الاقتصاد العالمي في حالة «صدمة» مع تزايد وتيرة تداعيات «كوفيد ـ19»

قبل 4 سنة | الأخبار | اقتصاد

وصف اقتصاديون ما يتعرض له الاقتصاد العالمي من اضطراب، نتيجة الانكشاف على مرحلة «الصدمة»، مع تزايد وتيرة تداعيات فيروس «كورونا» السلبي على مفاصل الاقتصاد العالمي، مؤكدين تفاقم الصدمة بسبب تزايد قيود السفر، فضلاً عن تنامي انتشار الفيروس، وتباطؤ استهلاك السلع الأساسية، وتقلُّص الطلب النفطي، وتراجع إنتاج ومبيعات السيارات، وانحسار الإنفاق على السياحة. في حين تشير تقارير اقتصادية إلى تقلص الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 1.3 في المائة، ما يعادل 1.1 تريليون دولار، يُعرّف مصطلح «الصدمة» في أدبيات التحليل الأكاديمي العلمي بوصول المؤثر إلى مستويات معرقلة أو معطلة للأنشطة الاقتصادية تنعكس على المؤشرات الكلية والجزئية بوضوح خلال تسلسل زمني ممتدّ. وإلى تفاصيل أكثر عن تداعيات «كورونا»، في مرحلة تشكّل الصدمة الاقتصادية على العالم...الصدمة الكبرى يرى المحلل الاقتصادي الدكتور خالد رمضان، أن الاقتصاد العالمي يتعرض في الوقت الراهن إلى ما يُوصَف بـ«الصدمة»، نتيجة تباطؤ وضح بشكل جلي في الأنشطة الاقتصادية، وانعكس على المؤشرات العامة لاستهلاك السلع الأساسية، وتقلُّص الطلب النفطي، وتراجع إنتاج ومبيعات السيارات، بالإضافة إلى تدهور الإنفاق على القطاع السياحي مع القيود الرسمية المفروضة على السفر. وبحسب رمضان، سيكون الترقب للبيانات الدقيقة حول التأثيرات الاقتصادية خلال النصف الأول من العام الحالي، باعتبار العامل الزمني في قياس التداعيات على أمل أن تتم السيطرة على الفيروس القاتل، وفقاً لبعض التنبؤات، بحلول مايو (أيار) المقبل. ومع توقعات بأن يشهد الاقتصاد الصيني نمواً بنسبة 2.6 في المائة فقط في النصف الأول من العام الحالي، يرى رمضان أن هذه النسبة أضعف وتيرة نمو في 30 عاماً، كما أن النمو ككل في الصين هذا العام سينخفض إلى 5.4 في المائة بدلاً من 6 في المائة، مع تفاقم قيود حماية الصحة العامة التي تؤدي إلى صعوبة عودة العمال لوظائفهم. ووفقاً لرمضان، سيتسبب ذلك في تعطيل سلاسل التوريد العالمية حيث وفقاً لآخر الأنباء، لا تزال مقاطعة هوبي موطن الوباء، التي تمثل قلعة صناعية بحجم اقتصاد دولة مثل السويد، خاضعة لحالة إغلاق جزئي، مما يعقّد مهمة استعادة الاقتصاد الوتيرة الطبيعية التي كان عليها في السابق، وعليه تتضح آثار الصدمة الاقتصادية.

بلدان الخليج ويتوقع رمضان تقلّص الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 1.3 في المائة، أي ما يعادل 1.1 تريليون دولار، مشيراً إلى أنه إذا ما توسع تفشي الفيروس واستمر حتى الربع الثالث من العام الحالي، فستواصل الأسواق العالمية اتجاهها الهبوطي المريع. وعلى صعيد دول الخليج، يبين رمضان أن النفط يساهم بنحو 81 في المائة في المتوسط، من إيرادات دول مجلس التعاون الخليجي والعراق، مشيراً إلى أنه سيؤثر ضعف الأسعار والطلب النفطي من الصين التي تُعدّ أكبر مستهلك عالمي للنفط على الإيرادات، كما سيتأثر قطاع السفر والسياحة بفعل قيود السفر، مستشهداً بمثال خليجي يتمثل في مدينة دبي التي استقبلت نحو مليون زائر من الصين في 2019. وأضاف رمضان: «الآن سيتقلّص هذا العدد بشكل كبير، وقد أصبح هناك غموض بشأن إقامة معرض (إكسبو دبي 2020). كما أن المخاطر الاقتصادية التي تواجهها سلطنة عمان ستكون أشد هذا العام، بسبب ضعف الطلب النفطي، وانكشافها على الصين، إذ تتجه نحو 45 في المائة من صادرات السلطنة إلى الصين».

 

المدى الجغرافي من ناحيته، يرى الدكتور عبد الرحمن باعشن رئيس «مركز الشروق للدراسات الاقتصادية» تشكّل حالة الصدمة في الاقتصاد العالمي، في تسبب انتشار فيروس «كورونا» بأزمات اقتصادية لم تستثنِ بلداً من حيث المدى الجغرافي، في ظل التحذيرات التي أطلقها مركز الأبحاث البريطاني «أكسفورد إيكونوميكس»، مع تحوّل المرض إلى وباء عالمي. وأوضح باعشن لـ«الشرق الأوسط» أن التقارير الدولية الصادرة في هذا المنحى، تشير إلى أن تفشي «الكورونا» سيؤدي إلى انخفاض الدخل العالمي بنسبة 1.3 في المائة هذا العام، أي ما يعادل 1.1 تريليون دولار من الدخل المفقود، بينما من المتوقع أن ينخفض النمو الاقتصادي في النصف الأول من 2020 إلى ما يقرب من الصفر، وستدخل منطقة الولايات المتحدة ومنطقة اليورو «فترات الركود الفني».

 

ديون وإفلاس ومن بين مظاهر تشكيل الصدمة الاقتصادية في العالم، وفقاً لباعشن، تتفاقم ديون العالم، حتى على مستوى الاقتصاديات الكبيرة، حيث التوقعات تلفت إلى أن التأثيرات السلبية لفيروس «كورونا» ستفرز حالة من إفلاس بعض الدول قريباً. واستشهد باعشن بـ«صندوق النقد الدولي»، الذي يرى أن الدين العالمي وصل إلى مستويات قياسية عند مستوى 188 تريليون دولار، بما يعادل نحو 230 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

 

نمو صفري من ناحيته، اتفق المحلل المالي عبد الرحمن العطا، مع الاقتصادي رمضان، على أنه من المنتظر أن يفشل الاقتصاد العالمي في النمو خلال النصف الأول ليسجل «صفراً»، مشيراً إلى معاناة الولايات المتحدة ومنطقة اليورو من حالة ركود فني، الذي يعني انكماشاً في الأداء الاقتصادي لمدة 6 أشهر، وذلك بفعل توقف إنتاج المصانع التي تفتقر إلى المكونات وقطع الغيار الصينية المهمة، ما يرسم بوضوح مدى الصدمة الاقتصادية. وتوقع العطا، لدى حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن تستمر وتيرة هبوط الأسواق العالمية، في ظل احتمالات ترجح بزيادة تفشي فيروس «الكورونا» ودخوله دولاً جديدة لم يصل إليها بعدُ، خلال الشهر المقبلة.