طرح، ربما يقدمون تنازلات في بعض المواضيع ويرفضون أخرى».
في حال التوافق على الأمور كافة يقول المصدر: سيجري التوقيع على خريطة السلام لوقف الحرب في البلاد بحضور وفد الحوثيين، إلا أن ذلك «قد يحتاج إلى بعض الوقت»، على حد تعبيره. وتابع: «مجلس القيادة الرئاسي سوف يجتمع، وقد وصل بالفعل معظم أعضائه إلى الرياض».